مازالت قضية التوظيف على رأس القائمة بين القضايا ذات الأهمية في وطننا، لأنها مسألة مصير وحياة ومستقبل، وتختص بفئة الشباب من الجنسين حيث ذروة الحماس والعزيمة لتحقيق كل شيء، فحين تتعقَّد هذه القضية، أو يلامسها خلل، تتوقف ينابيع الحماس تلك عن التدفق، وتتلاشى العزيمة على النجاح يوماً بعد يوم، ويبدأ الشعور بالنقص وعدم الإنصاف ينخر أوقاتهم ببطء تاركاً فجوة عميقة في كياناتهم دون رحمة. ومن تلك الفئات خريجو الانتساب في جامعاتنا المحلية، وقضية تهميشهم وعدم الاعتراف بشهاداتهم أسوة بخريجي الانتظام في نفس تخصصاتهم وجامعاتهم. هذا القرار المجحف في حق شريحة كبيرة ممَّن لم تسعفهم ظروف الحياة ممارسةَ التعليم الجامعي بصفتهم منتظمين، فكان «الانتساب» خياراً لهم في ذلك الوقت قبل بدء نظام التعليم عن بُعد، والتعليم والتدريب الإلكتروني. وعلى الرغم من تجاوزهم اختبارات متعددة متعلقة بالتوظيف والتحقق من كفاءتهم لشغل وظائف تناسب مؤهلاتهم وتخصصاتهم، إلى جانب المبالغ الطائلة التي صرفوها مقابل دراستهم وغيرها من العقبات التي واجهتهم، مازالت وزارة التعليم تصر على تهميشهم، وعدم الاعتراف بأحقيتهم في شغل الوظائف المناسبة، بالإضافة إلى أن بعضهم لم يتمكن من إكمال الماجستير والدراسات العليا للسبب نفسه وهو «شهادة الانتساب». من المؤلم أن تجد خريجاً في تخصص ما وقد اضطر إلى العمل في القطاع الخاص، أو الوظائف المؤقتة لشغل فراغه وكسب لقمة عيشه، بينما يحمل ملفه شهادة جامعية في إمكان مَنْ يحملها من المنتظمين العمل بها في المكان المناسب لتخصصه. نتمنى أن تعيد الوزارة النظر في قضية تهميش خريجي الانتساب، وأن تنصفهم بمساواتهم مع خريجي الانتظام في أحقية التوظيف وإكمال الدراسات العليا، فهم فئة لا يمكن الاستهانة بعددهم وقدراتهم، وجزء لا يتجزأ من أبناء هذا الوطن.
مشاركة :