تعاني مناطق الأطراف من سوء أوضاع المدارس المستأجرة التي لا تتوفر فيها وسائل السلامة، رغم الوعود بالقضاء عليها واعتماد مشاريع حكومية في أقرب وقت ممكن، إضافة إلى تردي أوضاع وسائل النقل من وإلى المدارس، التي لم تصادر مئات الحافلات الجديدة خطورة أوضاعها. وأمام هذه الأوضاع يظهر بعض مديري التربية والتعليم من حين لآخر بتصريحات تجافي الحقيقة ولا تعكس الوضع المتردي لهذه المدارس والحافلات القديمة التي تسببت في كثير من الحوادث المرورية التي أودت بحياة كثير من المعلمات والطالبات. ففي الشمال انتقد عدد من أولياء أمور الطلاب والطالبات عدم مواكبة الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة لتوجُّه الوزارة في الانتقال إلى استخدام التقنية والمناهج المطورة في التعليم، معتبرين أن الإدارة عجزت عن توفير بيئة تعليمية نموذجية للمدارس، من خلال تقصيرها في إيجاد الوسائل التعليمية بشكل كاف ومتنوع، ما حدا بكثير من المعلمين إلى شرائها من حساباتهم الخاصة. وذكر ولي أمر الطالب عبدالله المضياني، أن الوسائل التعليمية شيء مهم لربط المنهج بالبيئة أو حتى تقريبه لذهن الطلاب، ووسيلة لتبسيط الكتب المدرسية، خصوصاً المناهج المطورة، وإيصال المعلومات التي تتطلب التركيز، وتنمية مهارات التفكير، ويرى أن: «مسؤولي التعليم في المنطقة يسبحون عكس التيار، فهم لا يوفرون البيئة التعليمية الجيدة للطلاب ولا المبنى المدرسي أو الوسائل التعليمية التي تعتبر من أهم الأشياء التي يجب توفيرها»، إضافة إلى أن المدارس في المنطقة تعتبر قليلة نوعاً ما، رغم الزيادة السكانية المرتفعة فيها، ما أسهم في خفض مستوى الطلاب علمياً. وأشارت المعلمة فاطمة الرويلي إلى أن عدداً من المعلمات يلجأن إلى شراء الوسائل الحديثة من حساباتهن الخاصة، لأنه قلما تتوافر في المدارس إلا بشكل قليل جداً، لدرجة أن معلمة واحدة فقط هي التي تستخدمها، وأن هذه المشكلات تعود إلى عدم الملاءمة بين الأنظمة التعليمية والمطالب التربوية لخصائص هذا العصر التي تتطلب توافر وسائل تعليمية متوافقة مع العصر والمناهج الحديثة التي أقرتها الوزارة أخيراً، مشيرة إلى أنه حتى تحقق التربية غايتها فإنها تحتاج أساليب تدريسية حديثة ومختلفة، وبناء المواقف التعليمية وتصميمها بطريقة تتماشى مع حاجات الطلاب، وقدراتهم واستعداداتهم المختلفة، والعمل على تلافي أعداد الوفيات التي ذهبت نتيجة الحوادث المرورية لمعلمات ومعلمين بذلوا أرواحهم في سبيل العلم وكسب الرزق، فرحلوا وخلفوا الحسرة والحزن في قلوب أبنائهم وزوجاتهم وأطفالهم اليتامى. ويواجه المعلمات الخطر يوميا بسبب بعدهن عن مقر السكن وعملهن الذي يضطرهن للتنقل يوميا مئات الكيلومترات. وتقول المعلمة فاطمة العنزي إنها تعمل بعيدا عن أبنائها في عرعر وعلى بعد 250 كم منذ ثلاث سنوات، وأنها تضطر للبقاء حتى نهاية الأسبوع، في حين تشير المعلمة أسماء الرويلي إلى أن المعاناة مستمرة ولا بد لها من حلول تجنبهن التعرض للخطر يوميا. وفي نجران ما زالت مشكلة المدارس المستأجرة تطل برأسها مشكلة خطورة على حياة الطلاب والطالبات، وهنا يؤكد مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة ناصر المنيع، بأن مواجهة هذه المشكلة يحتاج إلى ثلاث سنوات قادمة، يرى بأنها كفيلة بعدم وجود مدرسة مستأجرة، وهو الرأي الذي يخالفه عدد من المواطنين الذين يرون بأن مثل هذه الوعود ما هي إلا للاستهلاك الإعلامي وتجميل صورة الإدارة لدى الوزارة، التي يجب أن تتحرك للقضاء على هذه الأخطار، خاصة وأن المدارس المستأجرة بعيدة عن الرقابة والاهتمام، وفيما أشار المنيع إلى أن المدارس المستأجرة تشكل 9 في المائة من مجموع المدارس إلا أن واقع الحال وحسب تأكيدات عدد من المهتمين تشير إلى أن النسبة مرتفعة. وقال محمد اليامي، إن المعضلة الأخرى التي تواجه الطلاب والطالبات بمنطقة نجران تتمثل في تردي أوضاع حافلات النقل من وإلى المدارس والتي ما زالت مستخدمة حتى اليوم، وطالب إدارة التربية والتعليم بأن تلتفت لخطورة هذا الوضع، خاصة وأن كثيرا من الحافلات القديمة تتعرض للأعطال بصفة مستمرة أثناء عملية النقل، مضيفا أن ورش العمل المتنقلة ما هي إلا دليل على وجود حافلات لم تعد صالحة للنقل الطلابي. وهنا يؤكد مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة ناصر المنيع بأن نجران ستودع الحافلات القديمة، وهو الأمر الذي لم يتحقق، حيث رصدت «عكاظ»، كثيرا من الحافلات لازالت تعمل على نقل الطلاب والطالبات على مرأى من الجميع، ليسجل المنيع تراجعه عن التصريحات التي أطلقها، مشيرا إلى أن هناك مرحلة ثانية لاستكمال عملية تحديث أسطول النقل بحافلات جديدة. وأشار علي نصيب إلى أن مهمة قيادة الحافلات الجديدة أوكلت لشركة تؤخر رواتب العاملين فيها، وتحرمهم من بعض المميزات المالية، الأمر الذي يجبرهم على التوقف وهنا يكون الطرف المتأثر هم الطلاب والطالبات، إضافة إلى أن أغلب السائقين من كبار السن الذين ينثرون الحافلات في الأسواق للحديث مع أقرانهم في هذه الأسواق لحين حلول موعد خروج الطلاب والطالبات من المدارس، مطالبا بأن تجد الإدارة حلا جذريا لعملية النقل حفاظا على سلامة الطلاب والطالبات. وفي جازان تظل المشكلة الحقيقية التي تؤرق أولياء الأمور هي وجود مدارس مستأجرة تفتقر لأبسط وسائل السلامة وتشكل خطرا على حياة الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات، رغم تأكيدات مدير عام التربية والتعليم بالمنطقة محمد الحارثي، بأن الوزارة جادة في القضاء على المدارس المستأجرة واستبدالها بحكومية نموذجية. وقال أحمد المالكي، بأن سمو أمير المنطقة يولي قطاع التعليم جل رعايته واهتمامه ويتابع بصفة مستمرة أوضاعه، وخاصة ما يتعلق بالمدارس المستأجرة التي ناقشها أكثر من مرة في مجلسه العامر، وتأكيداته المستمرة على ضرورة الإسراع في إيجاد البدائل المناسبة حفاظا على الأرواح البريئة. من جانبه قال علي العاطفي إن عددا من أهالي منطقة جازان تبرعوا بمواقع لكي تقام عليها مقار حكومية للمدارس، إلا أن إدارة التربية والتعليم بالمنطقة لم تحرك ساكنا خاصة تجاه تلك المدارس التي تعاني من أوضاع سيئة والواقعة في أعالي الجبال والمراكز البعيدة من قلب المدينة ولا تتوفر فيها أبسط وسائل السلامة، من جانبه أوضح سالم علواني بأن العاملين والعاملات في مجال التربية والتعليم يواجهون خطر الموت يوميا، بسبب رداءة الطرق في المنطقة والتي لا زالت بعيدة عن الصيانة لما هو قائم أو السفلتة لبعض الطرق الترابية.
مشاركة :