من الصعب أن تحاور الفنان الكوميدي محمود عزب، أحد أبرز نجوم الكوميديا الساخرة في مصر، بدون أن تنفجر ضاحكاً من آن لآخر، من تعبيرات وجهه وإن بدا يتحدث بجدية، فيكفي أن تسترجع، تجسيده لشخصيات حكومة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، في برنامجه «حكومة شو» وأنت تسأله عن سبب منع عرض البرنامج قبل ثورة ٢٥ يناير، كيف قلد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى الأسبق الرجل القوي في نظام مبارك، وإعلاميين مثار جدل في مقدمتهم توفيق عكاشة. محمود عزب الشهير بعزب شو فتح قلبه لليمامة متحدثاً عن أعماله المقبلة، وكيفية تقمص الشخصيات، وعن مسرحية الجديدة التي تعرض على خشبة المسرح العائم «اللي خايف يروح» وتجسيده لشخصية الرئيس المعزول محمد مرسي، وكواليس منع «الحكومة شو» في عهد مبارك، وأسرار تجسيده للشخصيات وردود فعلها، والنكت الصريحة والمنولوج الذي يعتبره مات فإلى نص الحوار: كيف بدأت التعرف على موهبتك؟ - منذ صغري وأنا أعشق الفن وإعادة تمثيل المشاهد، لكن الاهتمام بالفن كمهنة كان منذ ٨ سنوات فقط، وربنا هو من يختار للإنسان طريقه وهو من يعطيه الملكة. كيف جاءت فكرة حكومة شو في عهد الرئيس الأسبق مبارك؟ - كان هناك عصر ذهبي للتلفزيون في عهد المهندس أسامة الشيخ، كان مسؤولاً عن القنوات المتخصصة، واشتغلت معه في قناة النيل كوميدي، برنامج كوميد شو وعزب شو، وفي إحدى القنوات قالوا لي لقد قلدت شخصيات دينية مثل الدكتورة ملكة زرار وعدد من الإعلاميين والشخصيات العامة من من السياسيين تريد تجسيدها بشكل كوميدي قلت أريد عمل « حكومك شو» فقال المهندس أسامة الشيخ وليه متقولهاش صريحة « الحكومة شو». لكن التلفزيون المصري أنتج «حكومة شو» ومنع بثها هل كان إنتاجها بهدف احتكارها ومنع بثها خشية إنتاجها على قناة خاصة أم كان الهدف القول إن الحكومة تنتقد على شاشة تلفزيون الدولة بما يشير لارتفاع سقف الحرية؟ - أشهد للمهندس أسامة الشيخ ووزير الإعلام الأسبق أنس الفقي بأنهما كانا متحمسين جداً للعمل وأصرّا على إنتاجه، ولكن منع عرضه كان بقرار أكبر منهم قرار سياسي أعلى، وفي هذا العمل قدمت نقداً ساخراً لكل أعضاء الحكومة بداية برئيس الوزراء، وأيضاً صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى. جاء بعد ذلك عملك «الوش الثاني» الذي انتقدت فيه العديد من الساسة من مختلف التوجهات السياسية، هل تعرضت لأي مشكلات لانتقاد شخوص بعينها؟ - الفن والإعلام أسهما في نجاح ثورة ٢٥ يناير، نتيجة التطاول على الناس وإهدار حقوقهم من قبل النظام، ثم كان الإعلام والفن أيضاً المحرك لثورة ٣٠ يونية عندما تغول الإخوان وخانوا ثورة ٢٥ يناير، لكن لم يقاضيني أحد لأن من انتقدهم سياسيون وشخصيات عامة ويعلمون حرية التعبير والنقد لا أجرح، وأنا أعتمد على النقد الهادف للشخصية، وأدائها الإعلامي أو الوظيفي ولا أتعرض لحياته الخاصة، فالفرق بين النقد والتجريح شعرة وأنا أحافظ على هذه الشعرة. الدكتورة ملكة زرار مثلًا ألم يغضبها تجسيدك الساخر لشخصيتها؟ - ضاحكاً الدكتورة ملكة صديقة أعتز بها جداً، وكان اعتراضها فقط على أنني قلت ملكة زرار ولم أقل الدكتورة ملكة، وصوبت ذلك. ما الشخصية التي أحببتها وأرهقك تجسيدها؟ - الدكتور محمد البرادعي، وفوجئت بأنه تقبل محاكاته في برنامج الوجه الثاني بصدر رحب وكان يشير الفيديوهات على صفحته ليشاهدها محبوه، ونحن في حاجة لأعمال فنية تحاكي الثورة وأحداثها، كما حدث عقب ثورة يوليو ١٩٥٢. كيف ترى دور الفن في مواجهة الفساد، ومواجهة الفن الهابط، بمسرحيتك التي تعرض الآن على المسرح العائم «اللي خايف يروح» تنتقدون فيها فساد الحاكم والفن الهابط الذي يلقى إعجاب الملك؟ - طبعاً للفن دور مهم في تحريك الشعوب ودفعهم للثورة على الظلم، وفي هذا العمل ننتقد الفن الهابط فالعمل يدور حول صراع بين أعضاء الفريق المسرحي الراغبين في تقديم فن هادف ومن يريد الحصول على مال من الفن الرديء، لكن الفن الهادف حرك الثورة، وقضى بعد ذلك على الإخوان الذين أشعرونا في عام واحد حكم أن اسمهم إخوان لأنهم يخونون الشعب، وسأعمل برنامجاً يحاكي ما أحدثه الإخوان بالشعب، ولم يكن متاحاً محاكاة مرسي وهو في الحكم والآن ممكن. لكنكم تقولون في نهاية العمل إن الملك رحل والإخوان والثوار تشاجروا على من منهم يحكم حتى فوجئوا بأن وزير الملك وسبب فساد حكمه سرق منهم الحكم واعتلى الكرسي؟ - هذا نوع من الجنون الإبداعي على خشبة المسرح لكن الحقيقة أن النخبة شغلهم الصراع على الحكم وهذا ما قلناه على خشبة المسرح. هل حريتك في النقد يرتفع حجمها وينخفض بنوع الوسيلة التي تمارس العمل من خلالها، مثلًا سقف حرياتكم مرتفع جداً وتقدمون رسائل قوية على خشبة المسرح، هل لأن تأثره محدود لقلة عدد جمهوره مقارنة بجمهور برنامج فضائي على قناة واسعة الانتشار مثلًا؟ - على المسرح كل فريق العمل متعاون جداً وحتى المخرج فنان رائع يمثل معنا، ونقول ما نشاء بلا سقف، وبالنسبة لي على شاشات الفضائيات لم أواجه خطوطاً حمراء فتاريخي معروف، وما يمكنني من الحفاظ على حريتي هو الحفاظ على الشعرة الدقيقة بين محاكاة الشخصية بشكل كوميدي وبين التجريح، وأعتقد أنني أستطيع الحفاظ على هذه الشعرة. كيف تتقمص الشخصية وما طقوس متابعتك لمن تريد محاكاته؟ - أهتم جداً بتفاصيل الشخصية، فأبدأ بأن أضع صورته إلى جوار صورتي وأجلس أنظر إليه وأقارنه بصورتي، وأحاول أتعرف على التفاصيل التي من خلالها يصبح وجهي شبيهاً به، وأحياناً تكون تغييراً بسيطاً مثل كثافة الحاجب، ثم أتابع كل لقاءاته وحركاته للوقوف على لازمة الشخصية، وصولاً لتقمص روحه، ولا يشغلني إطلاقاً تقليد صوته، لأنني لا أقلد، بل أتقمص الشخصية بروحها وتفاصيلها. السخرية من زملاء المهنة مثل حمادة سلطان هل أغضبهم؟ - مش سخرية لكن ما حدث أنني في بداياتي كان يوجد مونولوجست اسمه حمادة سلطان يلقي نكات وسمعت من الناس أنهم ينتقدون أنه يضحك قبل أن ينتهي من إلقاء نكتته، وكل فني آخذه من كلام الناس عندما يكون لها ملاحظات على شخصيته ألتقط ذلك وأتابع الشخصية وأقدمها بشكل كوميدي، فانتقدت ذلك بأسلوب ساخر، وهذا أمر طبيعي. أيهما أحب إليك أن تواجه الجمهور من على خشبة المسرح أم من خلف كاميرا في عمل تلفزيوني أو درامي؟ - المسرح أحب إلي لأن الممثل على خشبة المسرح يكون أكثر سعادة من المشاهد، لأنه يحصل على حقه من إشادة الجمهور في الحال، عندما يبدع أو يطلق إفيهاً يأتيه رد الفعل مباشراً من القاعة، أما مواجهة الجمهور من خلف شاشة سينما أو تلفزيون فإن رد الفعل لا يشعر به الفنان أو يشعر به متأخراً. من الذي يضحك محمود عزب من الفنانين؟ - كل من يريد أن يضحكني، ويقدم إفيه. كان للمنولوج دور في الفن الساخر أين هو الآن؟ - المنولوج أحد أدوات الإضحاك والكوميديا هي فن الإضحاك ولها أدوات عدة، تحتاج الي إبداع دائم، وأرى أن فن المنولوج مات وانتهى دوره وأصبح لا يناسب هذا العصر الذي لن يقبل فيه مونولوج يقدم نصائح ومواعظ في شكل كوميدي، المشاهد في حاجة لفن الإضحاك الذي يقدم رسالة بأسلوب مبتكر. كيف ترى مستقبل النكتة المباشرة؟ - عندما انتقدت حمادة سلطان كنت أعترض على النكتة المباشرة الصريحة التي تقول مرة واحد عمل كذا وكذا، فلم تعد مناسبة الآن، كوميديا الموقف هي المناسبة والسخرية من الواقع. من يكتب إفيهاتك ونكاتك من خلال كوميديا الموقف؟ - يكتب لي في الفترة الأخيرة عادل سلامة وهو شاب مبدع ومثقف جداً وعملت معه كل برامجي، حتي برنامجي المقبل. ما موضوع برنامجك القادم؟ - حاجه اسمها عزب جوت تلن زي عرب جوت تلن بتاع نجوى كرم وأحمد حلمي الذي يتنافس فيه أصحاب المواهب، وأنا في برنامجي أكتشف مواهب مشاهير السياسيين، فستجدون منهم الساحر، وراقص الباليه ومن ينط الحبل، وهو نقد فكاهي للسياسيين ومواقفهم من الأحداث. هل يقلق كفنان كوميدي، اتجاه إعلاميين مثل باسم يوسف لتقديم برامج ساخرة فكاهية، هل يؤثر ذلك على الفنان الكوميدي؟ - هذا النوع من الإعلام الساخر يسعدني وأرحب به، والفنان له دور وأسلوب والإعلامي له أسلوب مختلف. هل تعد لأعمال درامية؟ - يجري الإعداد لعمل درامي أجسد فيه شخصية الفنان الراحل «استيفان رستي» ولكنه ما زال في طور الإعداد له.
مشاركة :