“خلطة سرية” سعودية خاصة !

  • 2/20/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

هو سؤال متوقع طرحته أخت ومواطنة كريمة آثرت أن تكني نفسها «عبير الزهور» ونص السؤال يقول: «الكل كان يراهن على أن الحراك السياسي الذي عصف بكثير من البلدان العربية سيصل إلى بلاد الحرمين الشريفين ولكن أثبت شعب المملكة التفافه حول قيادته بشكل أقوى في الآونة الأخيرة، حدثنا عن هذا التآلف ما بين الشعب السعودي وولاة أمره؟ ورغم أنني حاولت أن أجيب على سؤال الأخت الفاضلة في صفحتي الالكترونية التي وصلتني الرسالة عبرها، إلا أنني، ولكثرة ما أثير هذا التساؤل في تحليلات المعلقين السياسيين في الخارج والاجتهادات التي شطت بعيدا في الوصول إلى إجابة واقعية ومنطقية شعرت بأن الموضوع يستحق وقفة أطول وأكثر عمقا. رغم ذكاء كثير من التحليلات التي تحاول تفسير هذا الذي يبدو لهم لغزا محيرا، إلا أن كل التحليلات تخطئ هدفها حين تغفل أو تسقط من حساباتها عاملا محليا، هو في زعمنا المفتاح الذي يفسر الكثير من الظواهر السياسية والاجتماعية التي تبدو غريبة بالنسبة لهم أو مغلقة عليهم، وربما هذا الجهل منهم يرجع إلى ما نتمتع نحن في المملكة به من أشياء لا تتوفر في عدد من الدول الحديثة، وهذه أشبه ما تكون بخلطة سرية خاصة بنظامنا الاجتماعي، وأجد نفسي ميالا إلى تسميتها بديمقراطية المجلس، وربما يحفزنا هذا إلى محاولة إعادة النظر في كثير من المصطلحات والمفاهيم السياسية والاجتماعية التي نتداولها في دراساتنا الإنسانية بشكل أكثر إبداعا، فلا نركن إلى أخذها دون تمحيص ومقارنة بنظمنا الاجتماعية الخاصة كالببغاوات. فالعلاقة بين ولي الأمر والمواطن في مجتمعنا ظلت، ومنذ تأسيس كيان الدولة ونشأتها تقوم على أسس مختلفة، ويبدو هذا الاختلاف واضحا في ممارسة السلطة هنا، فولاة الأمر عندنا ما زالوا يحافظون على تقليد عريق في مجتمعاتنا وهو «المجلس» الذي يضم الأمير أو ولي الأمر أو شيخ القبيلة وجميع ألوان الطيف التي تـمثل شرائـح المجتمع، وفي هذا المجلس ينفسح المجال أمام الجميع وبالتساوي ليطرح كل واحد رأيه أو مسألته أو حاجته أو قضيته العامة أو الخاصة، بكل وضوح وشفافية وبلا مواربة أو خشية. قد يتحدث المتحدث عن هموم منطقته الكبيرة أو مدينته، أو عن مشكلات حارته أو يطرح حتى مسألته هو أو مسألة غيره الشخصية، وتجد الاهتمام من الجميع.. وإلى يومنا هذا يستطيع أي مواطن هنا أن يذهب إلى مجلس أمير المنطقة ويتحدث مباشرة، كما كان الأمر قبل أن يعرف مجتمعنا مؤسسات الدولة. ما لم ينتبه إليه غيرنا، بل ربما لم ينتبه إليه بعضنا هو أن هذا شيء يزيل الحجاب بين الحاكم والمحكوم.. وتتخذ فيه العلاقة بينهما طابعا أسريا حميميا.. فالحاكم منك وأنت منه، تربطكما أواصر ووشائج شخصية هي غير منظورة في المجتمعات الأخرى، وهو معك متى ما أردته. هذا الشكل غير المألوف في علاقة الحاكم بالمواطن نجد تجلياته واضحة في كثير من المواقف المؤثرة، هل تذكرون كيف كانت فرحة الناس يوم عاد الملك عبدالله «رحمه الله» من رحلته العلاجية.. كان فرحا عفويا لكل واحد من الناس دوافعه النفسية الخاصة لأن يفرح.. فشفاء الملك كان كشفاء واحد من أفراد كل أسرة سعودية، وبالمقابل هل رأيتم مستوى الحزن الفاجع الذي كسا كل بيت سعودي بوفاة الملك عبدالله الخير بن عبدالعزيز؟ كان ذاك فقد كل أسرة سعودية فقدت أبا وأخا غاليا، وهذا الطابع الحميم والخاص والشخصي في العلاقة بين الحاكم والمحكوم هو السر وراء التلاحم الذي نستشعره بينهما ويجهد غيرنا في تفسيره، وإلا هل شهدت الدول الأخرى انتقالا للسلطة بسلاسة انتقالها في المملكة؟! خاتمة : من يجهل خبايانا نحن السعوديون ، ربما يثير دهشته كل هذا التفاعل من المواطنين ، وكل هذا الحب ولولاء لولي الأمر ، فهو في ثقافات هؤلاء الغير رجل دولة ورمز من رموز سيادتها ، وهو كذلك . إلاَّ عندنا حيث هو جزء من كل عائلة ، وهو فرد من كل عائلة ، وجزء فاعل ونشط هميم فيها ، تجده ركناً ركيناً ، يسندها في ساعة الجدِّ حين تناديه ، فتجده أقرب إليها مما كانت تظن ، لقد خبرت ذلك بنفسي ، ولم أسمعه من أحد ، رغم تواتر الحكايات والقصص والأخبار التي لا تحصى عن قدم الخير التي يجد الناس آثارها في كل زاوية من مناطق المملكة الشاسعة الواسعة .

مشاركة :