كان فيما مضى يطلق وصف مهنة (كداد) على الشخص الذي يتخذ سيارته الخاصة مصدراً للرزق، ولم تكن هذه المهنة تنال تقديراً أو مكانة، بل إنها تعد من المهن البسيطة أو كما يقال (على باب الله) لأن دخلها ضعيف وغير ثابت! مع ما يتعرض له (الكداد) عادة من استغفال ونصب، فيحدث أن يوصل أحداً لمشوار ما فيتحجج الشخص أنه لا يملك المال أو ينزل من السيارة ويهرب! وبعدها بفترة حلت خدمة الليموزين ونال أصحابها ما نال الكدادة من شقاء، إلا أن الممارسين لها غالباً من الجنسيات الآسيوية المشهورة بالجلَد والمثابرة لدرجة أخرجت شبابنا من السوق تماماً فارتفعت الأصوات المخلصة بضرورة تقليص أعداد الأجانب وإحلال السعوديين مكانهم، ولكن لم تنجح جميع خطط الإحلال! فصارت السيارات تجوب الشوارع ليلاً ونهاراً حتى أنها تعمل 24 ساعة ويستخدمها شخصان أو أكثر !! ولم تنل هذه الخدمة التقدير والثقة الكافيتين بسبب القيادة المتهورة وانعدام النظافة ورائحة السائقين المزعجة، مما جعل الناس ينزعجون منهم وينظرون لهم بحنق. ولم يكن أحد يتوقع أن تحل شركتا (أوبر وكريم) مكان سيارات الأجرة المشهورة، وأن تعالج مشاكل الليموزين، حيث تتميز الخدمة الجديدة بارتفاع مستوى الجودة، وتتسم بتقدير وعي «العميل الرقمي» الذي يحصل على الخدمة بأسرع وقت وبأسعار مناسبة عبر التعامل بشبكة مزودي الخدمة من خلال منصات رقمية لحظية، فضلاً عن أن السيارة لا تحمل صفة الأجرة مراعاة لخصوصية البلد والمرأة على وجه التحديد، كما أنها تمنح تجربة الاستخدام الأولى للتقييم، وتقدم الخدمة عبر أسطول ضخم دون أن تملك مقراً له مما يشير إلى أن الشركتين لديهما القدرة على التوسع والتشغيل أفقياً وعمودياً. وبعيداً عن المقارنة بين الخدمتين المتشابهتين من حيث الهدف سواء الكدادة أو أوبر؛ فإن اندفاع أبنائنا الشباب نحو هذه المهنة، وتقبّل المجتمع لهم والترحيب بهم يشير لتغير اجتماعي سريع ينبئ بتغيرات متسارعة مدفوعة بإرادة سياسية! وبات من غير المستغرب الآن أن يلتقي الشباب في مكان ما، فيسأل أحدهم الآخر: هل أنت أوبري أم عاطل؟!
مشاركة :