«المؤسسة» ومستقبل منطقة اليورو

  • 1/29/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ينبغي على صناع القرار في منطقة اليورو عدم الركون للمسلّمات بعد ما أفرزته الانتخابات الأمريكية والاستفتاء البريطاني من عداء الناخبين للمؤسسة حيث يأمل زعماء أوروبا أن يساهم انتعاش الاقتصاد في العام الجديد في الحد من انتشار هذا العداء. والعامل المشترك بين الانتخابات الأمريكية والاستفتاء البريطاني هو رغبة الناس ليس فقط في تغيير النظام بل التخلص كلياً من الأطر الناظمة لعمل المؤسسات وممارسة الأعمال. وينظر الساسة الأوروبيون لما جرى في بريطانيا وأمريكا بعين الوجل وبعين الأمل، لكنهم يظنون أن ذلك لن يتكرر في الدول الأوروبية بعد أن تحسن أداء الاقتصاد الأمريكي والعالمي عموما.وقد سجل مؤشر قياس ثقة المستهلك الذي تعتمده المفوضية الأوروبية، ارتفاعا لافتا الشهر الماضي ليبلغ أعلى مستوى له منذ خمس سنوات، واستفادت أسواق الأسهم الأوروبية أيضا من غريزة القطيع التي اجتاحت الأسهم الأمريكية بعد الانتخابات ، إضافة إلى الآمال المعلقة على رفع أسعار الفائدة التي سوف تعزز مكاسب قطاع المال والمصارف الأوروبية. ولكن الواجب على صناع القرار الأوروبيين عدم الركون إلى البديهيات اليوم أكثر من أي وقت مضى.ونحن نعلم أن دورة الاقتصاد تتحرك باتجاه مختلف عن دورة الحياة السياسية.ولعل فشل هيلاري كلينتون في الانتخابات الأمريكية يقدم الدليل على ذلك حيث جاءت النتيجة عكس ما تشتهي كلينتون رغم أن الأداء الاقتصادي كان جيداًَ بكل المقاييس.أما في منطقة اليورو فإن الظاهرة الاقتصادية الأبرز الذي تلفت انتباه الناخبين خلال الأشهر القليلة المقبلة ستكون ارتفاع أسعار الوقود. وفي نهاية عام 2017 ربما تنضج دوافع التغيير لأن الناخبين سوف يستفيقون في أول يوم من العام الجديد وأنجيلا ميركل لا تزال زعيمة لألمانيا ومارين لوبان زعيمة للجبهة الوطنية الفرنسية، لكن ذلك لا يعني أن النظام في مأمن وإنما يعني أنه حي ليعيش فشلاً جديداً. وقد علمتنا التجارب منذ بداية القرن الجديد أنه في الدول ذات المديونية العالية لا بد من تحقيق معدلات نمو اسمي مجزية كي يمكن تجنب الأزمة.كما تعلمنا أن تحقيق ذلك في ظل الاقتصادات المضغوطة يعتمد كليا على دعم السياسات النقدية. وينبغي على منطقة اليورو الاتعاظ بواحدة من النتيجتين أو كلتيهما معا.فاقتصاد المنطقة لن يحقق نسبة نمو 2% خلال السنوات الثلاث المقبلة وهو ما يقر به البنك المركزي الأوروبي.هذا يعني أن النمو في عام 2017 سيبقى منخفضا في حين تشير التوقعات إلى ارتفاع معدلات النمو في الاقتصاد الأمريكي خلال عامي 2017 و2018. ورغم ذلك يستعد البنك المركزي الأوروبي لتخفيض برنامج التيسير الكمي وهذا سيقود المنطقة إلى ارتفاع في معدلات أسعار الفائدة على المدى البعيد.وإذا لم تطرأ تغيرات قاهرة فسوف تشدد منطقة اليورو سياستها النقدية هذا العام بعد مرور عامين على عجز زيادة الإنفاق عن المساهمة إيجابياً في إنعاش النمو الاقتصادي. أما على المدى البعيد فتقول تجارب العقود الماضية أن الموجة الثانية من العولمة التي بدأت خلال العقد الأخير من القرن العشرين، جاءت بنتائج أكثر تعقيداً من سابقتها التي بلغت ذروتها في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى والتي تمثلت في دفع تكاليف السلع هبوطاً بينما تسببت الموجة الثانية في خفض تكاليف انتقال الأفكار. وهذا لا يعني أننا ينبغي أن ندير ظهورنا للخبراء بل يعني أن الناخبين لن يعثروا على إجابات لأسئلتهم في المنظومة الحالية من الأكاديميات وبيوت الأبحاث التي تحرك صناع القرار.وقد حظيت تجربة الاتحاد الأوروبي بالتقدير لأنها وحدت الكثير من القواعد العامة وتمكنت من التوافق رغم التباينات الكثيرة بين أطرافها. لكنها اليوم غير قادرة على الاستمرار في عالم يطالب فيه الناس بتمزيق القوانين القديمة.أما قوانين العولمة فلا تقدم شيئا سوى تحريض دول منطقة اليورو على مزيد من الاختلاف. ويبدو أن صناع القرار يعتقدون أن منطقة اليورو يمكن أن تنجو في حال مرت الأشهر الاثنا عشر القادمة بسلام. وهذا صحيح فقط في حال تمكنت من العثور على مقياس النجاح الفعلي.وقد اقتنع قادة المجموعة أخيرا بأن رفع معدلات النمو في أي بلد عضو أهم بكثير من الاستماتة للحفاظ على بقائها كتلة موحدة. *ستيفاني فلاندرز خبيرة اقتصادية في جيه بي مورغان

مشاركة :