إضاءات / فروغ فرخ زاد... شاعرة الطبيعة - ثقافة

  • 1/22/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال بحثي في مكتبتي الخاصة عن الكتب... التي كنت اقتنيتها من المكتبات أو جاءت لي عن طريق الإهداء... إلا أن الظروف لم تسمح لي بقراءتها، أو تلك الكتب التي قرأتها منذ سنوات وأحتاج إلى أن أعيد قراءتها مرة أخرى... عثرت على مجموعة شعرية صادرة عن دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع عنوانها «أعزف قلبي في مزمار خشبي» للشاعرة الإيرانية فروغ فرخ زاد. بصراحة كان العنوان لافتا والغلاف بسيطا يعطيك تمهيدا شعريا خاصا بأنك ستدخل في قراءة قصائد ملهمة لشاعرة أعرف أنها من الشاعرات المبدعات، والمجموعة قام بتعريب قصائدها الشاعر الإيراني موسى بيدج، ومراجعة استاذ اللغة الفارسية في جامعة الكويت الدكتور سمير أرشدي. جلست خلف مكتبتي وشرعت في تصفح الديوان ومن دون شعور مني وجدت أنني قد دخلت في التجربة وأن قصائد الشاعرة قد تملكتني، وكان من الصعب عليّ أن أبرح مكتبتي إلا وأنا قارئ لكل قصيدة في هذا الديوان، الذي أعطاني شعورا صادقا بقيمة القصيدة حينما تخرج من أحاسيس صادقة. كما أن الترجمة إلى العربية جاءت موازية لرؤى الشاعرة في النص الأصلي - هكذا كان إحساسي - وأنا أقرأ قصائد الديوان متنقلا بين قصيدة وأخرى، تقول الشاعرة في قصيدة تحمل عنوان الديوان نفسه: وهذه أنا امرأة وحيدة على عتبة موسم البرد في بداية فهم كينونة الأرض الملوثة الشاعرة - رغم صبغة الحزن التي تكتنف قصيدتها - إلا أنها ترسم صورا تعبيرية تتزامن في خيالاتها مع الحلم الذي تتطلع إليه، والذي يتمثل في رغبتها الجامحة في الخروج من مأزق الحزن والوحدة والكآبة التي تحاصر حياتها على أرض ترى أنها ملوثة، بينما تقول في قصيدة عنوانها «الطير هالك»: لا أحد سيعرّفني على الشمس لا أحد سيأخذني إلى ضيافة العصافير ضع الطيران على بالك فالطير هالك! اللافت في قصائد فروغ فرخ زاد أنها تعتمد على التصوير والتشبيه والخيال، أكثر من اعتمادها على الواقع، رغم أنها تتحدث عن الواقع، وهذه الميزة أسهمت في أن تكون للشاعرة خصوصيتها التي تبتعد كثيرا عن المعتاد والمتداول والسائد في منظومة الكتابة الشعرية. فالشاعرة تحتفي بالطبيعة في أشكالها الجمالية الكثيرة، وهو احتفاء متواصل مع زائقتها الشعرية القريبة من الوجدان الإنساني، ومن ثم فإن المضامين التي تبثها الشاعرة في فضاءات قصائدها تعبر بصراحة عن أزمة الإنسان مع الحياة وبالتالي الرغبة الجامحة غير المحدودة في التخلص من هذه الأزمة حتى بأفضح الخسائر، وطريقها في ذلك دائما ما كان ينصرف إلى تتبع مسارات الحرية التي هي الخلاص الحقيقي من الألم والشعور بالوحدة والضيق. صراحة قراءة قصائد ديوان فروغ فرخ زاد... منحني طاقة إيجابية، بعكس ما تحتويه هذه القصائد من محتوى يبدو حزينا أو قانطا، حيث إن هذه المشاعر السلبية وجدتها حافزا قويا لمشاعر إيجابية يمكن من خلالها التعرف على الحياة جيدا، فالشيء لا يعرف إلا بضده، فمثلا لن نعرف أن النهار مضيء، إن لم نعش فترات الليل المظلمة. * كاتب وأكاديمي في جامعة الكويت alsowaifan@yahoo.com

مشاركة :