في مؤشر للتوتر الذي يسود مفاوضات جنيف حول الأزمة السورية وضع المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا قواعد أمام وفود النظام والمعارضة السورية تلزمهم بعدم استخدام الهواتف النقالة ومنع التسجيلات والاهانات واحترام السرية الكاملة. وقدم دي ميستورا لوفد الحكومة السورية ووفود المعارضة الثلاث ورقة تتضمن العناوين التي يأمل البحث فيها في جنيف، وهي الحكم والدستور والانتخابات. وطالب دي ميستورا في ورقته من الاطراف "احترام توجيهاتي في ما يتعلق بسريّة الاجتماعات والوثائق والحوارات والاتصالات". وتتضمن قواعد دي ميستورا "احترام الأطراف الأخرى المشاركة، ولا يحقّ لأي طرف الطعن في شرعية الآخرين" ، فضلاً عن "ضمان عدم تسجيل محتوى الاجتماعات أو الحوارات دون إذن مسبق". كما أكد المبعوث الدولي انه "لن يسمح باصطحاب أجهزة الهاتف المحمول داخل قاعة المفاوضات"، طالباً "استخدام لغة وسلوك مقبول والامتناع عن توجيه الإهانات والتقليل من شأن الآخرين، والاعتداء اللفظي أو الشخصي على الآخرين سواء داخل الاجتماعات أو خارجها". ويبدو أن دي ميستورا يأمل من خلال ورقته هذه تفادي حصول أي توتر يعيق جولة المفاوضات الحالية بين طرفين يتواجهان سياسياً وعسكرياً في نزاع مستمر منذ ست سنوات. إلا أن التوتر بدا واضحاً منذ الجلسة الافتتاحية التي أعلن فيها دي ميستورا بدء المفاوضات بحضور وفد النظام السوري ووفود المعارضة الثلاثة المتمثلة بوفد الهيئة العليا للمفاوضات ومنصتي القاهرة وموسكو. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي "كان (بشار) الجعفري يبدو غاضبا، وينظر إلينا بطريقة قاسية حرفيا". وبعد كلمته التي دعا فيها الأطراف الى تحمل "مسؤولية تاريخية"، توجه دي ميستورا الى وفد المعارضة لتحيتهم، فيما سارع رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري الى مغادرة القاعة. وتردد وفد الهيئة العليا للمفاوضات منذ البداية بالمشاركة في الجلسة الافتتاحية احتجاجاً على دعوة دي ميستورا "منصة القاهرة"، التي تضم عدداً من الشخصيات بينهم المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية جهاد المقدسي، كما "منصة موسكو" التي تضم معارضين مقربين من روسيا أبرزهم نائب رئيس الوزراء الاسبق قدري جميل. إلا أن الضغوط الدولية كانت أقوى منه، ودفعت بوفد المعارضة الأساسي للمشاركة في الافتتاح، ليجلس الى جانب وفدي المنصتين وفي الجهة المقابلة الوفد الحكومي. وقال مصدر مقرب من وفد الهيئة العليا للمفاوضات "كانت هناك ضغوط كبيرة عليهم من المبعوثين الدوليين الداعمين لهم، بريطانيون وألمان وفرنسيون وأتراك، دفعوهم للمشاركة في الجلسة الافتتاحية". ويجري جزء كبير من الاتصالات في كواليس الفنادق التي تنزل فيها الوفود وخارج مقر الامم المتحدة. ويشارك فيها مبعوثون لدول عدة داعمة للمعارضة بينها قطر وتركيا وفرنسا. ومنذ اليوم الاول من المفاوضات، يتواجد المبعوث الاميركي الخاص الى سورية مايكل راتني في جنيف، وقد عقد لقاء مع وفد المعارضة منذ اليوم الأول. ويقول مصدر دبلوماسي اجنبي ان تقديم المشورة للمعارضة "ليس بالامر السهل، الوضع فوضوي بعض الشيء". وبحسب المصدر دبلوماسي "نعود في كل مرة الى المربع ذاته" في اشارة الى الجولات السابقة التي طرحت فيها المواضيع نفسها وانتهت من دون اي تقدم يذكر. واضاف "يحاول (دي ميستورا) جاهدا تجنب الانهيارات والحفاظ على توازنه كما لو انه يمشي على حبل معلق، وهم رغم ذلك عرضة للانتقادات. انه امر صعب للغاية".
مشاركة :