جاءت أخيراً المعاجم الأمريكية بتعابير جديدة، وأكثَرَ الإعلاميون والمحاورون منها. ليست العبارة نداءً، كما يتبادر إلى الذهن، لكنها صفة وموصوف، تُطلق على الرجل الذي يقول دائماً "نعم" كما شرحها قاموس ويبستر عبر كلمة واحدة مُجزّأة لتوضيح طريقة نطقها. وكي أقرّب الموضوع أضع شرح القاموس بالإنجليزية، وهو: A person (especially a man) who agrees with everything ويمكن أن تنطبق على الموصوف كلمة "الإمّعة" باللغة العربية وهوالذي لا رأي له، مع كل الناس، ومع كل الاتجاهات، أي إنه منافق، ومصلحته فوق كل شيء، يجامل الناس جميعاً. ورأيتُ أدبياتنا تحمل النقد والسخرية من كل من لا رأي له. قال شاعر:- قالوا سَخيفٌ جاهلٌ سَمِج ٌ بَليدٌ إمّعَةْ يمشي وينطقُ صامِتاً كَنقيقِ أنثى الضُّفدَعَةْ ووجدنا كذلك من جانب أن كلمة "لا" بعد نعم مذمومة أيضاً. قال شاعر: - لا تقولن إذا مالم تُردْ = أن تُتمّ الوعد في شيءٍ نعم. حسنٌ قول نعمْ من بعد لا = وقبيح قول لا بعد نعمْ. وعند أهل مصر عبارة مُقاربة جدّاً لكلمة (ييس مان) تمام يافندم. وعندنا في الجزيرة والخليج كلمة "سَمْ " والأخيرة محل سخرية في العراق، وغالبا يرد عليها الجاهل بمعناها بعبارة "سُمْ في بطنك". وليس بالضرورة أن ينطبق ذم "نعم" على كل شيء في نقلنا وأدبياتنا. قال الفرزدق يمتدح علي بن الحسين بن علي: حمّال اثقال اقوام اذا امتدحوا + حلو الشمائل تحلو عنده نعمُ. ما قال لاقط ْإلا في تشهده + لولا التشهّد كانت لاؤه نعمُ. وبعيداً عن وصف الإمّعة المرحوم الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير المعارف الأسبق، وكنتُ أعمل في مكتبه سكرتيراً ومُترجماً، وأسمع الناس يقولون بعد الخروج من مكتبه ما قال "لا" في حدود ما يستطيع في تلبية طلب من جاء إليه بمعضلة لا يحلها الروتين. جعل الله ذلك في ميزان حسناته.
مشاركة :