من أنصار التكنولوجيا مئة بالمئة: شيماء رحومة

  • 1/30/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من أنصار التكنولوجيا مئة بالمئة شيماء رحومة غريب الأصل والجنسية، بعيد عن دينه وملّته، تحيطه أصوات بلغات أعجمية، إلى وقت قريب كان هذا حال المغترب من أجل الدراسة أو العمل، اليوم يتكئ على عصا السِّلفي منذ أن يتجه إلى المطار، ويشارك الأهل لحظاته لحظة بلحظة. وينتقل الواتساب والفايبر وسلسلة من التطبيقات المجانية التي تعمل حاليا بالإنترنت على أن تتخلى عن التغطية مستقبلا، فيتعايش مع أهله بالصوت والصورة وكأنه بينهم. الغالب على المشهد العام تصويره للأجهزة الذكية على أنها تفكيك للعلاقات بين البشر، فالعديد من التقارير والدراسات حذرت ممّا قد تحمله الطفرة التقنية من مخاطر جمّة إلى البشرية جمعاء، ولا سيما في ما يتعلق بالروابط الأسرية. ولا يمكن إنكار اجتماع العائلة في غرفة الجلوس أمام شاشة التلفاز، وانتباه أفرادها منصرف إلى هواتفهم الذكية لتبادل الرسائل مع الأصدقاء الافتراضيين، أو القيام بجولة بين مختلف الصفحات الفيسبوكية، أو التركيز على الفوز في لعبة إلكترونية، قد يكون هناك انقطاع في التواصل لدقائق بين الأهل لكنه أحيانا كثيرة يجمعهم بأخبار البلاد والعباد. فكم من فتاة أو فتى يُطلع والديه على أخبار آنية تناقلتها الصفحات الفيسبوكية قبل بثها أو الإعلان عنها تلفزيونيا، حتى أخبار انتقال بعض الأهل إلى ذمة الله صارت مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بإذاعتها ليعلم الأقصى والداني بالخبر، خصوصا إذا أغفل أهل الميت إخبار الجميع هاتفيا سهوا أو انشغالا. وقد عايشت منذ فترة قصيرة مثل هذا الظرف حيث هاتفني أحد أقاربي للتأكد من خبر وفاة خالتي الذي قرأه على صفحتي الفيسبوكية وحين تثبت من صحة الخبر سارع بالمجيء. وبعيدا عن عالم الأخبار الذي لا تخبو أحداثه، سهلت الهواتف الذكية بفضل الإنترنت والبرمجيات الحديثة على المتزوجين حديثا الاستقلال عن الأهل وتحمّل مسؤوليات عائلية جديدة، إذ يجتمع كل من العريس والعروس بأهله ليلا ونهارا عبر ذبذبات النت، وتدخل الزوجة الجديدة مطبخها بكل ثقة لتصنف ما لذّ وطاب مستعينة بأمها عن بعد، أو بعض “الغروبات” المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم تحرم الهواتف كذلك الجدة والجد من أحفادهما حيث مكنتهما من مداعبتهم وملاعبتهم عبر الكاميرات دون عناء التنقل باستمرار. قد تتسلل الهواتف الذكية والكمبيوترات المحمولة إلى فراش الزوجية لتشغل أحد الطرفين أو كليهما بالعالم الافتراضي ليلا، لكنهما باتا لا يكادان يفترقان بفضلها طوال اليوم رغم المستلزمات الحياتية من عمل وأشغال، فهما يتبادلان الصور والأخبار ويجتمعان أمام الكاميرات على مائدة طعام واحدة لتذوّق مختلف الأطعمة وتبادل الأخبار. وساعدت الهواتف على انتقاء المشتريات والاستفادة من التخفيضات، حيث كثيرا ما نعمد إلى تصوير بضاعة ما وإرسالها بشكل فوري إلى الأم أو من نلتمس فيه خبرة ودراية لينصحنا بالشراء من عدمه دون أن نغادر المحل، وبذلك نكسب الوقت والمال ونضمن شراء ما قد يفيدنا فعلا. ليس هذا فحسب بل قد تكون مواقع التواصل الاجتماعي طوق النجاة الذي يحمينا من الشرور بدواخلنا، فلقد جدت منذ مدة حادثة غريبة، تهجم فيها أب على ابنته الرضيعة فاستنجدت الأم بالناس من خلال تغريدة دونتها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر لتنقذ رضيعتها من بطش والدها. أبدى الكثير من أولياء الأمور مخاوف لا حصر لها من انفلات الرقابة على الأبناء عند إبحارهم على الشبكة العنكبوتية، ومع ذلك أقرّ البعض منهم أنهم بفضل تشغيل نظام الـ”جي بي إس” تمكنوا من متابعة خطى أبنائهم خطوة بخطوة عبر هواتفهم المحمولة، عند غيابهم عنهم نهارا وانشغالهم بالعمل. وقد تحمل التكنولوجيا مستقبلا عالما جديدا. كاتبة من تونس باهر/12

مشاركة :