الفرنسيون يحسمون التنافس الأحد المقبل بين مرشحي اليسار هامون وفالس

  • 1/27/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يعود ناخبو اليسار إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد المقبل، في جولة ثانية وأخيرة، لاختيار مرشحهم للانتخابات الرئاسية، وعليهم الفصل بين مانويل فالس، رئيس الوزراء السابق الذي يمثل جناح اليمين – الوسط، وبين بونوا هامون، ممثل يسار الحزب، الذي أحدث المفاجأة وحل في المرتبة الأولى يوم الأحد الماضي. وخلال مبارزة تلفزيونية تابعها نحو 5.5 مليون فرنسي ليل الأربعاء – الخميس، وتميزت بمستوى مرتفع لجهة دقة التحليل والابتعاد عن المهاترات، عرض كل من المرشحين برنامجه الانتخابي من غير أن يمتنع عن توجيه الانتقادات لما يقترحه المرشح الآخر. وسيكون على المرشح الذي سيخرج فائزا من المنافسة الانتخابية بعد يومين، أن يواجه مرشح اليمين الكلاسيكي فرنسوا فيون، ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، وأيضا وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون، ومرشح اليسار المتشدد جان لوك ميلونشون اللذين يحوز كل منهما على نحو 15 في المائة من أصوات الناخبين بحسب آخر استطلاعات للرأي. وبالتالي فإن المرشح الاشتراكي مهما يكن اسمه سيحل في المرتبة الخامسة، بينما مارين لوبان تنافس فرنسوا فيون على المرتبة الأولى. بيد أن القنبلة التي اهتز لها الوسط السياسي والإعلامي الفرنسي، انفجرت بوجه فيون الذي شغل منصب رئاسة الحكومة طيلة 5 سنوات، وقبلها كان وزيرا ونائبا، كما شغل مناصب محلية في منطقة لاسارت (جنوب غربي باريس). وككثير من المناسبات، فإن صحيفة «لو كنار أونشينيه» الساخرة هي التي كشفت الفضيحة التي تضرب فيون قبل 3 أشهر من الانتخابات الرئاسية وفي وقت بالغ السوء بالنسبة لمرشح اليمين. وبحسب الصحيفة الأسبوعية، فإن فيون قد استخدم زوجته بينيلوبي، ذات الأصول البريطانية، مساعدة برلمانية له طيلة سنوات، كما استخدمها النائب الذي عادت إليه دائرة فيون الانتخابية بعد أن عُين وزيرا. وبحسب «لو كنار أونشينيه»، فإن بينيلوبي حصلت على نصف مليون يورو راتبا لها من مخصصات البرلمان. بالإضافة إلى ذلك، فإنها حصلت على 100 ألف يورو من مجلة مغمورة يملكها رجل أعمال كبير صديق لزوجها. قانونيا، يحق للمرشح فيون أن يستخدم زوجته مساعدة برلمانية له، شرط ألا تكون وظيفتها وهمية وغرضها فقط «قضم» الأموال المخصصة شهريا لكل نائب. وحالة بينيلوبي ليست فريدة من نوعها، فكثير من النواب يستخدمون زوجاتهم أو أبناءهم. لكن مشكلة بينيلوبي أن أحدا لم يرها في صالات البرلمان، ولم تشارك نيابة عن زوجها في عمل اللجان أو في أي نشاطات برلمانية. والأشد من ذلك كله أنها شخصيا كانت تحرص عندما تتوافر لها المناسبة أن تؤكد ابتعادها عن أي عمل سياسي واهتمامها فقط بتربية أولادها الخمسة. أما في موضوع الراتب المتصل بالمجلة، فإن كل ما نشرته بينيلوبي هو قراءة نقدية لكتابين، بحيث تبلغ قيمة كل مقال 50 ألف يورو، الأمر الذي يجعل لعاب الصحافيين يسيل بكثافة. ربما لا تتفاعل هذه الفضيحة إلى درجة تهدد مستقبل فيون أو حظوظه الانتخابية، لكنها ستصيب بكل تأكيد الصورة التي بناها عن نفسه، أي صورة الرجل العصامي، فوق الشبهات، نظيف الكف وسويّ الطريق. والأكثر من ذلك أنه بنى نجاحه الانتخابي حتى الآن على تأكيد أنه يقول الحقيقة للفرنسيين، ويعدهم بسنوات من الجهد والتقشف وخفض أعداد الموظفين وزيادة ساعات العمل، والحرص على المال العام الضنين به والمؤتمن عليه. ولذا، فإن هذه الفضيحة ستكون لها تبعات على صورة رجل الدولة الكاثوليكي الصارم. خلال اليومين الماضيين، بدا القلق واضحا على «رئاسة أركان» فيون السياسية، وتداعى كبار مستشاريه ومعاونيه والناطقين باسمه إلى البحث عن رد سريع وناجع، خصوصا أن النيابة المالية سارعت إلى فتح تحقيق رسمي لجلاء حقيقة عمل زوجة فيون. ولعل ما قد جذب أنظار الفرنسيين أن «فضيحة» أخرى اندلعت وتتناول إيمانويل ماكرون، الذي لم يستخدم زوجته أو أيا من أقاربه، بل إنه غرف من غير حساب من الأموال المخصصة لوزارته. وجاء الاتهام في كتاب صدر أول من أمس تحت عنوان «في جحيم بيرسي» وهو اسم وزارة الاقتصاد الفرنسية. وبحسب الكاتبين (فريدريك سايس وماريون لور)، فإن الوزير ماكرون استخدم في 8 أشهر العام الماضي 80 في المائة من الأموال المخصصة لوزارته للمصاريف الخارجية، وذلك لاستخدامه الخاص. ويفهم من الكتاب أنه جيّر المصاريف لإطلاق حركته السياسية المسماة «إلى الأمام». لكن ماكرون رد من بيروت على هذه المزاعم، مؤكدا أن «قرشا واحدا» لم يسخر لحركته، بل إنها المصروفات الوزارية «العادية». هكذا تبدو صورة المشهد السياسي الفرنسي اليوم قبل 3 أشهر من الانتخابات الرئاسية، التي يبدو فيها المرشح الاشتراكي في وضع صعب للغاية. وتبين من نقاش ليل أول من أمس، أن هناك رؤيتين مختلفتين لفرنسا ولاقتصادها ودورها، وللسياسة الواجب اتباعها. وفيما عرض بونوا هامون اقتراحا جديدا لمحاربة الفقر والتهميش خصوصا لفئة الشباب في مرحلة أولى، من خلال منحهم دخلا من غير شروط قيمته 750 يورو، عارض فالس المقترح؛ لأنه مكلف ماديا ويثبط العزيمة اجتماعيا واقتصاديا. كذلك اختلف المرشحان على مفهوم العلمانية. فقراءة هامون لها «متسامحة» بينما قراءة فالس بالغة التشدد، لا بل إنها تقترب من مفهوم اليمين لها. في أي حال، فإن المتنافسين، كما هو مرجح، سيغيبان عن الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بسبب ضعف اليسار من جهة، ووجود ماكرون (إلى اليمين) وميلونشون (إلى اليسار) وكلاهما استحوذا (أو يستحوذان) على فئة من محازبي الاشتراكيين. والخوف ألا ينجح الحزب في إعادة اللحمة إلى صفوفه بسبب الضغائن المتراكمة خلال 5 سنوات من حكم اليسار في فرنسا، حيث الجناح اليساري يتهم الرئيس هولاند وحكوماته المتعاقبة ومنها حكومة فالس بـ«خيانة الوعود» التي جاءت بالاشتراكيين إلى السلطة. أما الطرف الآخر فيدافع عن نفسه بأنه ألزم بالتعامل مع وضع اقتصادي صعب، رأى أن الخروج منه يمر عبر تخفيف الأعباء عن المؤسسات والشركات لتمكينها من خلق فرص عمل جديدة.

مشاركة :