تعرّف الأمنية لغوياً بأنها" بُغْية ومطلب، رغبة مرجوة، ما يتمناه الإنسان ويشتهيه". هذه الرغبة الثابتة أحياناً والمتغيرة أحياناً أخرى. حسب الاحتياج لها تظل حاجة ملحّة للبشر ومطلبا أساسيا لكل إنسان على الأرض مهما اختلفت ثقافته وتنوعت بيئته.. تتمنى ما تريد وتترك هذه الأمنية عند رب العالمين وفي حفظه سبحانه وتعالى.. وهو القادر على تحقيقها.. والبسطاء يقولون عادة "نفسي" ونفسي ليست نفسي أنا ولكن نفسي بمعنى "أتمنى" وهذه النفس تتمنى ما تريد وهو حق مشروع، وهناك مثل شهير جازاني يقول "النفس خضراء تشتهي ما تريد" هذا المعنى الفاره والجميل للنفس التي اشتبكت مع أمانيها في لوحة خضراء تناغمت بين تلوين هذه النفس بلون الأرض وحب الحياة، وبين رغبة هذه الأرض أو النفس في أن تأخذ ما تريد وتصل لما تتنمى.. أتذكر إحدى النساء الكبيرات عندما كانت تقول "نفسي" تعود تلك الأيام التي أرقص فيها وأنزل الساحة.. تقصد ساحة الرقص الشعبي.. لكن الشكوى لله الآن من رجولي لا أستطيع أن أرقص.. ولكن عندما تسمع صوت الغناء تتراقص في مكانها فيقول من حولها "نفسها خضراء" بمعنى لاتزال تقبل على الحياة وتفرح بأبسط الأشياء بها أو تتمنى ما كان يسعدها زمان.. نتمنى، وهذا حق مشروع، ولكن تتفاوت أمانينا وتختلف باختلاف أعمارنا وحتى ظروفنا الحياتية المتغيرة، فقد تتمنى اليوم شيئاً ولكن بعد سنة لم تعد تتمناه.. ولو تحصلت عليه لا يعود مجدياً أو مهماً أو له قيمة.. ومع اختلاف الأماني وتنوعها تظل هناك أمنيات ملحة لجميع البشر وبعضها يدخل في نطاق الاحتياجات وليس الأماني، وإن كان أمنية لصاحبه.. وقد لا يكون أمنية لك.. فالجائع عندما يتمنى أن يسد جوعه هذه أمنية مشروعة.. والطالب عندما يتمنى النجاح هذه أمنية عامة ولكن تتخصص لكل واحد يدرس.. والموظف عندما يتمنى أن يكمل الشهر مستوراً براتبه ولا يلجأ للدين هذه أمنية مشروعة ويلتحف بها كثيرون.. لكن الأمنيات الفردية والخاصة التي نطلقها ويحق للآخرين معرفتها كثيرة.. أما ما نختص به لأنفسنا فهذه أمنيات تخصنا نتمناها ولكن هل تتحقق ونحن في أماكننا.. تقول إلينور روزفلت "التمني يستهلك نفس الطاقة التي يستهلكها التخطيط" بمعنى أنه لا تتحقق الأماني بدون جهد أو تعب أو مثابرة.. فمن يتمنى النجاح عليه أن يجتهد ويذاكر، ومن يتمنى ألا يبيت جائعاً عليه أن يسعى في الأرض بحثاً عن لقمة عيشه، لأن الله سبحانه وتعالى يساعد عبده الذي يبحث، فالطيور لا يأتيها الطعام وهي في عشها عليها أم تبحث عنه.. ورغم الأماني الملحة هناك أمنيات متعددة طريفة وهو ما سجلته المؤلفة الأميركية ساشا كيجن في كتابها "قائمة الأماني والخطط المستقبلية" حيث عرضت بعض الأماني التي أرسلت إليها ومنها: أمنية امرأة من لندن بأن تأكل الكرواسون باللوز مغموساً في القهوة، ومدرس يرغب في إنقاص وزنه لإسعاد والدته.. وأخرى أمنيتها شراء اللبن وأخرى العثور على رفيق الدرب.. وآخرون كسب المال والانتقال للعيش في مدن أخرى.. هذه الأماني والخطط المستقبلية تعكس كما تقول المؤلفة شخصية كل منا وتكشفها "حدثني عن أمانيك وخططك.. أقل لك من أنت"!!
مشاركة :