شكرا لـ (حساب المواطن) الذي كشف أن حوالي 30% من أرباب الأسر السعودية نساء، أي أن القوامة المالية بأيديهن العاملة الكريمة. وهذا يرد ردا بينا وداحضا على كل المشككين بأهمية عمل المرأة والإصرار على وضعها موضع التابع الذي لا يقدم ولا يؤخر. قلت من قبل، وقال غيري، إن المرأة السعودية حققت ذاتها وفهمت استحقاقات الحياة المترتبة عليها، لكن أحدا، من هؤلاء المزايدين، لم يكن ليسمع أو يقتنع، فهو لا يستطيع أن ينظر للمرأة إلا باعتبارها مآلا و(جهازا) للفساد والإفساد. في أكثر من مقالة سابقة أشرت، ولم أكن أفعل ذلك اعتباطا أو تسلية، إلى أن من النساء من تبز برجاحة عقلها وحضورها في حياة أسرتها ومجتمعها ألف رجل، لأن المقياس عندي لم يكن ذكورة وأنوثة، بل كان متعلقا بما أراه من قدرات نسائية سعودية فائقة في التعلم والعمل وتحمل المسؤولية. أعرف، من أقاربي وأصدقائي، نساء كثيرات، أرامل أو مطلقات أو مهجورات، يسعين من أجل أرزاقهن سعي النمل. ومع قلة ما يحصل عليه بعضهن من رواتب أو عوائد، وما يلتهمه السائقون من مداخيلهن الشحيحة، إلا أنهن صابرات ومؤملات على الدوام بحال أفضل. لو كان المتنطعون، السابقون واللاحقون، يفهمون لفهموا معنى أن تصحو أم قبل الطيور وتصلي في مسجد محطة في منتصف الطريق لتصل في الوقت المناسب إلى مدرستها على بعد 200 كيلومتر من بيتها. ولفهموا معنى أن تقف فتاة، مضى على تخرجها 10 سنوات، في محل تجاري لثماني ساعات لتحصل على 3000 ريال يأخذ السائق نصفها. ولفهموا معنى أن تمر سنة دون أن تشتري عاملة بسيطة قطعة لباس لأنها تؤثر بناتها وأبناءها على نفسها بغض النظر عن الدموع التي تسفحها كلما خلت إلى نفسها.!! هذه هي المرأة الإنسان المكافح المستحق للعمل والرزق والحياة الكريمة.. المرأة التي يتبخر أمامها كل هذا الهراء الذي يشكك في وجودها وتحملها وقيمتها، ويتقزم أمام عظمتها وصبرها كثير من الذكور.. تعظيم سلام يا سيدتي.
مشاركة :