استهدفت قوات النظام السوري بقصف مدفعي، أمس، منطقة وادي بردى، حيث تفاقمت معاناة سكان دمشق، جراء انقطاع المياه منذ أسبوعين، مع استمرار المعارك في الوادي، خزّان مياه العاصمة، ما يهدّد الهدنة الهشّة التي دخلت يومها السابع. في الأثناء قتل 15 شخصاً على الأقل، جراء تفجير سيارة مفخخة في مدينة جبلة ذات الأغلبية العلوية على الساحل السوري. وتفصيلاً، قالت شبكة شام، إن قوات النظام استهدفت للمرة الأولى منذ بدء حملتها الشرسة على وادي بردى بقذائف وصواريخ محملة بغاز الكلور السام المحرّم دولياً قرية بسيمة، ما أدى إلى وقوع حالات اختناق بين الأهالي، ترافقت مع قصف بقذائف المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ منذ الصباح الباكر. وقالت المعارضة السورية إنها صدت هجوماً على وادي بردى، نفذته قوات النظام ومعها مجموعات أخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. ورغم وقف إطلاق النار المعلن بسورية، تسعى قوات النظام والميليشيات الموالية لها إلى بسط سيطرتها على منطقة وادي بردى الاستراتيجية، إذ تضم نبع الفيجة المصدر الرئيس لمياه الشرب، الذي يغذي العاصمة دمشق، ولا يبعد الوادي إلا 12 كلم شمال غربي العاصمة. وبلغ عدد الغارات الجوية على وادي بردى أكثر من 60 غارة، كان نصيب قرية بسيمة منها 50، وألقيت في الغارات براميل متفجرة وصواريخ فراغية وقنابل نابالم حارق على قرى الحسينية وكفير الزيت وبرهليا وسوق وادي بردى. ورداً على الحملة على المنطقة، قصفت فصائل المعارضة مطار الضمير ومطار الناصرية بمنطقة القلمون بريف دمشق بصواريخ غراد، وقد ردّ النظام باستهداف جبال البترا ومناطق في القلمون الشرقي. وتسببت المعارك بين قوات النظام ومقاتلين من «حزب الله» اللبناني من جهة، والفصائل المعارضة، والمستمرة منذ 20 ديسمبر الماضي، في انقطاع المياه عن معظم أحياء العاصمة منذ أسبوعين، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. ومع استمرار المعارك التي تشمل غارات تنفذها قوات النظام على وادي بردى، يعاني أربعة ملايين شخص في دمشق، وفق الأمم المتحدة، انقطاع المياه منذ أسبوعين. وبحسب المرصد، فإن انقطاع خدمة المياه عن دمشق نجم عن تضرّر إحدى مضخات المياه الرئيسة في مؤسسة عين الفيجة، جراء المعارك في وادي بردى. وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بالمسؤولية عنها. وأفاد المرصد السوري أمس، عن معارك متقطعة في وادي بردى، بعد ليلة تخللتها عشرات الضربات الجوية على أنحاء عدة في المنطقة، تزامناً مع قصف مدفعي وصاروخي تسبب في مقتل عنصر من الدفاع المدني. كما تعرضت بلدات عدة في الغوطة الشرقية ليلاً لقصف من قوات النظام تزامناً مع اشتباكات بين قوات النظام وفصائل معارضة موقعة على اتفاق الهدنة، ما تسبب في مقتل ثلاثة مقاتلين على الأقل، بحسب المرصد. وتزيد هذه الخروقات من هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه منتصف ليل الخميس الماضي، وينص على مفاوضات سلام مرتقبة الشهر الجاري في كازاخستان. ويرى المرصد السوري انه رغم هذه الخروقات «لاتزال الهدنة صامدة، لكنها في مرحلة حرجة». وأضاف المرصد «هذا ما كان يشكل حصيلة غارة واحدة قبل تطبيق الهدنة». ويرى المرصد السوري أن «طرفي النزاع يتجنبان التصعيد العسكري أكثر، لكيلا يتحملا أمام روسيا وتركيا، راعيتا الاتفاق، مسؤولية انهيار الهدنة وتداعيات ذلك». على صلة، دعت إيران أمس تركيا إلى عدم «تعقيد الوضع أكثر» في سورية، وذلك رداً على تصريحات وزير الخارجية التركي، الذي اتهم حلفاء إيران بالوقوف وراء الخروقات للهدنة السارية في سورية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إن «التصريحات غير البناءة للمسؤولين الأتراك تؤدي فقط إلى المزيد من تعقيد الظروف وزيادة المشكلات في طرق الحل السياسي للأزمة السورية». وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، حذر الأربعاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وحليفته إيران. وقال تشاوش أوغلو: «نرى خروقاً لاتفاق وقف إطلاق النار في سورية، وعناصر (حزب الله) اللبناني والميليشيات الشيعية وقوات النظام السوري هم من يقومون بها». وفي ريف حلب الجنوبي، أفاد مصدر بأن قوات النظام قصفت تسع قرى تزامناً مع صد المعارضة المسلحة محاولة قوات النظام وميليشيات متحالفة معها اقتحام مواقع عدة في المنطقة، كما اندلعت اشتباكات وصفت بالعنيفة بين الجانبين. وأكد المصدر أن حركة نزوح شهدتها القرى التي تعرضت للقصف. وقال مركز حلب الإعلامي، إن موجة نزوح كبيرة تشهدها قرى هوبر وبردة والبويضة والعوينات والواجد بالريف الجنوبي، إثر استهدافها بالمدفعيّة والصواريخ من لدن قوات النظام المتمركزة في جبل عزان. من جهة أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 15 شخصاً، جراء تفجير سيارة مفخخة أمس في مدينة جبلة ذات الأغلبية العلوية على الساحل السوري. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن «15 شخصاً على الأقل قتلوا جراء تفجير سيارة مفخخة قرب الملعب البلدي»، في المدينة الواقعة في جنوب محافظة اللاذقية، التي تتحدر منها عائلة الرئيس السوري بشار الأسد. وأوضح انه «لم يعرف إذا كان جميع القتلى من المدنيين، أم بينهم عناصر من قوات النظام، لوجود عدد كبير من الحواجز في المنطقة». وذكر التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل، أن التفجير نفذه «انتحاري بسيارة مفخخة» في شارع مزدحم في المدينة، حيث توجد قاعدتان روسيتان. وأحصى مقتل «تسعة وإصابة 25 مواطناً بجروح». وذكرت وسائل إعلام رسمية أن النيران اشتعلت في عشرات السيارات، وأن أضراراً لحقت بمتاجر أيضاً، نتيجة الانفجار.
مشاركة :