رحل مساء الأربعاء الماضي، الكاتب والشاعر الكبير سيد حجاب عن عمر يناهز 77 عامًا، أمضى منها ما يقرب من الأربعين عامًا وأكثر في كتابة الشعر، وما يقرب من 30 عامًا في إرواء تربة الأشعار الغنائية للدراما المصرية، فطول تلك الفترة قدَّم سيد حجاب مجموعة من أهم الأغاني والتترات الدرامية التي لا ولن تُنسى من ذاكرة الدراما المصرية أو ذاكرة الجمهور المصري والعربي. ولد الشاعر سيد حجاب بمدينة المطرية بمحافظة الدقهلية في سبتمبر عام 1940، وهي المنطقة القريبة من بحيرة المنزلة التي نشأ بها سيد حجاب، لتصبح أول مكونات الشخصية الفنية والشعرية لسيد حجاب، نتيجة تأثره بتلك البيئة الساحلية وارتباطه بالصيادين العاملين ببحرية المنزلة، لتظهر بوادر الموهبة الشعرية له منذ نعومة أظافره بعد أن تأثر بحياة الصيادين، وبدأ في تدوين يومياتهم ومصطلحاتهم وحكاويهم ليحاكيها حجاب في أشعاره ورواياته، ليتميز عن باقي أبناء جيله من الشعراء بهذه النشأة البيئية التي أثرت موهبته ومفردات لغته الشعرية، والتي ظهرت جليًا من خلال الأعمال التي تناولت حياة البحارة والصيادين والحياة الساحلية مثل مسلسلات "البحار مندي، قال البحر، المرسى والبحار"، إلى جانب ديوانه الأول الذي قدمه تحت عنوان "صياد وجنية"، وهو ما ظل تأثيره على حياة سيد حجاب، حيث ظل حتى اللحظات الأخيرة من حياته يذهب لمدينة الإسكندرية الساحلية لكتابة أعماله وروائعه الشعرية، لما لهذه الطبيعة الساحلية المبدعة من تأثير عليه وعلى إبداعه. وبعد ديوانه الأول "صياد وجنية" الذي حقق نجاحًا كبيرًا على المستوى النقدي، انتقل سيد حجاب إلى مدينة القاهرة ليتعرف على كبار شعراء جيله مثل عبدالرحمن الأبنودي وصلاح جاهين وغيرهم من الشعراء الذين احتفوا به وبديوانه وبأسلوبه الشعري البسيط المميز، ليبدأ بعدها سيد حجاب مرحلة جديدة من مراحل إبداعه الشعري وفن صناعة الكلمة المؤثرة شعريًا وغنائيًا. وفى ستينيات القرن الماضي خطى سيد حجاب أول خطواته في الشعر الدرامي من خلال برنامج "عمار يا مصر" الذي قدمه عبر الأثير بالتناوب مع الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، إلى جانب برامج "اوركسترا، بعد التحية والسلام"، ليخطوا بعدها الخطوة الثانية في طريق الشعر الدرامي ليقدم مجموعة من أروع الأغاني للأعمال الدرامية التي تنوعت بين السينما والتلفزيون والمسرح من خلال تترات الأعمال التليفزيونية وأغاني الأفلام السينمائية التي تُكمل العمل الدرامي. فقدَّم "حجاب" للتليفزيون تترات "الشهد والدموع، ليالي الحلمية، بوابة الحلواني، هوانم جاردن سيتي، أوبرا عايدة،، لمال والبنون، الأيام، أرابيسك، العائلة، الوسية، أميرة في عابدين، كناريا وشركاه، شرف فتح الباب"، وغيرها من الأغاني التي ارتبطت بوجدان المشاهد، وأصبحت جزءًا من تاريخه الفني، وبالأخص في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، إلى جانب تحفته في الدراما السينمائية التي قدمها في فيلم "كتيبة الإعدام" وهى أغنية "حبيبتي من ضفيرها طل القمر". كما قدم سيد حجاب للدراما الرمضانية الكثير من كلمات الأغاني إلى جانب كتابته للفوازير مثل فوازير "حاجات ومحتاجات" عام ١٩٩٣، كما وضع أشعار غيرها من الفوازير والمسلسلات الدرامية مثل "فوازير ألف ليلة وليلة: وأدرك شهريار الصباح، على بابا والأربعين حرامي، فضل الله ووردانة، الزيني بركات، ما زال النيل يجرى، وجع البعاد" وغيرها. رحل سيد حجاب تاركًا خلفه تاريخ عظيم من الشعر الغنائي والملحمي الذي وضعه على أول قائمة الشعراء الوطنين الذين يبحرون في أعماق النفس الإنسانية وأعماق الحياة الاجتماعية من واقع المجتمع المصري.
مشاركة :