بعد أن رفعت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA والاستخبارات الوطنية الأمريكية NIC السرية عن ما مجموعه 282 وثيقة من المراسلات والمخطوطات التي وجدت في وكر الإرهابي الإخواني الهالك أسامة بن لادن في مدينة «أبوت أباد» الباكستانية - بعد القضاء عليه وتخليصنا وتخليص العالم من شره في فترة مهمة ذات دلالة فيما يتعلق بأحداث ما يسمى بـ«الربيع العربي»، وتحديداً في أيار- مايو 2011م-، التي كشفت -أي الوثائق- دون مواربة ذلك التقدير الخاص الذي يوليه «ابن لادن» لنظام الملالي في طهران، وذلك التعاون المتبادل بين القاعدة وطهران، بما في ذلك التشارك في العديد من العمليات الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية -كما حدث في سلسلة التفجيرات الإرهابية في الرياض عام 2003م وما تلاها- أو كما حدث أيضاً في كارثة 11 سبتمبر التي استهدفت في الواقع ضرب العلاقات السعودية الأمريكية المتينة، أو ما سبقها من عمليات استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية أو مصالحها في المنطقة، كما حدث في تفجير السفارتين الأمريكيتين في كل من نيروبي ودار السلام، واستهداف المدمرة «كول» قبالة السواحل اليمنية، كما كشفت -أيضاً- ذلك التعاون الضمني بين تنظيم القاعدة وتنظيم الإخوان المسلمين وما يسمى بـ«التيار السروري» في المملكة العربية السعودية بما فيهم رموز ما يسمى بـ«الصحوةّ».. وبعد أن رفعت السرية -ومؤخراً أيضاً- عن تقارير تم تحليلها وتلخيصها في دراسة قام بها المختصون في وكالة الاستخبارات المركزية حول تنظيم الإخوان المسلمين يعود تاريخها للعام 1986م.. وما يوجد بين أيدينا من وثائق وتقارير استخباراتية أميركية تم إعلانها سابقا حول أنشطة التنظيمات الإرهابية «السنية» والشيعية في العراق وتحديداً في الفترة الممتدة ما بين 2003- 2010م التي وجدت بدون أي مواربة أن «الميليشيات الشيعية» والتنظيمات «الجهادية السنية» في العراق كـ«القاعدة في بلاد الرافدين: التي تحول اسمها فيما بعد إلى الدولة الإسلامية في العراق ثم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروفة اختصارا بـ«داعش»، وما يسمى بـ«أنصار السنة» في العراق، يتلقون جميعا الدعم من إيران وتحديداً من قوات «فيلق القدس» بقيادة الإرهابي الدولي «قاسم سليماني»، وأن هذا الدعم يتضمن دعماً مادياً لوجستياً ودعماً بالسلاح ودعماً بالمعلومات لتسهيل عمليات الاستهداف الإرهابية.. بل وأكثر من ذلك، فجميعنا يذكر حين ألقت القوات الأمريكية في العراق أواخر 2006م القبض على مجموعة من الإيرانيين في أوكار لجماعات إرهابية في العراق، تبين لاحقاً ومن خلال التحقيقات أنهم ضباط إيرانيون ويحمل بعضهم جوازات سفر دبلوماسية إيرانية، ووجد بحوزتهم مستندات ووثائق ومخطوطات خطيرة تدينهم وتثبت بالدليل القاطع تورط طهران المباشر في عمليات إرهابية داخل العراق، وأنها -أي إيران- تمثل مركز الارتباط، وتمسك بخطوط الدعم والإسناد والمرور والاتصال بالميليشيات المسلحة الإرهابية الشيعية و«الجهادية» السنية على السواء، والمفارقة التي تكشف خيوط تلك المسرحية الهزلية الإرهابية الدامية أن تلك الميليشيات الإرهابية الشيعية المسلحة هي من تشكل اليوم ما يسمى بقوات «الحشد الشعبي» الطائفية التي تدعي أنها تحارب الجماعات الإرهابية «السنية» ممثلة بـ«داعش».. وقد رشح في هذا الشأن من الجهات الأمريكية ذاتها التي باشرت التحقيقات مع الضباط الإيرانيين في حينه ودرست الوثائق والمستمسكات التي كانت بحوزتهم بأنه «في حين كان الدعم الإيراني للميليشيات الشيعية يتصف بطابع العلانية، فإن دعمها للجهاديين والمتردين السنة في العراق يتم بشكل أكثر سرية». وقد سبق للقوات الأمريكية أن وجدت «مخطط قواعد إرشادية» يكشف استراتيجيات إيرانية لدعم الطرفين الإرهابيين الشيعي و»السني»، كما أشارت تقارير استخباراتية أمريكية إلى أن الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين -والتي أصبح اسمها داعش فيما بعد-» وخصوصاً في «الفلوجة» حينها؛ كانت قد تلقت في 2004م دعماً مباشراً من الحرس الثوري الإيراني.. والشواهد والأدلة التي تكشف التعاون الوثيق بين «داعش» ونظام الملالي كثيرة وليس أقلها ذلك الدعم المفضوح الذي تلقاه تنظيم داعش من الرئيس العراقي السابق «نوري المالكي» سواء عبر صفقات سيارات الدفع الرباعي، أو تمرير الأسلحة، أو الانسحاب من الموصل أو التورط في تسهيل عمليات التفجيرات السبع المتزامنة في بغداد صيف عام 2009 التي استهدفت بشكل رئيس مقر وزارة الخارجية العراقية والوزير هوشير زيباري شخصياً، أو قبل ذلك عملية تسهيل مرور الإرهابي «أبو مصعب الزرقاوي» من أفغانستان عبر إيران التي مكث فيها قرابة العام، ثم إلى العراق.. أو من خلال الدعم الذي قام به حليفها نظام الطاغية بشار الأسد تحت شعار «دعم المقاومة العراقية ضد المحتل الأمريكي» كما كشفت الاعترافات والأدلة الموثقة التي سربها من انشق عن النظام، أو تلك التي وقعت عليها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بالإضافة لذلك التعاون المفضوح في قطاع غزة مع «حماس»، والتورط في قضية ما يسمى بـ«سجن وادي النطرون»، والعلاقة بالتنظيمات الإرهابية في سيناء أو في نيجيريا أو مع طالبان والحوثيين وغيرهم. أقول إن ذلك كله؛ يدعونا لإعادة دراسة تلك الوثائق والأدلة مجتمعة، وترتيبها وفق التسلسل الزمني والتاريخي، ووضعها ضمن سياقها مع ما يزامنها من تحركات وأحداث على الساحة الدولية.. ليسهل من خلال هكذا دراسة تحليلية كشف لعبة العداء الكاذب بين التنظيمات الإرهابية الشيعية والسنية على السواء.. التي ستظهر بجلاء تحالف قوى الشر والإرهاب «إيران، القاعدة، الإخوان المسلمون» لتحقيق هدفهم الاستراتيجي الموحد.. بل وستكشف بأن القاعدة أو داعش ليستا سوى أداتين مسلحتين صغيرتين في يد التنظيم الإرهابي الأم المتمثل في ولاية الفقيه بشقه الشيعي، وولاية مرشد جماعة الإخوان المسلمين بشقه السني، وأنهما معاً في الواقع شيء واحد، وإن تطلبت بعض المراحل عداء مصطنعاً كتكتيكات مرحلية وتبادل للأدوار. إلى اللقاء.
مشاركة :