«الفنون الإسلامية» يستعيد جماليات «الطغراء» و«الحلية الشريفة»

  • 1/25/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: محمد ولد محمد سالم ضم برنامج مهرجان الفنون الإسلامية في دورته التاسعة عشرة ما يربو على 60 ورشة في فن الخط وحده، دون الزخرفة ودون سائر الفنون الإسلامية الأخرى، وغير المحاضرات والندوات المتعلقة بفن الخط، ما يعني أن باقة الورش الموجهة له تشكل وحدها معارف مستفيضة عن هذا الفن الأثير في تاريخ الجمالية الإسلامية، ما يشكل إضافة معرفية كبيرة للجمهور، وكل مهتم بالثقافة الخطية، وكل خطاط مبتدئ أو ممارس يريد الاستزادة من الفن. جابت الورش كل المدن التابعة لإمارة الشارقة، مثل كلباء وخورفكان ودبا الحصن والذيد والمدام، والشارقة، تعميماً للفائدة، وحتى لا يبقى العمل مقتصراً على مكان واحد، ففي كل مدينة هناك بالطبع مهتمون تواقون إلى أن يعرفوا شيئاً عن هذا الفن، وهناك مواهب تنتظر من يريها الطريق لكي تنطلق، كما استهدفت الورش كل الفئات العمرية من الناشئة إلى الخطاطين الشباب إلى المحترفين، تعميماً لفائدتها. من الورش ما استهدف التعريف بنوع من أنواع الخط، والتدريب على خصائصه، ومنها ما اهتم بظاهرة خطية معينة في فن الخط، ومنها ما عاد إلى نوع من الممارسة الخطية التاريخية المرتبطة بدولة أو منطقة معينة، ففي الورش التي ركزت على الخطوط حضر خط الثلث، والديواني والديواني الجلي والنسخ والنستعليق والكوفي، حيث قدم الفنان حميد السعدي في بيوت الخطاطين بالشارقة ورشة بعنوان تقسيمات واستنباطات بخط الثلث، وتعرف المشاركون فيها إلى الثُلُث الذي هو نوع من الخطوط العربية، ظهر لأول مرة في القرن الرابع الهجري، وهو من أشهر أنواع الخطوط المتأصلة من الخط النسخي، وسمي الثلث لأنه يكتب بقلم يُقَطّ محرَّفاً بسمك يساوي ثلث قطر القلم نفسه، وهو من أصعب الخطوط العربية من حيث القواعد والموازيين، ويمتاز بالمرونة ومتانة التركيب وبراعة التأليف، وبيّن السعدي للمشاركين كيفية قط القلم، وانحرافه، وطريقة الكتابة به، كما طبّق على أنواع من الحروف وشكل كتابتها بالثلث، وعلى أنواع الثلث وهي: ثلث مفرق، ثلث وسط، ثلث مشبك. على هذا المنوال سارت الورش الأخرى معرفة بأنواع الخطوط ومطبّقة عليها مثل ورشة الخط الديواني التي أشرف عليها الخطاط هاشم محمد الخطاط، وورشة التركيب البنائي لخط النسخ للخطاط برنا كرابلت كرفان، وورشة أمشاق الثلث العادي، وورشة الحروف الرأسية في الديواني، وورشة الديواني الجلي للخطاط محمد النوري، وورشة الخط الكوفي وبنيته الهندسية، وغيرها. أما الورش التي تناولت ظاهرة خطية معينة، فمنها ورشة المشق في الخطوط الدقيقة للفنان أيمن غزال الذي عرف المشق بأنه الصيغة الأولية التي يتعلم من خلالها المتدرب طريقة تشكيل الحروف وزوايا مساقطها وبنائها، ويتعلم المتدرب المشق على مراحل أولها مرحلة كتابة الحروف، ثم مرحلة كتابة السطور وبناء التراكيب، وهذه العملية أشبه بعملية تشريح الحروف وتبيان أوجه الشبه بين أجزائها واستخلاص سماتها الأولية وأسماء مكوناتها، والنسب بين كل الحروف، وأطوالها وأمدادها. وطبّق غزال طريقة المشق على خطوط الديواني والرقعة والكوفي والثلث، أيضاً من القضايا الخطية التي تناولتها الورشة الكتلة والفراغ في اللوحة الخطية وتكوينات خطية لمحفوظ ذا النون، ورشة بناء السطر في مختلف الخطوط. أما الورش التي استعادت بعض الممارسات الخطية التاريخية في فمنها ورشةالحلية الشريفة، وأشرف عليها الفنان التركي أيدن غازي، وتم خلالها التدريب على عملية ترتيب الخطوط وفرز الألوان في هذا النوع من اللوحات الخطية الذي ظهر في العصر العثماني، وهي لوحة تتضمن وصفاً للرسول، صلى الله عليه وسلم، وأخلاقه وصفاته بتصميم هندسي مزخرف ومذهّب، وطبّق غازي على نص من نصوص الحلية، مستخدماً نفس الخطوط التي تستخدم فيها عادة، وهي الخط الريحاني الذي تكتب به البسملة، ثم صفات النبي، صلى الله عليه وسلم، التي تكتب داخل دائرة كبيرة بخط النسخ، ثم الدوائر الأربع الصغيرة حول الدائرة الكبيرة التي تتضمن أسماء الخلفاء الأربعة، أبوبكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، وتناولت الورش في هذا الباب أيضا الخطوط التيمورية، وفن الطغراء، وخط العمارة في إندونيسيا وغيرها من الظواهر الخطية العثمانية. يمكن القول إذاً، إن ورش الخط في المهرجان كانت شاملة لفنون وظواهر وتاريخ الخط العربي، ما يعني شمولية الفائدة التي تقدمها للمتلقي.

مشاركة :