بين الشبهة الشرعية والمحظور الدستوري طالب نواب بإلغاء تقاضي مؤسسة التأمينات الاجتماعية فوائد عن قروض المتقاعدين، مطالبين بمحفظة مالية للمتقاعدين على أن يكون القرض حسناً لمن خدموا البلد في زهرة شبابهم، فيما أكد عدد من علماء الشريعة بشكل حاسم ان «استبدال المعاش التقاعدي أو بيع جزء منه لا يجوز شرعاً ويعد ربا إذا كانت قيمة الأقساط أكبر من قيمة القرض المُتسلّم». وقال نواب لـ «الراي»: «هناك أكثر من طريقة لاستثمار أموال المتقاعدين من ضمنها المرابحة الشرعية التي تبدو أجدى نفعاً من الاستثمار الخارجي الذي يجيزه قانون التأمينات لكن التجارب السابقة التي قامت بها مؤسسة التأمينات الاجتماعية غير مشجعة». ورأى النائب الدكتور عادل الدمخي أن «تقليص نسبة فوائد قروض المتقاعدين كي لا تزيد على 3 في المئة لم يكن الطموح، اذ كان بودنا ان تكون هذه القروض من دون فوائد البتة»، مشيراً إلى ان «هناك مصاريف ادارية وغيرها وقابلة للاستثمار وهذا جيد بحيث لا تزيد على 3 في المئة ويمكن ان تكون أقل من ذلك». وقال الدمخي لـ «الراي» ان «المتقاعدين لديهم فتوى بجواز بيع الراتب، أما في ما يخص القرض فلا يجوز»، مشيراً إلى أن «أي مبلغ يؤخذ من التأمينات لا يجب أن تزيد فوائده على 3 في المئة». وفي ما يخص فتوى تحريم الفوائد قال الدمخي: «نحن لدينا مشكلة في موضوع قروض المتقاعدين، ولدينا مشكلة أيضاً في ادارة المشروعات الصغيرة، وهي مشكلة اكبر في ما يتعلق بالـ 2 في المئة التي منعت الكثير من الشباب الكويتي من الاستثمار لحرمتها». ومن جانبه، قال النائب سعدون حماد لـ «الراي»: «من المفترض أن تنشأ محفظة أو صندوق في التأمينات يكون خاصاً بقروض المتقاعدين، ومن يقدم على قرض لا تفرض عليه فوائد، ويعيد المتقاعد ما أخذ كما كان بحيث يكون قرضاً حسناً»، مطالباً بـ «إلغاء الفوائد نهائياً إلا اذا كان هناك اعمال ادارية فقط». واشار حماد إلى «ضرورة تقسيط القرض على شكل دفعات للمتقاعد»، مستغرباً «عدم مد يد العون للمتقاعدين وإثقال كاهلهم بالفوائد رغم أن الدولة اقرضت دولاً وإلى الآن لم تسدد، علماً بأن المتقاعد لن يتأخر عن السداد». وقال النائب محمد هايف لـ«الراي»: «نحن نطالب بإلغاء الفوائد برمتها وعدم فرض نسبة على قرض المتقاعدين من قبل مؤسسة التأمينات الاجتماعية حتى يكون ذلك متطابقاً مع الشريعة». ومن جهته، رأى النائب الدكتور وليد الطبطبائي ان «المرابحة الشرعية طريقة مثلى لقروض المتقاعدين، بدلاً من فرض نسبة للفوائد تثقل كاهل المتقاعدين الذين خدموا وطنهم وقدموا زهرة شبابهم لرفعته». واعتبر الطبطبائي في تصريح لـ «الراي» احتساب المؤسسة فوائد على القروض «يخالف الهدف من انشائها وهو تحقيق التكافل الاجتماعي وتوفير الاستقرار للمتقاعد في حالة العجز وعدم القدرة على العمل». وعلى الصعيد نفسه، بيّن النائب مبارك الحريص انه «من داعمي الغاء فوائد قروض المتقاعدين لأن مؤسسة التأمينات الاجتماعية ليس هدفها الربح ولا يجوز لها المضاربة بأموال المتقاعدين»، موضحاً أن «الموظف يظل يدفع مبلغاً من المال على مدى سني عمله من أجل أن يعود إليه عند التقاعد واستثمار مؤسسة التأمينات يكون بغرض تحقيق النفع للمتقاعد وليس التضييق عليه بفوائد باهظة». وذكر الحريص لـ «الراي» أنه «من غير المقبول أن يكون الاستثمار عندما يحتاج المتقاعد مبلغاً معيناً، والاستثمارات الخارجية رغم أنها متاحة للتأمينات وفق قانون المؤسسة لكن التجارب السابقة غير مشجعة، وعموماً فضلاً عن الشبهة الشرعية بخصوص فوائد قروض المتقاعدين هناك محظور دستوري وهو عدم جواز الاستفادة من رواتب المتقاعدين والدخول في مضاربات لن تعود عليهم بالنفع». وعلى الجانب الشرعي، بدوره قال أستاذ التفسير والحديث في كلية الشريعة الدكتور شافي العجمي في تصريح لـ «الراي» ان «استبدال المعاش التقاعدي أو بيع جزء من الراتب نوعان: النوع الأول قرض مالي يقوم المستفيد بسداده مقسطاً بأعلى من قيمة القرض، وهو قرض بفائدة مشروطة عند التعاقد وغايته التربح وتنمية أموال التأمينات، وهذا يجسد صريح ربا الديون وهذه معاملة غير جائزة شرعاً، لاشتمالها على ربا الديون وكذلك ربا الفضل والنسيئة». وأضاف العجمي «أما النوع الثاني وهو قرض مالي يقوم المستفيد منه بالإذن للمؤسسة العامة للتأمينات بخصم جزء من الراتب لمدة معينة أو مدى الحياة لتحصيل القرض المقدم للمستفيد أو تحصيل جزء منه أو تحصيل أكثر منه. فإذا كان المال المستقطع من الراتب يوازي المبلغ المقبوض فهو جائز، وإذا زاد المبلغ المستقطع أو نقص فهو ربا وقمار». وبيّن العجمي ان «وزارة الأوقاف أصدرت فتوى في 8/6/ 2010 بتحريم بيع الراتب لأن ذلك يعد قرضاً ربوياً وليس بيعاً». بدوره، قال أستاذ الاقتصاد الإسلامي بكلية الشريعة الدكتور سعود الربيعة في تصريح لـ «الراي»: «ما يحدث هو بيع نقد عاجل بنقد آجل وهذا فيه ربا النسيئة، بالإضافة إلى ان هذه العملية تشتمل على زيادة قيمة الأقساط أو الجهل به (في حالة وفاة الشخص المعني)، وفي جميع الحالات هذا الأمر غير جائز شرعاً وحكمه حكم المحرم».
مشاركة :