يبدو أننا بتنا نشكو من إعاقة ما تؤدي إلى اضطراب في رؤيتنا لذوي الإعاقة، جسدية كانت أو صحية، تحول بيننا وبين الطريقة المثلى في التعامل معهم وتلبية احتياجاتهم. بعد أن أنشأنا لهم مدارس خاصة تتناسب مع قدراتهم، عدنا ثانية كي ندمجهم في التعليم العام، مؤكدين أن ذلك سوف يسهم في إعادة تأهيلهم وتخليصهم مما قد يترتب على تخصيص مدارس لهم من شعور بالنقص أو إحساس بالعزل، غير أننا بعد ذلك كله نفاجأ بخبر يتحدث عن تجربة في إحدى مدارس أبها تم فيها تخصيص فصل من فصولها لذوي الاحتياجات الخاصة، بمباركة واطلاع وزارة التربية والتعليم. وإنشاء هذا الفصل الخاص يؤكد أن الوزارة ليست مطمئنة لما قامت به من عملية الدمج، كما أنها لم تكن مطمئنة لما قامت به من قبل من عملية تخصيص مدارس لذوي الإعاقة. ولم تكن وزارة التربية والتعليم بحاجة إلى مثل هذا التناقض، لولا أن قراراتها لم تكن مبنية على اختيارات علمية بحتة، كما لم تكن مبنية على أسس علمية دقيقة، فتخصيص مدارس لذوي الإعاقة قرار يترتب عليه إنشاء مدارس وفصول مهيأة لكي تتناسب مع احتياجات وقدرات أولئك المعاقين، والوزارة لم تتمكن بعد من توفير جميع المدارس التي تتناسب مع الطلبة الأصحاء، إذ ما زالت المدارس المستأجرة والمدارس التي لا تتوفر فيها المعامل والمختبرات تشكل وجعا دائما للوزارة والطلاب، فكيف للوزارة بعد ذلك أن تهيئ مدارس للمعاقين، إضافة إلى ما يتطلبه ذلك من تهيئة معلمين خاصين بذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما لم تهيئ له جامعاتنا وكلياتها التربوية الكوادر التعليمية بعد، لذلك كان الدمج للمعاقين حلا لهذه المشكلة، حتى وإن تم تلبيسه قيما تربوية تتحدث عن الجوانب النفسية للمعاقين ومراعاة عدم شعورهم بالنقص والعزلة. غير أن هذا الدمج أدى إلى ما هو أخطر وأشد فداحة، ذلك أنهم دمجوا في مدارس ليست مهيأة لقدراتهم وإمكاناتهم، سواء في مبانيها أو في مدرسيها، ولذلك لم تجد تلك المدرسة في أبها بدا من تهيئة فصل من فصولها لذوي الاحتياجات الخاصة، وكأنما هي تحاول الوصول إلى حل وسط بين الدمج الذي اعتمدته الوزارة والعزل الذي كان من قبل معتمدا. وحل المشكلة لا يمكن أن يتحقق بالدمج أو العزل أو الحلول المتوسطة بين هذا وذاك، وإنما عبر الطرق التي لا يمكن معها اعتبار تخصيص مدارس لهم عزلا، كما لا يمكن جعل دمجهم توريطا لهم بالدراسة في مدارس غير مهيأة لهم، ولا سبيل لنا إلى ذلك إلا بدراسة ما توصلت إليه الدول المتقدمة من حلول تتعلق بهذه الفئة ممن لهم حقوق خاصة لدينا قبل أن تكون لهم احتياجات خاصة لنا.
مشاركة :