عودة فكر «الغزاة» - مقالات

  • 2/19/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا نريد العودة للكتابة في الشأن السياسي العراقي الذي نتج عنه الغزو المدمر للبلاد في عام 1990، ولا مصلحة لنا في الحديث عن الماضي. فالكويت ولله الحمد تجاوزت الكثير من الأزمات بروح الأمل والتفاؤل والانتقال إلى فضاءات أكثر رحابة وإشراقاً، معتمدة على نهجها الحضاري في سعيها للتقدم والتسامح والعفو، ومساعدة الغير على تخطي العقبات، وتجنب الكوارث والمحن والفقر. نقول ذلك لأننا ما زلنا نسير على نهجنا النبيل رغم ما أصابنا من محن ما زالت آثارها باقية في النفوس بسبب سلوك بعض العراقيين وأزماتهم مع الكويت، فهم ما زالوا ينتهزون الفرص للإساءة، وآخرها أزمة الملاحة في خور عبدالله، وخروج بعض العراقيين في تظاهرة يتزعمها بعض نواب البرلمان العراقي منهم (عالية نصيف) التي لا تتوقف عن الإساءة في كل مرة تجد الظروف مناسبة لافتعال مشكلة تحمل أجندات خارجية وفتنة ليست في مصلحة البلدين. إن اتهام الكويت بأنها اقتطعت الخور من العراق، اتهام باطل وليست هناك أسانيد تاريخية وقانونية على الإطلاق، بما يعني أن القصد من افتعال أزمة الخور هو إثارة ترسيم الحدود بين الكويت والعراق من جديد، علماً بأن الترسيم تم عام 1992 بموافقة حكومة المالكي وبتثبيت من الأمم المتحدة. هناك فرق شاسع بين الحديث عن ترسيم الحدود، وتنظيم الملاحة في خور عبدالله، ولقد عبر عن ذلك رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي استغرب من الضجة الإعلامية العراقية غير المفهومة. فتنظيم الملاحة في الخور، هو استحقاق قانوني وضروري لا يتعلق فقط بالعراق، وإنما كذلك يهم الكويت، ومن أجل مصلحة البلدين، ولتفادي إشكالات الملاحة في الخور بين الجانبين. وبالتمعن في الخور من الناحية الجغرافية والجيولوجية، نجد أنه يختلف في عرضه وعمقه من مكان لآخر بدءاً من مدخل خور الزبير وانتهاءً بالمنطقة الواقعة أمام جزيرة بوبيان الكويتية. وحسب ترسيم لجنة الأمم المتحدة فإن حصة الكويت لا تتعدى 20 في المئة من عرض مدخل الزبير، فضلاً عن أن أعماق الخور تراوح بين نصف المتر ومترين ونصف المتر، ما يجعل مياهها لا تصلح لأي نشاط بحري، هذا في الوقت الذي استحوذ العراق على أكبر حصة ما يجعل مدخل خور الزبير لمصلحة بغداد تماماً، وهو أمر عارضته الكويت، لكنها قبلت به انطلاقاً من حرصها على حسن الجوار والتعاون. ولقد اعتمدت لجنة الأمم المتحدة الخط الحدودي لوسط الخور بين الكويت والعراق استناداً إلى اتفاقية البحار لعام 1982 ما يجعل أي نشاط من أي طرف بخلاف ذلك يعتبر تعدياً من طرف على آخر، بل إن بناء ميناء مبارك الكبير أخذ ذلك في الاعتبار من دون أي مساس بالجانب العراقي رغم الضجة التي افتعلها عراقيون بخصوص بناء هذا الميناء المهم للكويت، والادعاء بالأضرار المترتبة على بنائه في الموقع المخصص له.. إن افتعال أزمة تافهة مثل خور عبدالله، ونشر الأكاذيب عن بيعه للكويت يعكس أن فكر الغزو ما زال متجذراً في نفوس بعض العراقيين الذين، للأسف، ما زالوا يضمرون الشر، في وقت يجب أن يلتفت فيه العراقيون لمشاكلهم الداخلية، وأزماتهم المعقدة نتيجة الحرب الدائرة على أرضهم، والتدخلات الدولية، وانتشار العمليات الإرهابية، والدواعش الذين سيطروا على غالبية المدن العراقية، وساهموا في التدمير والخراب على نحو جعل العراق يستنجد بالدول الأخرى لإعانته على محاربة «داعش» والقوى الداعمة له. إن حاجة العراق للكويت لا تقل عن حاجة الكويت له في الظروف المأسوية التي تعيشها المنطقة، فليس في مصلحة أي طرف افتعال الأزمات والعودة إلى الفتن في وقت تمد الكويت يدها للتعاون، وتتمنى الاستقرار للعراق وتقديم الدعم له لإيمانها بأن سلامة العراق وأمنه من أمن الكويت. yaqub44@hotmail.com

مشاركة :