حفريات الشوارع المهملة.. تخنق المتاجر وتشوه المشهد العام

  • 2/12/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مماطلة المقاولين تتجاهل مصلحة المحلات وتربك المشهد المروري وتهدد سلامة المارة تشكل عمليات الصيانة للشوارع والأرصفة، وتمديد الخدمات ضرورة ملحة من أجل تحسين الخدمات وتطوير المشهد العام، إلا أن المشاريع التي تخيم حفرياتها وحواجزها الخرسانية في الشوارع الرئيسية لأشهر عدة، تلقي بظلالها على الشارع التجاري، وتربك انسيابية الحركة، وتعقد المشهد المروري، الأمر الذي يجعل المتاجر في تلك الشوارع تعاني من تحييد عملائها عنها جراء الحفريات التي انتابت الشارع. وفي الوقت الذي يتذمر فيه أصحاب المحلات التجارية من طول وقت تنفيذ المشاريع، وبقاء الحفريات لمدة طويلة تسبب لهم خسائر فادحة، طالب مختصون بالتنسيق وتطبيق العقود بحزم كبير بغية دفع المقاولين إلى إنجاز تلك المشاريع في وقت قياسي بما يحافظ على مصلحة أصحاب المتاجر، ويحرر الشارع العام من تبعات تنفيذ تلك المشاريع المتمثلة في الحفريات وحواجز الخرسانة التي تعيق حركة المارة وتخنق المتاجر. ضرر الاقتصاد المهندس سعود الدلبحي - أكد أن المتعارف عليه عند اقتطاع جزء من الشارع في دول العالم مراعاة عدم الضرر بالاقتصاد الوطني، مبيناً أنه عند وقوع الضرر على بعض المتاجر، فإنه يتم تعويض المتضرر بما يجبر الضرر، مشدداً على أنه في بعض دول العالم لا يسمح بالعمل في الشوارع بالنسبة للمقاولين إلا بعد منتصف الليل، وذلك لعدم ارباك الشارع ومنح المتاجر فرصتها في خدمة عملائها، وقال: إن مثل هذا الإجراء يحد من زحمة السير، ويتيح للمتسوقين الوصول إلى وجهتم من المتاجر بيسر وسهولة، كما أن المقاولين في أمريكا مثلاً ملزمون بعد عملهم في الصيانة منذ منتصف الليل أن يعيدوا الشارع في الصباح إلى وضعه الطبيعي لمرور الناس والمركبات، مما يزيل الأثر السلبي على المتاجر التي تستقبل عملائها بالرغم من خضوع الشارع التجاري للصيانة أو الحفريات. وأضاف: إنه يجب إلزام المقاولين ببرنامج زمني دقيق لتنفيذ أعمالهم، ويحدد لهم وقت لتنفيذ ما يسمى بالنشاط، وهو الحفريات والردم، فمثلاً حفريات وردم تمديدات مياه لمسافة 400 متر هي في الغالب لا تحتاج إلا لأربع ساعات فقط، بينما في المملكة قد تستغرق عشرين يوماً على أقل تقدير في ظل الروتين وعدم تطبيق المعايير والجدول الزمني بصرامة، والسبب في هذا ليس المقاول وحده، فقد يكون للجهات المعنية دور في هذا التأخير من خلال التأخير في معاينة المشروع أو عدم حضور المهندس المراقب للمشروع، الأمر الذي يجعل من تنفيذ مشاريع بسيطة ولادة متعسرة قد تستغرق شهوراً وأحياناً بضع سنين. وقال المهندس الدلبحي إن اقتطاع الشارع كاملاً ليس عملاً صحيحاً، مشيراً إلى أن ذلك يعني الغاء الحركة بشكل كبير في كل الشارع طيلة تنفيذ المشروع والذي قد يستغرق لسنوات، مما سيكون له الأثر السلبي على الحركة التجارية في ذلك الشارع، وأضاف: يجب عدم اقتطاع الشارع كاملاً، وانما العمل به على مراحل كي تبقى الحركة فيه مستمرة ونشطة ويقل به الازدحام المروري، ومن المفترض أنه عند تعثر مقاول في تنفيذ مشروع معين في شارع تجاري مثلاً، ألا يترك الناس والتجار تحت رحمة ذلك المقاول، وإنما يتم الاستعانة بمقاولي الصيانة التي يقع ذلك الشارع ضمن عقود الصيانة السنوية معهم، ليتدخلوا من أجل إعادة الشارع إلى وضعه الطبيعي، ثم الرجوع للمقاول وتحميله المسؤوليات والتبعات التي تتعلق بالعقد. غياب العقوبات وسوء التنسيق خلفا شوارع تجارية تخنقها الفوضى والمشروعات المتعثرة وأكد أن إدارة المدينة في أي مكان في العالم تقع تحت مسؤولية البلديات، وتتحمل مسؤولية تنظيم عمل المقاولين والحفريات وضبط العمل. خسائر د.عمر سالم باهمام -عميد كلية التخطيط بجامعة الملك سعود- أكد أن تأثير الحفريات في الشوارع التجارية على المتاجر قد يكون سلبياً بشكل كبير إذا ما طالت مدة تلك الحفريات، مشيراً إلى أهمية التقيد ببرنامج زمني يبلغ به أصحاب المتاجر ليحددوا خياراتهم، ويستعدوا لمواجهة تبعات تلك المشاريع التي قد تقصي العدد الأكبر من عملائهم لفترات طويلة. وبين أن الخسائر التي قد تلحق بالمتاجر جراء حفريات المشاريع التي تستغرق وقتاً طويلاً قد تخرجها من السوق، خاصة تلك المتاجر الجديدة. وقال: إن تأخر حفريات المشاريع أمام المتاجر وفي الشوارع التجارية تمثل عبئاً كبيراً أمام الشارع التجاري، ولذلك يجب على الجهات المعنية وضع اشتراطات وقيود تحد من استهتار المقاولين وتهاونهم في انجاز المشاريع في وقتها المحدد، والذي يجب أن يراعي الأثر السلبي الذي يقع على المحلات التجارية طيلة تنفيذ الحفريات في الشوارع. وأضاف باهمام: إنه ليس من الصعب على شركات المقاولات أن تقنن عمليات الحفريات بحيث لا تعطل الشارع كله، وأن تبدأ في الحفريات على مراحل بحيث تتمكن بعض المحلات من استقبال عملائها بعد أيام وتكون المحلات التالية قد تمكنت من العمل في الفترة السابقة، الأمر الذي سيخفف الوطء على أصحاب تلك المتاجر. وأكد باهمام أن حجم الضرر الذي يلحق بالمتاجر يعد خسارة للاقتصاد الكلي، مبيناً أن المتاجر حين تفلس سيفقد موظفون أعمالهم، وسيخسر المستثمر أموالهم من أجل ترهل عمل مقاول بقى لسنوات في مسافات قصيرة، وقال: إن التنسيق يجب أن يكون بشكل كامل بين الجهات المعنية، كما أنه يجب أن يحصل أصحاب المتاجر على تعويضات في حالة أن كان المقاول هو السبب في تأخر تنفيذ هذه المشاريع، وتجاوز الوقت المحددة بشكل كبير، وقال: إنه من حق أصحاب تلك المتاجر أن يحصلوا على التعويض حينما يصابون بخسائر فادحة قد تؤدي إلى إفلاس بعضهم أحياناً. غياب التنسيق د.عبدالوهاب القحطاني -أستاذ الإدارة الاستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بكلية الإدارة الصناعية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن- أكد أن المتعارف عليه في دول العالم أن الشركات التي تنفذ المشاريع تخضع لقيود واشتراطات مشددة بحيث لاتعيق عمليات تنفيذ المشروع من الحفريات والانشاء حركة التسوق وألا تؤثر تأثيراً كبيراً على تلك المتاجر، وطالب بالتنسيق بين الجهات المعنية بغية حماية أصحاب المتاجر من الضرر الذي قد يلحق بهم جراء بقاء تلك الحفريات أمام متاجرهم لسنوات، مشيراً إلى أن ذلك يؤثر تأثيراً سلبياً على دخولهم الأمر الذي قد يؤدي إلى إفلاس بعض تلك المتاجر. وأشار إلى أنه في دول العالم يحصل أصحاب المتاجر التي تتضرر بشكل مباشر من انشاء المشاريع في الطرق الرئيسية والتي قد تجعل دخول العملاء إلى تلك المتاجر أمراً صعباً، على تعويض خلال شركات التأمين التي تدفع لهم مقابل تلك الخسائر، وشدد على أن الأمر في المملكة لا يخضع لعمليات ضبط كافية للحفاظ على حقوق الأطراف المتضررين من تأخر المقاولين في إنهاء الحفريات وآثار تنفيذ المشاريع في الشوارع الرئيسية وأمام المتاجر، وقال: للأسف الشديد أنه لا يوجد قيمة للوقت في تنفيذ المشاريع في المملكة، الأمر الذي جعل من الملاحظ بقاء حفريات المشاريع لسنوات، فيما لا تحتاج إلى تلك المشاريع سوى أشهر معدودة، وأظن أن غياب الرقابة الصارمة جعل الحبل على الغارب بالنسبة للمقاولين، فالمقاول يحصل على مشروع هنا، وبعد أن يبدأ فيه يحصل على آخر، فينقل عمالته للمشروع الجديد تاركاً المشروع الأول دون إنهائه، مما يؤثر تأثيراً سلبياً على المشهد العام، ويملأ الشوارع بالحفريات ومخلفات الحفر، الأمر الذي يشكل تحدياً أمام المتسوقين للوصول إلى المحلات الراغبين التوجه إليها، وكذلك تشكل تلك الحفريات تهديداً لسلامة المارة في أحيان كثيرة. كثافة المشروعات وعدم أهلية المقاول وسوء التنسيق أفرزت الحفريات المزمنة ما إن وصلت الطفرة الماضية للبلاد في عقد من الزمان، حتى أصبحت الشوارع في البلاد تئن تحت وطأة آليات المقاولين التي تشق الحفريات ولا تردمها إلا بعد حين، الأمر الذي أفضى إلى مشهد تعمه الفوضى ويسوده التخبط، فكم من مقاول شق حفريات على طول شارع رئيسي، وتركها مهملة لأشهر عدة، تضرر من إهماله هذا متاجر هجرها عملاؤها هروباً من تعقد الحركة المرورية والازدحام الكبير. وبغض النظر أسباب تأخر المشاريع التي أهمها عدم أهلية المقاول في كثير من الأحيان، إلا أن المعالجة من قبل الجهات المعنية لا تتجاوز تطبيق غرامة لا تزيد عن 10% من قيمة المشروع في حالة أن كان التأخير بسبب المقاول، أما إن كان بسبب تأخر إجراءات من قبل الجهات الحكومية، فإن التأخير يزداد ويتعاظم دون أي إجراءات تذكر، وتختلف مسببات تأخر المقاولين في ردم الحفريات ومعالجتها، فبعضه بسبب عدم كفاءة المقاول، خاصة وأن الطفرة الهائلة الماضية قد جعلت كل مقاول يحظى بعدد كبير من المشاريع، إضافة إلى البيروقراطية الخانقة التي تؤخر رخص التنفيذ والتصاريح اللازمة لبدء العمل، كما أن المهندسين الاستشاريين لهم إسهاماتهم في ذلك التأخير بالنظر إلى قلة المهندسين الاستشاريين العاملين في الجهات الحكومية. كما أن عدم تنظيم شبكات الخدمات وتقادمها، يمثل مشكلة أخرى قد تواجه المقاول في أي شارع، خاصة في الأحياء القديمة، مما ينبئ عن الحاجة الماسة لأنفاق الخدمات التي تسهم في تسهيل وسرعة إنجاز تنفيذ مشاريع البنى التحتية والخدمات الأساسية لأي مدينة. عمّـال المحلات يحمّـلون المقاولين مسؤولية الخسائر.. ويتوجسون من شبح الإفلاس أكد عمال محلات متضررة من الحفريات التي أخذت وقتاً طويلاً أمام متاجرهم مما أسموه عزوف العملاء عن الشراء من محلاتهم هرباً من الازدحام وعدم توفر مواقف، وأبلغوا الرياض أن تراجعاً حاداً قد أصاب مبيعاتهم منذ بدأ المقاولون بشق الحفريات في الشارع، مبدين تذمرهم من بطء عمل التنفيذ وارتباك الحركة المرورية التي نتج عنها ازدحام منفر للعملاء. وقال محمد إبراهيم -عامل مخبز-: إن تراجعاً حاداً في مبيعات المخبز جراء عزوف العملاء بسبب الحفريات يهدد مخبزه بالإفلاس، مبيناً أن 90% من عملاء المخبز قد هجروه بسبب تلك الحفريات، مبدياً أمله في أن يسارع المقاول إلى إنهاء عمله ومغادرة الشارع بأسرع وقت ممكن. وذكر ماهر علي -موظف في مكتب عقار- أن زوار المكتب تناقصوا بشكل كبير منذ بدء الحفريات في الشارع، معزياً ذلك إلى عدم وجود مواقف، وكذلك الزحام المروري الذي تسببه تلك الحفريات والحواجز الخرسانية، محملاً تأخر المقاولين في تنفيذ المشاريع الآثار السلبية التي تعانيها مبيعات المحلات التي تقع أمامها الحفريات مباشرة. من جانبه قال محمد عبداللطيف -عامل بقالة-: إنه فقد عدداً كبيراً من عملاء البقالة بسبب حفريات المقاول أمام باب المحل، مؤكداً أن هناك زحاماً شديداً في الشارع مما يستدعي وجوب سرعة إنجاز عمل المقاول في أسرع وقت، وقال إن عزوف المتسوقين يتسبب له في خسائر كبيرة. تأخر تنفيذ الحفريات يربك الشارع عبث المقاولين يدوم لأشهر عدة بعض المحلات تتعرض لخسائر وتفقد جزءاً من عملائها م. سعود الدلبحي د.عمر سالم باهمام د.عبدالوهاب القحطاني ماهر علي محمد عبداللطيف محمد إبراهيم

مشاركة :