كشفت مصادر في «التحالف الوطني» أن بعثة الأمم المتحدة في العراق تواجه «صعوبات جدية» في تقديم المساعدة لإنجاز «اللمسات الأخيرة» على مشروع «التسوية السياسية»، لمرحلة ما بعد «داعش». ويأتي ذلك في وقت لا تزال كتل نافذة في التحالف ترفض المشروع بشدة على رغم تفاؤل مسؤولين سياسيين وحكوميين بنجاحها. وقالت المصادر لـ «الحياة» أن حوارات أجريت الأيام الماضية بين أطراف مختلفة في شأن إنجاز الصيغة النهائية للتسوية، أظهرت صعوبات جدية في إقناع بعض الأطراف بالمشروع. وأوضحت أن «التحالف الوطني وصل إلى مرحلة اللمسات الأخيرة، لكن بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) تواجه مواقف متشددة من بعض الكتل، لا سيما في شأن من يشملهم الحوار عن التسوية». وأضاف أن «الخلافات داخل التحالف الوطني تتعلق في شكل أساسي بالحوار مع شخصيات حزب البعث المنحل، فضلاً عن جماعات لديها خلافات سياسية مع كتل داخل التحالف في شأن أحداث مدينة الموصل». وكان الأمين العام لجبهة الحوار، صالح المطلك، حذّر من وجود محاولات تستهدف تفريغ مشروع التسوية من محتواه واختزاله في تفاهمات شخصية. ووصف مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية، مبادرة التسوية السياسية التي طرحها التحالف الوطني بـ «الرصينة». وقال المستشار محمد سلمان في مؤتمر صحافي أن «التحالف الوطني اختار توقيتاً جيداً لإعلان هذه المبادرة»، موضحاً أنها «ستغطي جميع المبادرات السابقة». وقال سفير الفاتيكان في العراق، ألبيرتو أورتيغا، خلال مؤتمر صحافي في بغداد، أن «التسوية تخص العراقيين جميعاً، لكنها على الصعيد ذاته مهمة جداً بالنسبة للمجتمع الدولي». واعتبر المرجع الديني الشيخ قاسم الطائي أن العراق لا يحتاج إلى التسوية السياسية، مشيراً إلى أنها تشبه مشاريع المصالحة «الفاشلة» السابقة، على حد تعبيره. وفي وقت سابق، وصف «المجلس الأعلى الإسلامي»، مشروع التسوية بأنه «صيغة إنقاذية» للعراق، فيما أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنه لن «يزج» نفسه في مصالحات «مبنية على دماء» العراقيين، لكن رئيس البرلمان سليم الجبوري يراها ضرورية لتحقيق «وئام سياسي» في البلاد. أما ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه نوري المالكي، يعد أبرز المعترضين على مشروع التسوية السياسية. وقالت النائب عن الائتلاف، ابتسام الهلالي، لـ «الحياة» أن «دولة القانون لن يوافق على المشروع بصيغته الحالية نظراً إلى تدخل جهات خارجية، وشموله شخصيات متورطة بدماء العراقيين». ...والحكيم يدعو الى استثمار الانتصار العسكري لتحقيقها < جدد زعيم التحالف الشيعي، عمار الحكيم، دعوته إلى تبني مشروع التسوية و «التقارب بين العراقيين» بعد تحقيق «الانتصار النهائي» على تنظيم «داعش»، فيما وصف رئيس جماعة علماء العراق، خالد الملا، التسوية بـ «مشروع الخلاص». وقال الحكيم، خلال كلمته في مؤتمر الوحدة الإسلامية الذي عقد في بغداد أمس: «نحن على مشارف الانتصار، وننتهي من هذه المعركة الطويلة والمريرة المؤلمة التي قدمنا فيها الكثير من التضحيات وحققنا الكثير من المنجزات والمكتسبات، أهمها أن الشعب العراقي توحد على عدو واحد». وأضاف: «ضحينا وخسرنا الكثير من الموارد البشرية والمادية، لكن حصلنا على تأمين مهم وثقافة مجتمعية واسعة وعلى حصانات واسعة ضد العنف، وأصبح الخطاب الطائفي منبوذ ومن يتكلم هذا الخطاب يخسر رصيده المجتمعي». وأشار الحكيم إلى أن «التسوية والتقارب بين العراقيين مجتمعياً وسياسياً وخدمياً وتنموياً في كل المجالات، علينا أن نحقق هذه الوحدة ونقدم للشعب ما يستحقه، ولذلك نحن في لحظة تاريخية علينا أن نتخذ القرار الصحيح ونستثمر المعطيات العظيمة التي حصلنا علينا». وتابع: «هذه سنة الحياة، فالأمور لا تأتي مجاناً ونحن دفعنا فاتورة المكتسبات العظيمة، واليوم علينا استثمار هذه النتائج ولا نضيعها، ونحتاج إلى حكمة وتعامل من منطق العقل ومقتضياته أكثر من تعامل المشاعر والعواطف السريعة والانفعالات، اللحظة لا تتحمل مزايدات وقراءات أحادية، يجب أن نكون في حجم الحدث واستحقاقاته ونتخذ الخطوة الصحيحة التي توحد البلاد والشعب». وكان المرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، رفض التدخل في مشروع التسوية الذي يتبناه زعيم «التحالف الوطني» عمار الحكيم وامتنع عن مقابلة وفد التحالف الذي زار محافظة النجف الشهر الماضي. من جهته، قال رئيس جماعة علماء العراق الشيخ خالد الملا في كلمته إن «هناك فرصتين واحدة نجحنا بها وننتظر أن ننجح في الثانية، الأولى هي الحشد وتجربة الحشد الشعبي ودعم القوات الأمنية والمسلحة. اليوم الموصل تتحرر والجانب الأيسر تحرر بسواعد كل أبناء العراق». وأشار إلى أن «هذه فرصة نجحنا بها والفرصة الثانية فرصة التسوية وموضوع التسوية موضوع الخلاص»، منوهاً إلى أن «لدى السنة مشاكل يعانون منها، اجلسوا معهم تفاهموا معهم وأعطوهم رسالة الأمان أمام العالم، والشيعة عندهم مشاكل فمناطق الشيعة تتعرض بين الحين والآخر إلى تفجير وقتل ودمار اجلسوا مع الشيعة واعطوهم رسالة الأمان». وأكد رئيس جماعة علماء العراق أن «التسوية هي الخلاص بعد تحرير مدينة الموصل، ونحن كجماعة العلماء نتبنى موقفاً من داخل التسوية هو أن الطبقة الأولى من العلماء لأهل السنة هاجرت من البلد ودورنا أن تعود هذه المراجع ويعود العلماء وهو نجاح للعراق كله ونجاح للعراق يوم تأتي الطبقة الأولى وهذا لا يعني تهميش لأي مجموعة». وأضاف أن «لدينا مرجعية ومراجع تتحمل المسؤولية، إذ لدينا المجمع ودار الإفتاء والمجمع العالمي للتصوف وجماعة علماء العراق ومجلس علماء العراق وديوان الوقف السني، ويجب عليها أن تعمل لإعادة أكابر العلماء، فهناك علماء من أهل السنة يغيبون عن العراق، فما الذي يغيبهم؟ إذا كان المشروع التنافسي علينا الذهاب إلى المشروع الوطني والتحالف الوطني وننسق ونتحدث بأعلى أصواتنا ونقول إذا كنتم جادين بقضية التسوية فعلينا أن نبدأ بالعلماء الذين يشكلون ثقلاً علمياً وفقهياً يتصدى للتنظيمات المتطرفة». وأكد ممثل الوقف السني خضر الزيدي، أن «الحملة الإسلامية لمناهضة الغلو والتطرف والإرهاب وتطوير المناهج وتعديلها قد قطعت شوطاً كبيراً في تبيان وتوضيح هذا الفكر المتطرف الذي طرأ على أمة العراق وأمة المذاهب والمدارس الكلامية». وقال الزيدي في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس الوقف السني خلال مؤتمر الوحدة الإسلامية إن «هذه المؤتمرات والندوات لهي عنوان مهم على أن العراق واحد وأن هذا المرض (التطرف) الذي طرأ على أمتنا وشعبنا عارض سيزول وهو زائل»، ودعا إلى «تكليل جهود الجيش العراقي والحشد الشعبي بالنصر المؤزر».
مشاركة :