هل تذكرون كارثة مطاردة الهيئة بمحافظة بلجرشي لإحدى السيارات، والتي وقعت قبل سنتين تقريبا، تلك الحادثة الشنيعة التي ذهب ضحيتها قائد المركبة، فيما بترت يد زوجته بفعل الإصابة البالغة التي لحقت بها، فضلا عن تعرض أطفالهم لإصابات خطيرة، هل تذكرون مقدار الحزن والألم الذي انتابنا في ذلك الحين، وحجم الأماني التي راودتنا من أجل الكشف عن المتسببين ومحاكمتهم وإنزال أشد العقوبات النظامية عليهم، هل تذكرون حين جاءنا الفرج قريبا، بتشكيل لجنة عليا للتحقيق، والتي توصلت بكل حياد ونزاهة إلى إدانة أعضاء الهيئة لارتكابهم مخالفة التعليمات حين طاردوا سيارة المجني عليه وتسببوا في وقوع الحادثـة!! قبل أيام صدر الحكم الابتدائي في الحق العام لهذه القضية، وهو الحق الذي تتولى متابعته الجهات الرقابية والإدارية وتنحصر التهم فيه، بإساءة المعاملة باسم الوظيفة، وسوء استعمال السلطة، وقد تضمن حكم المحكمة الإدارية إدانة قائد دورية الهيئة وقائد الدورية الأمنية وسجنهما أربع سنوات (مع وقف التنفيذ)، فيما تم تبرئة خمسة متهمين نسبت إليهم ذات المخالفات وتبرئة ستة آخرين من جريمة التزوير في محرر رسمي، من جهته أبدى المدعي العام رغبته في الاستئناف لعدم القناعة بالحكم، فيما تحفظ ذوو المجني عليه ولم يبدوا رأيهم مكتفين بعزمهم رفع القضية في الحق الخاص أمام المحكمة الجزئية بمجرد انتهاء هذه القضية. بخلاف المحررات الأولية وتقرير الحادثة ونتائج اللجنة العليا المشكلة، هناك مستند جديد وقوي قد يعزز كثيرا من موقف الطرف المعترض ويدعم استئنافه لينقض الحكم، وهو التعليق الذي نشرته إحدى الصحف المحلية لأحد المتهمين (وهو بالتأكيد مسجل)، والذي أبدى من خلاله رضاه عن الحكم بتبرئته، قبل أن يعود ويقول إنه تحفظ في البداية على المطاردة ثم وافق عليها وأنه نادم على ذلك، خصوصا أنها أودت بحياة مواطن بريء وأضرت بزوجته وأطفاله تحت ذريعة ارتكابه منكرا لرفعه صوت جهاز التسجيل، لافتا إلى أن المنكر لا يزال بما هو أعظم منه، وأن واجب رجل الحسبة استلطاف المجتمع والتحبب إليه وتنبيه أفراده إلى المخالفة بأدب واحترام. إذا ما تم تأييد هذا الحكم من قبل محكمة الاستئناف الإدارية بالرغم من كل المعطيات التي أشرنا إليها، والتي تصور للمواطن العادي أن عقاب المتهمين وردعهم في مثل هذه القضايا مسألة وقت لا أكثر، فإن هذا يعني أمرا واحدا لا بديل له، وهو أن (الهيئة لا تهرول عبثا).
مشاركة :