إعداد: يسرى عادل ما بين بدايات الأزمة السورية، في مارس عام 2011، و«جنيف 4» في فبراير 2017، وما تخلل هذه الفترة، يُظهِر تعرجاً في مسار هذه الأزمة الدامية، سياسياً وعسكرياً، بشكل كبير عبر محطات عديدة ك «جنيف1 و2 و3»، و«فيينا 1و2»، و«أستانا 1و2» وغيرها من عشرات المبادرات، التي سعى أصحابها بشكل أو بآخر وضع حد لتلك الأزمة أو على الأقل احتواء أضرارها وكبح جماح نيرانها التي غدت مع الزمن كرة لهب تتدحرج ليس على الجغرافيا السورية فقط، وإنما على مستوى الإقليم كله، بل وطال شررها المستوى العالمي أيضاً، بسبب ما خلفته أزمة ملايين اللاجئين من أثر كبير على العديد من الدول سواء في الجوار السوري (لبنان، الأردن، تركيا، العراق) أو في أوروبا الغربية. وبغض النظر عن هذه المبادرات والمساعي الباحثة عن الحل حيناً، والمراوحة السياسية حيناً آخر، بما فيها من شخصيات وأجندات، تحطمت كل هذه المبادرات على صخرة الواقع السوري وتعقيداته المتشابكة داخلياً وإقليمياً ودولياً، وفشلت في التوصل إلى حل شامل للأزمة، في وقت استمر مسلسل الموت والدمار في هذا البلد، ووصل إلى مستوى غير مسبوق، إذ على مدى ست سنوات أفضى هذا الصراع الدموي إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص، فضلاً عن مئات آلاف الجرحى وملايين اللاجئين والمهاجرين، ناهيك عن تدمير كبير للاقتصاد وبنية الدولة السورية. نقلة نوعية ومع أن مؤتمري «أستانا 1و2» شكلا نقلة مهمة في تفاعلات الأزمة بعد تثبيت وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه، وتشكيل آلية مراقبة ثلاثية روسية تركية إيرانية نجحت حتى الآن بصموده جزئياً، رغم الخروقات العديدة، التي تقع في كثير من المناطق والمدن، يبقى السؤال الأهم حالياً هو «هل ينجح مؤتمر «جنيف 4» في فك طلاسم الأزمة والتوصل إلى حل نهائي يعيد الأمن والسلام إلى سوريا، ويوقف معاناة الشعب؟ أم يسجل في خانة اللقاءات الباهتة فارغة النتائج؟ وبرغم أن المعطيات ترجح الموقف الثاني وهو ما توقعه الأمين العام للأمم المتحدة الجديد انطونيو غوتيريس، الذي أعرب عن تشاؤمه من قدرة مباحثات جنيف المقبلة في التوصل لحل للنزاع الدائر، ورغم قتامة المشهد، واستمرار نزيف الدم المؤلم في هذا البلد، هناك ثمة عوامل قد تدفع باتجاه التفاؤل حول إمكانية نجاح «جنيف 4»، ربما ليس بالتوصل إلى حل سياسي، ولكن على الأقل في وضع الأزمة على سكة هذا الحل، إذ لا يمكن تجاهل تعقيدات الأزمة السورية وامتداداتها الجيوسياسية الواسعة والتي بلا أدنى شك ستستغرق وقتاً كبيراً لبلوغ حل شامل نهائي. توازنات وانقسامات ... المزيد
مشاركة :