من المهمل إلى الثمين فن النفايات يجتاح القاهرة استضاف المركز الثقافي السويسري في القاهرة معرضا فنيا تحت عنوان من المهمل إلى الثمين، وهو المعرض الذي استمرّ حتى نهاية شهر يناير الماضي، بعدها ستوزع الأعمال الفنية على الساحات العامة بمدينة القاهرة، كي يتمّ عرضها للعموم. العربناهد خزام [نُشرفي2017/02/03، العدد: 10532، ص(17)] المهملات كنز خفي يعدّ معرض “من المهمل إلى الثمين” الذي استضافه مؤخرا المركز الثقافي السويسري في القاهرة، الأول من نوعه في مصر، حيث يقدم أعمالا فنية خاصة بالأماكن والساحات العامة، وما يجعله رائدا بالفعل الخامات التي نفذت بها القطع الفنية؛ فكلها عبارة عن إعادة تدوير لاستخدام المهملات مرة أخرى. يبدو أثر التنوع في المواد المستخدمة على فكرة الأعمال الفنية بالطبع من حيث عمرها الافتراضي، فالزجاج والبلاستيك والمعادن عمرها أطول من الورق والقماش والخشب، لكن هذا كله لم يؤثر سلبا على جاذبيتها وألوانها وأشكالها التي ستؤثر بصريا على لون مدينة القاهرة الرمادي القاتم. معرض “من المهمل إلى الثمين” هو فرصة لاستكشاف الجماليات التي تختبئ في المواد المهملة، وأيضا منبر لمناقشة دور الأعمال الفنية في الحياة العامة. ويأتي هذا المعرض ختاما لورشة عمل استمرت لعدة أسابيع تحت نفس العنوان “من المهمل إلى الثمين”، واصلت خلالها مجموعة من الشباب المتحمسين العمل داخل مرآب سيارات في قلب القاهرة وسط أكوام من المهملات بهدف تحويل هذه الأكوام المهملة إلى أشياء ذات قيمة. ونظمت الورشة تحت إشراف قاعة “مشربية للفنون المعاصرة” ومؤسسة “بعد البحر” للتنمية الثقافية وبالتعاون مع المؤسسة الثقافية السويسرية في القاهرة. دان ديكسترا، هو فنان هولندي جاء إلى القاهرة خصيصا من أجل المشاركة والإشراف على هذه الورشة، فهو يملك تجربته الخاصة والممتدة في مجال إعادة التدوير، حيث تمتد تجربته إلى سنوات زار خلالها دولا كثيرة للتعريف بجدوى المساهمة في معالجة النفايات، وهو معني في الأساس بإعادة الحياة إلى المواد المهملة والاستفادة منها عن طريق البحث عن حلول وظيفية بديلة لهذه المواد. يعيش دان في مدينة أمستردام داخل قرية مصنوعة بالكامل من النفايات، كما يقول، وهو مجمع أعمال وسكن تمّت إقامته كجزيرة صغيرة صناعية على سطح الماء. ويكتفي المقيمون في هذا المجمع بمواردهم الذاتية، فهم يعتمدون على الطاقة المولدة من الخلايا الشمسية، ويحولون الفضلات الخاصة بهم إلى تربة وأسمدة للزراعة، ويعمل الفنان الهولندي ورفاقه على توظيف رؤيتهم في إعادة تدوير المخلفات ودمجها مع فضاءات المدينة. يحوّل دان أجزاء المراكب الصغيرة وأحواض الاستحمام التالفة على سبيل المثال إلى مقاعد وأرائك عامة، وغيرها من الأفكار الأخرى التي تهدف إلى إعادة تدوير المخلفات وتحويلها إلى أشياء مفيدة. حين جاء التشكيلي الهولندي إلى القاهرة توجه إلى قرية الزبالين، حيث تتجمع النسبة الأكبر من قمامة المدينة وتعرف على طبيعة الحياة هناك، أين تجري أكبر عملية لإعادة التدوير في مصر، ففي هذا المكان تتمّ إعادة تدوير ما يزيد عن 70 في المئة من المخلفات البلاستيكية الصلبة. المواد المهملة يمكن أن تكشف بعد إعادة تدويرها فنيا عن صفاتها الجميلة كالشفافية والمرونة والسطوع وفي ورشة القاهرة ساعد دان المشاركين في خلق تصورات فنية مختلفة للعناصر التي تم جلبها من النفايات، بعيدا عن الاستخدام الصناعي الذي تعتمد عليه عمليات إعادة التدوير التقليدية، معتمدا على خبرته الطويلة في هذا المجال، فقطع الحديد المستخدمة في أعمال التشييد والبناء على سبيل المثال تمّ تحويلها إلى قبة حديدية كبيرة متعددة الاستخدامات. القبة نفسها مفردة تتكرر في العديد من الورش التي أقامها دان في مناطق مختلفة حول العالم، وهو يرى أنها مفردة ملهمة يمكن استخدامها للسكن المؤقت أو كعنصر جمالي أو حتى كمساحة مثيرة لخيال الكبار ولعب الصغار، وقد أنجزت بعملية إعادة تدوير النفايات في مصر، حيث تتم إعادة تدوير ما يزيد عن 70 في المئة من المخلفات. في الورشة تحولت قطع الورق المقوى إلى أشكال مجسمة وملهمة على يد كاملة، وهي إحدى المشاركات من خريجي الفنون الجميلة، وبواسطة أسياخ الحديد شكّل حاتم (مشارك مصري آخر) هيكلا لسيارة، قطع الحديد نفسها تحولت إلى مجسمات ذات أشكال مختلفة وغير مألوفة على يد رحاب وجعفر وهما مشاركان آخران، وغير ذلك من الأفكار الأخرى التي تحمّس أصحابها لإكمالها خلال فترة الورشة. “من المهمل إلى الثمين”، هو برنامج إرشادي مخصص كليا لفن إعادة التدوير العام بالقاهرة، وهو يدمج ويعالج لأول مرة في مصر اثنين من الموضوعات الحساسة: إعادة استخدام المواد الخام التي وجب التخلص منها، ولفت الانتباه إلى ضرورة الاتجاه إلى المناطق والمساحات العامة. وهكذا يتم الدمج بين المنحى الاجتماعي والأخلاقي، بالإضافة إلى المنحى البيئي بالطبع. وتبرز هنا أهمية التعامل مع المساحات العامة فنيا، وهو أمر يمثل ضرورة ملحة لمدننا وشوارعنا، فالمنحوتات والجداريات والمنشآت والنوافير والمرافق الترفيهية وغيرها من الفنون البصرية يمكن أن تخلق هوية محلية وتضيف بُعدا خاصا وعمقا وطابعا لمجتمع يلهم العقول الشابة بصرف النظر عن إضافة الجمال العام والأسلوب المختلف للحياة. وتمثل المهملات كنزا خفيا في نظر المنظمين للمشروع، وهو كنز لم يتم اكتشافه بعد، فحين يتم التعامل مع هذه النفايات فنيا يمكن لمواد مثل أكياس البلاستيك أو الزجاجات والنظارات المكسورة وقطع الحديد القديمة وغيرها من المواد المهملة أن تكشف عن صفاتها الجميلة كالشفافية والمرونة والخفة والسطوع واللون. :: اقرأ أيضاً ناقد تونسي يغامر في قراءة أشعار الحب المصرية ونشيد الإنشاد هل ترتقي الترجمة بالنص أم تحوله إلى رماد فكر وفن وتكنولوجيا في مهرجان تاء الشباب البحريني شعراء وضيوف عرب وعراقيون في مربد البصرة
مشاركة :