تحقيق: راندا جرجس يعتمد طب تقويم العظام على أهمية الجهاز العضلي الهيكلي، الذي يتألف من العضلات والعظام والأوتار والأربطة التي تصل بينها، ويندرج تحت اسم طب تقويم العظام جميع جوانب الطب، وتشمل مختلف الاختصاصات الطبية، ويعد اعوجاج العمود الفقري من الأمراض التي تُعالج بالتقويم عن طريق ضبط الفقرات، بحيث ترتكز على التحديد واللمس اليدوي لكل مفصل بمفرده، وفي سطور هذا التحقيق نستعرض أهمية طب تقويم العظام للجهاز الحركي والعضلي للإنسان. يشير د. علاء طلعت مختص طب وجراحة العظام، أن تقويم العظام مجال يختص بمعالجة الجهاز العضلي الهيكلي في الجسم؛ إذ يقوم بمهام علاجه على أساس أن جميع أجهزة الجسم مترابطة فيما بينها، والمرض الذي يصيب أحد أجزاء الجسم يؤثر في الأخرى، ولذا ينبغي أن يُعالج الإنسان بالمعالجة الوقائية، ويؤكد طب تقويم العظام أهمية الجهاز العضلي الهيكلي، ويتألف هذا الجهاز من العضلات والعظام والأوتار والأربطة التي تصل بينها، ويشكل الجهاز العضلي الهيكلي 60% من وزن الجسم، ولما كان هذا الجهاز كبيراً، فإن طب التقويم له علاقات متشابكة ومهمة بأجهزة الجسم الأخرى، وربما يتأثر الجهاز العضلي الهيكلي بالعديد من الأمراض الباطنية، وهو بدوره يمكن أن يزيد من الإصابة في أجهزة البدن الأخرى، بما في ذلك الجهاز الدوري والعصبي، ولذلك فإن أطباء التقويم مدربون على استخدام جهاز تقويم العظام يدوياً كأداة للتشخيص والمعالجة، عندما يكون ذلك ملائماً، مثل هذه المعالجة التقويمية اليدوية بوضوح أسلوب لعلاج الصحة والمرض من مدخل تقويم العظام. اعوجاج العمود الفقري يبين د. علاء أن هنالك أكثر من 20 تقنية في مجال تقويم العمود الفقري مختلفة للعلاج اليدوي، التي تتم ملاءمتها حسب التشخيص المحدد وسن المريض، وتشمل هذه التقنيات العلاج اليدوي وتمديد العضلات، العلاج بواسطة نقاط ضغط، العلاج بواسطة التمديد اليدوي، الموازنة الخاملة للحوض والفقرات في العمود الفقري، أما العلاج الخامل فيشمل موازنة أو معالجة تقويمية للعمود الفقري، مفاصل الهيكل العظمي، عدم التوازن المفصلي، أو الخلع الجزئي، وهو عامل يؤثر بشكل مباشر في أداء العمود الفقري، وبشكل غير مباشر في جميع أعضاء الجسم. يستكمل: تعتبر معالجة تقويم العمود الفقري (ضبط الفقرات) فريدة ومميزة، بحيث ترتكز على التحديد واللمس اليدوي لكل مفصل بمفرده، في 6 مجالات حركية مختلفة، ويختلف النشاط الجسدي في تقنية علاج تقويم العمود الفقري، بأسسه وبطريقة تنفيذه، عن النشاطات الجسدية في العلاج الطبيعي أو العلاج اليدوي، يركز تقويم العمود الفقري على الفقرة الواحدة وعلى مسألة الثبات، علاج تقويم العمود الفقري يحقق التوازن في فقرات العمود الفقري، وبواسطة ذلك يساعد على تدفق الإشارات العصبية بشكل أفضل إلى أطراف الجسم. أسباب الإصابة يذكر د. علاء أن العمود الفقري السليم يحتوي على الانحناءات الثلاثة الطبيعية التي يجب أن تظهر جميع فقرات العمود الفقري، والتي يبلغ عددها 33 فقرة، بصورة رأسية تماماً من المنظر الأمامي/الخلفي، ومن المنظر الجانبي، تكون المنطقة العنقية في العمود الفقري محدبة للأمام، والمنطقة الصدرية محدبة للخلف، بينما تكون منطقة أسفل الظهر محدبة للأمام، وأحيانا تحدث حالة مرضية تصيب العمود الفقري، وتسبب له انحرافاً من جهة إلى جهة، واستدارة الفقرات بحيث لا يكون فيها العمود الفقري عمودياً، وفي هذه الحالة تتشكل عدة انحناءات أيضاً تحت تأثير ثقل الجسم، والتي تشكل في بعض الأحيان تشوهاً، ويمكن أن يحدث اعوجاج العمود الفقري في الطفولة أو أثناء سن المراهقة أو السن المتقدم، وسوف نستعرض بعض أسباب الاعوجاج أثناء المراهقة: * مجهول السبب * يظهر في السن بعد 10 سنوات. * يُصيب الإناث أكثر من الذكور، ويكون الانحناء الأغلب إلى الناحية اليمنى في المنطقة الصدرية. الأعراض والعلامات * اختلاف وعدم انتظام في مستوى الكتف والقفص الصدري والفخذ. * في الإناث، اختلاف وعدم تناسق في الثدي. * اختلاف في مسافة الذراعين ــ بين أطراف الأصابع والكتف. * عدم تناسق الأكتاف والجسم بشكل عام. * ميل الرأس جانبياً. خطة العلاج يؤكد د. علاء أن خطة العلاج يتم تحديدها من قبل طبيب تقويم العظام المعالج، حسب قياس زاوية الانحناء الذي يحدد شدة الانحناء، وتكون خطة العلاج للاعوجاج في العمود الفقري حسب درجة زاوية الانحناء كالتالي:- } إذا كانت زاوية الانحناء أقل من 25 تتم مُتابعته فقط، وحساب زاوية الانحناء في الأشعة السينية على فترات زمنية مُنتظمة كل 6 أشهر. } إذا كانت زاوية الانحناء أكبر من 25، يتم استخدام الحزام لتصحيح الانحناء، وهناك أنواع متعددة منه. } تصحيح الانحناء جراحياً يتم بعد فشل العلاج التحفظي (الطرق السابقة) وزيادة درجة زاوية الانحناء. السلامة الهيكلية يقول يوسف يوسف مختص تقويم العظام، إن طب تقويم العظام هو الشكل الطبيعي للطب الفيزيائي، وهو مبني على فلسفة أساسها أن المرض والاختلال الوظيفي أسبابهما فقدان السلامة الهيكلية للجسم، ويهدف العلاج التقويمي إلى استعادة التوازن الهيكلي في الجسم وتعزيز الصحة المثلى، ويعتمد مختصو تقويم العظام على استخدام اليدين فقط كأدوات للعلاج، وينظرون إلى السبب وراء الألم ويعالجونه، في حين أن الطب التقليدي يعالج الألم باستعمال الأدوية والمسكنات وحتى الجراحة، وفي مجمل الحالات تقريباً يتم العلاج التقويمي، بالتزامن مع العلاج الطبي التقليدي، ولا يعتمد على الجراحة أو استخدام الأدوية، لذلك من المهم تقديم هذا النوع من العلاج بالتزامن مع العلاج التقليدي في الكثير من الحالات. التاريخ الطبي للمريض يضيف: مختص تقويم العظام يمتلك معرفة واسعة في علم التشريح ووظائف الأعضاء وعلم الأمراض والميكانيكا الحيوية، حيث يستخدم هذه المعرفة لتشخيص حالات المرضى، كما يحرص على أن يتعمق في فهم التاريخ الطبي للمريض والحالة المرضية التي يعانيها، حيث يبدأ الاختصاصي بفحص الجسم بأكمله من العضلات إلى الأربطة والعظام والمفاصل، بالإضافة إلى أعضاء البطن بهدف الكشف عن أي تغيرات غير طبيعية لهذه الأجزاء، وعندما يجد هذه التغيرات في هيكلية جسم المريض ويربط ذلك إلى الألم، تتم إزالة المشكلة المسببة للألم والتعامل معها حتى الشفاء منها. مقاربة الجسم ويوضح يوسف أن علم تقويم العظام مبني على أساس مقاربة جسم المريض كوحدة كاملة بدلاً من التركيز على مناطق الألم فقط، ويتبع مختص العظام مجموعة من المبادئ الطبيعية ما يجعل هذا النوع من العلاج فريداً من نوعه، وهناك بعض المبادئ التي يرتكز عليها طب تقويم العظام ومنها: 1ــ أن الجسم لديه القدرة على شفاء نفسه، فمن المهم أن يكون تدفق الدم كافياً من وإلى الأنسجة، وأن يعمل الجهاز العصبي بشكل طبيعي من أجل تنسيق وظائف أعضاء الجسم، كما أن الجسم يمكن أن ينجز هذا التنسيق في كامل وظائفه، عندما يكون هناك توازن كامل في هيكلية الجسم من دون أي تقيد في الحركة، وتتمثل وظيفة مختص تقويم العظام في مساعدة الجسم على الاستفادة من آلية الشفاء الذاتي للتغلب على الاختلال الوظيفي والحفاظ على الصحة. 2ــ الجسم وحدة واحدة متكاملة، هذا المبدأ يسمح لاختصاصي تقويم العظام أن ينظر إلى المريض كوحدة متكاملة، ما يعني أن أي خلل في جزء من أجزاء الجسم يؤدي إلى اختلال التوازن في تناغم وظائف الجسم ككل، لذلك أي علاج يعطى للمريض يجب أن يستهدف توازن الجسم ككل، وليس فقط المنطقة أو الجزء المتأثر، وهذا المبدأ ينطبق أيضاً على أسلوب التشخيص. 3ــ البنية تحكم على الوظيفة، وهذا يعني أن الجهاز العضلي الهيكلي يمكن أن يتسبب في حدوث تغيرات في أجهزة الجسم الأخرى، وينظر مختص تقويم العظام إلى جسم الإنسان كآلة، ونحن نعلم أن للآلة أجزاء يجب أن يتم تجميعها وفي الترتيب الصحيح كي تعمل على نحو فعال، وإذا كانت الآلة لا تعمل بشكل صحيح، فيتوجب تعديل الأجزاء حتى تستعيد فعاليتها، كما أن الجهاز العضلي الهيكلي (العظام والعضلات والأربطة، إلخ)، إذا وجد خلل في أي من مكوناته يقلل من قدرة الجهاز العصبي أو الدورة الدموية على العمل بشكل صحيح، ما يؤدي إلى الألم والمرض. نوع الألم يؤكد يوسف أن أهمية طب تقويم العظام تكمن في أن ينظر إلى كل مريض كحالة منفردة تستلزم أسلوبَ علاجٍ مخصصاً لها ومختلفاً عما يكون لحالة أخرى، فعلى سبيل المثال، بروتوكول علاج آلام الظهر يختلف من مريض إلى آخر، بالإضافة إلى الاختلاف في بنية عضلاتهم والهيكل العظمي وتجارب الحياة والوظيفة، ولذلك تجب معرفة السبب في الألم أو الاختلال الوظيفي، لتحديد العلاج الذي يساعد على استعادة التوازن الكامل للمريض والعافية الكاملة، ويقوم الاختصاصي بتثقيف المريض على الوضعية السليمة للجسد، والمسببات التي يمكن أن تؤدي إلى الاختلال الوظيفي وكيفية تجنب تكرارها، كمثال إذا أتى مريض يعاني آلاماً في أسفل الظهر، من دون أي سبب أو صدمة مثل حادث سيارة، أو رفع شيء ثقيل، يجب على الطبيب أن يقوم بتقييم الجسم بشكل كامل من الحوض إلى الكاحل والقدمين، ومن الحوض حتى العمود الفقري وإلى الكتفين، فيمكن لمريض أن تتأثر حركة مفصل كاحله، في حال كان يعاني إصابة سابقة في الكاحل بسبب التعثر على الدرج أو بسبب الإصابات الرياضية القديمة، بالرغم من عدم تسببها بأي ألم، فيكتشف مختص تقويم العظام أن هذا الكاحل لا يتحرك بالطريقة الصحيحة ما يؤدي إلى التوتر العضلي في الساق وفي الورك والحوض، ويؤدى هذا التوتر العضلي إلى التواء في الحوض، ما ينتج عنه ضغط واضطراب في ميكانيكا العمود الفقري، ومع مرور الوقت يسبب شعوراً غير مريح، تم تجاهله من قِبَل المريض حتى تركز الألم في أسفل الظهر، وإذا عولج هذا المريض فقط في منطقة الظهر السفلى، وتم تجاهل جميع الأجزاء الأخرى من الجسم، فلن يتحسن وضعه، وربما يشعر المريض بانخفاض مؤقت في درجة الألم لحظة مغادرة العيادة، إلا أنه عند عودته لنشاطه اليومي سوف يشعر مجدداً بآلام الظهر في حال تم تجاهل الكاحل، ويمكن لجميع الفئات من الناس من الأطفال إلى الرياضيين والمسنين الاستفادة من هذا النوع من العلاج، بحيث يعتبر طب تقويم العظام معتدلاً ولا يعتمد على التدخل الجراحي، وهناك بعض الحالات التي يمكن معالجتها من خلال تقويم العظام مثل: * الأطفال: (مشاكل الرضاعة، آلام البطن). * الصداع والصداع النصفي. * آلام الظهر. * الإصابات الرياضية. * التهاب المفاصل. قلة الحركة يقول مالكوم غريغوري، مختص أول تقويم العظام في أحد المراكز المتخصصة: ثمة أعداد متزايدة من المرضى من مختلف الفئات العمرية يأتون للحصول على الاستشارة، يسهم أسلوب الحياة الذي يميل إلى قلة الحركة ونقص الفيتامين إلى انتشار اضطرابات الجهاز الهيكلي العضلي، ويمكن أن تستفيد كافة الفئات العمرية بما في ذلك الأطفال والشباب وكبار السن من هذا النوع من العلاج من دون آثار جانبية، فعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون التهاب المفاصل عادة ما يقوم الأطباء بوصف الأدوية المناسبة لهم، وبالإضافة إلى ذلك، يقوم اختصاصيو تقويم العظام بتخفيف الألم الناجم عن تصلب المفاصل والعضلات عن طريق تحسين حركة المفاصل وتدفق الدم إليها، وتعريف الأشخاص الذين يعانون التهاب المفاصل بكيفية تجنب إلحاق الضرر بأنفسهم. ومن منظور مبادئ تقويم العظام يتم فحص جسم المريض بأكمله باعتباره وحدة واحدة؛ حيث إن منطقة واحدة مصابة يمكن أن تتسبب بحالة من عدم التوازن في انسجام كامل الجسم، وكذلك، تنظر المبادئ التقويمية إلى البنية والوظيفية باعتبارهما مترابطتين، وهذا يعني أن أي حالة تشوّه في الجهاز العضلي الهيكلي قد تؤثر في أجهزة الجسم الأخرى التي تعمل بشكل صحيح، بما في ذلك الجهاز العصبي والدورة الدموية، ما يؤدي إلى حدوث الألم والإصابة بالمرض، ويتيح توفير طرق علاجية لهذه الاختلالات آلية الشفاء الذاتي للجسم لتعمل بشكل صحيح. انحرافات البلوغ يصنف المرض ضمن مشكلات مراحل النمو، ينشأ وتسوء حالته في مراحل نمو الجسم في مرحلة البلوغ، معظم حالات انحراف العمود الفقري لدى المراهقين تكون مجهولة السبب، لكن يتفق أغلب أطباء العمود الفقري أن العامل الجيني له علاقة بالمرض، ويتأهب العمود الفقري جينياً لتطور الاعوجاج عند الإناث أكثر من الذكور بمعدل 4 أضعاف، وفي 80% يكون مجهول السبب، أما 20% الباقية فعادةً ما تكون بسبب أمراض الأعصاب والعضلات مثل الشلل الدماغي أو عيوب الولادة، وينتشر المرض بسبب انحرافات العمود الفقري الأقل من 10 تصيب 3 -5 من الناس.
مشاركة :