مجموعة من طلبة الفنون المصريين على تحويل إطلالة أعرق حدائق الحيوانات في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، إلى تحف فنيّة تستقطب الكبار والصغار لمشاهدتها وأخذ صور تذكارية بها.العرب ناهد خزام [نُشر في 2018/02/07، العدد: 10893، ص(24)]تحفة فنية تخطف الأضواء من الحيوان الحقيقي الجيزة (مصر) – دشّن طلبة كلية التربية الفنية بجامعة حلوان في جنوب القاهرة مشروع تزيين حديقة الحيوانات بالجيزة، وهي واحدة من أقدم حدائق الحيوان بمصر والشرق الأوسط وأولى حدائق الحيوانات بأفريقيا وأعرقها، إذ تم إنشاؤها في نهاية القرن التاسع عشر. وكان لفت انتباه مجموعة من الطلبة حالة الإهمال الشديدة التي أصبحت تعاني منها حديقة الحيوان اليوم مع غياب تام لأي لمسة جمالية، فعرضوا على إدارة الحديقة فكرة تجميل المكان، ووجدوا ترحيبا. وتحوّلت حديقة الحيوان على مدار شهر كامل إلى ما يشبه خلية النخل، استمتع خلاله الزوار برؤية الطلبة وهم يرسمون ويزينون أسوار الحديقة برسوماتهم، ومثّلت تلك الرسومات باعثا للبهجة في قلوب الصغار والكبار على حدّ سواء. وقال محمد رجائي، رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان في مصر، إن إدارة الحديقة وفّرت للطالبات جميع المواد الخام اللازمة لإتمام المشروع على أفضل وجه. وأضاف رجائي، الذي سارع بدعم الفكرة فور عرضها عليه، أن النتيجة النهائية فلم تكن كما توقعتها، إذ تفاعل زوّار الحديقة مع تلك الرسوم على نحو لافت، وتحوّلت الجدران الخالية والقبيحة لحديقة الحيوان إلى مساحات ملوّنة تستقطب الأطفال والكبار لمشاهدتها مثلها مثل الحيوانات المعروضة. وتابع “الفكرة الرئيسية التي انطلق من خلالها فريق العمل هي الرسم من وحي حيوانات الحديقة، وكانت في الحقيقة فكرة جيدة أفرزت نتائج طيبة”. وأصبح من اللافت رؤية العديد من الزوّار وهم يلتقطون الصور التذكارية إلى جوار تلك الرسومات، وخاصة الأطفال. وأفادت مريم محمد، أم لطفلين، اعتادت زيارة الحديقة مع أسرتها، “لقد التقطنا العديد من الصور إلى جوار هذه الرسوم الجميلة، إنها فكرة جيدة ومريحة للعين والأطفال سعداء بها”، آملة أن يتم الرسم على جميع أسوار الحديقة على هذا النحو، وهو أمر سيستغرق وقتا، فالحديقة ممتدة على مساحة 80 فدانا، والرسم على أسوارها يحتاج إلى وقت طويل وجهد مضاعف. وترى ميرنا سمير، واحدة من بين المشاركات في هذا المشروع، وسبق وأن شاركت من قبل في مشاريع ميدانية، كان آخرها العمل مع مرضى مستشفى سرطان الأطفال العام الماضي، أن العمل الميداني له متعة خاصة، وتقول “لأنك تختبر ردود الفعل بشكل مباشر على ملامح الناس”. وأضافت “ترتبط حديقة الحيوان في أذهاننا جميعا بذكريات الطفولة، فأغلبنا زارها ولعب فيها وهو صغير. لم تكن الحديقة هي اختيارنا الأول في الحقيقة، فقد كنّا نبحث عن أماكن أخرى لكننا كنّا نواجه عراقيل كثيرة، ومن تلك العقبات الكلفة الزائدة لمشروع كهذا، وحين فكرنا في حديقة الحيوان، كان كل أملنا أن توافق إدارة الحديقة على المساهمة معنا في تلك الكلفة، لكننا فوجئنا أنهم يعرضون تحمّل تكلفة الخامات كاملة. لقد رحبوا بالفكرة على الفور وقدّموا لنا كل ما نحتاجه”. وبحسب تغريد يحيى، مدرّسة المناهج في كلية التربية الفنية والمشرفة على المشروع، فإن المشروع يأتي ضمن مادة التربية الميدانية، موضحة أنها مادة تهدف إلى البحث عن وسائل مبتكرة لدمج الفن بالشارع والمساحات العامة. وقالت يحيى “نتجه عادة إلى المستشفيات أو أسوار النوادي وجدران البيوت في المناطق الفقيرة، لكنها المرة الأولى التي نعمل فيها داخل حديقة الحيوان”. وترى أن هذا المشروع لن يكون آخر المطاف، فهناك الكثير من الطلبة أبدوا استعدادهم للعمل داخل الحديقة، وهم متحمسون لفعل ذلك، فأسوار الحديقة هي عبارة عن مساحات ملهمة لأي فنان، كما أنّ العمل على مساحات كبيرة كهذه ووسط الناس يحمل مغامرة كبرى ومتعة إضافية، خاصة أن الطلبة يعملون وهم مدركون أن ما يقومون به سيتم الاعتناء به وسيسعد الملايين من الناس، فالحديقة التي يزورها يوميا أكثر من مليوني زائر من جميع المحافظات المصرية هي مكان مناسب للفرجة والاستمتاع.
مشاركة :