مرة أخرى عادت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مشهد الأحداث بواقعتين كانتا حديث المجتمع ووسائل الإعلام، استنكارا وعجبا واستياء، فلا أحد يستطيع فهم اقتحام أحد أعضاء الهيئة لحافلة نقل طالبات جامعة، ولا أحد يجد مبررا لضرب عضو آخر فتاة في حديقة عامة ليصيبها بشج في رأسها، ولا أحد كان يرغب أن يعود المجتمع السعودي إلى واجهة اهتمام كثير من الفضائيات من خلال هذه الأخبار المخجلة.. لقد تفاءلنا خيرا بالخطوات التي بدأها الرئيس العام بعد تسلمه مسؤولية الهيئة، وهو بالفعل قد أصدر كثيرا من التعاميم التي تهدف إلى إصلاح الأخطاء والتجاوزات التي يقترفها بعض منسوبيها وأدى بعضها إلى إزهاق أرواح بريئة، ولكن يبدو أن الإشكالية أكبر من نوايا الإصلاح والتعاميم والتصريحات التي تحاول ترميم ما تهدم بين الهيئة والمجتمع وإزالة بعض التوتر المزمن في العلاقة بينهما. وإذا كان هناك من يصر على استمرار الأزمة من داخل جهاز الهيئة كما لمح الرئيس العام، ويتعمد عدم الامتثال للتعليمات والضوابط، ويمارس عمله بالطريقة التي تحلو له حسب قناعاته فإن لك ليس مبررا أبدا لإيجاد أي شكل من الأعذار للهيئة عندما يقع الضرر على المجتمع، بل إنها تتحمل كامل المسؤولية في كل الأحوال. إن عمل الهيئة حساس جدا لأنه يتعلق بالأخلاق والسلوك وأعراض الناس، ولا أحد في النهاية يقبل تجاوز الهيئة في التعامل مع هذه الجوانب، فلو أخذنا اقتحام عضو الهيئة لحافلة الطالبات فإنه بذلك يكون قد انتهك سترهن وتعدى على شرفهن وخدش مشاعر أسرهن بهمجية متناهية تؤكد أنه اقترف منكرا كبيرا، فكيف يكون شخص كهذا صالحا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟؟ وأما الشخص الذي ضرب الفتاة في حديقة عامة وهي برفقة أسرتها فإن العذر المنقول عنه أقبح من ذنبه، لأنه إذا كان مريضا أو يعاني من توتر عصبي فليذهب إلى المستشفى، وليبحث بعد ذلك عن عمل لا علاقة له بالمجتمع، وهذا الجانب يجعلنا نتساءل للمرة الألف عن الاشتراطات الصحية والعقلية والنفسية والسلوكية والأخلاقية لتوظيف أعضاء الهيئة.. لقد شهد المجتمع حوادث كثيرة مؤسفة لم تتعامل معها الهيئة بقدر خطورتها ما جعل بعض الأعضاء يرتكبون ما هو أسوأ منها، ولكن هل تظن الهيئة أن المجتمع سيتحمل هذه الأخطاء إلى ما لا نهاية، وهل تظن أن الناس لن ينتصفوا لأعراضهم عندما يرونها تنتهك وكأنهم غير جديرين بحمايتها كما يظن بعض أفراد الهيئة؟؟.. إن الإجراءات التي تتخذها الهيئة تجاه التجاوزات الصارخة لا زالت غير منصفة، وإذا استمر الحال كذلك فقد يحدث ما لا تحمد عقباه بين المجتمع والهيئة.. عكاظ
مشاركة :