أكرم عطاالله يكتب لـ«الغد»: هذا الخراب غريب عن حضارتنا

  • 3/1/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تلتقون مع الكاتب الفلسطيني أكرم عطاالله في مقال أسبوعي -كل أربعاء- على صفحات الموقع الإلكتروني لقناة الغد أتذكرون حين غنى العرب للحلم العربي؟  كان ذلك مجرد خيال بلا سيقان معلق في الهواء ولا علاقة له بواقع غارق في النزاعات الكامنة والتي انفجرت في وجوهنا شظايا واضح أنها أصابت مستقبلنا بجراح مزمنة لن ننجو منها،  فالخيال عادة يحتاج الى أجنحة وأحلام وتلك كثيرة في عالم تأسست ثقافته مبكرا على الحلم والأسطورة فيما الحضارات تحولت إلى ذكريات جميلة محبوسة في المتاحف لا يبدو الحاضر مرتبطا بعظمتها السابقة كأن هناك فترة انقطاع توقف فيها العرب عن الحياة. خسارة.. من وادي الرافدين والإله مردوخ الذي كان يقود الغيم ونبوخذ نصر ذلك القائد القادم من الشرق وشريعة حمورابي تتحول إلى شريعة غاب في بلد لم يأخذ استراحة من القتل كأنه امتهن الموت بلا توقف مرورا بسوريا الآرامية، التي تركت لنا ما يكفي من أساطير الحب وأوغاريت باتت محشوة بالكراهية في كل حي وشارع وزقاق طافح بالدم. مرورا باليمن الذي كان سعيدا يوما ما عندما كانت بلقيس جميلة الجميلات توزع ترانيم العشق المعطرة بسحر الشرق تحول الى أبيات من البكائيات الحزينة لوطن كان زاخراً فتحول الى فائض من البؤس فاضت دموعه من قمم الجبال ودياناً جرفت معها ما كان حضارة فلم يعد هدهد سليمان يطير اليها بالحب، بل تربعت فوقها طائرات الموت توزع جحيماً وعلى أرضها تدور مسابقة الموت بين أبنائها الذين مزقتهم سيوف مذهبية عتيقة طبعت على جسد الوطن ندوب غائرة. مصر كادت أن تغرق عربتها مرة أخرى عندما كاد البحر ينشق ويبتلع أبنائها، لكن الله كان رحيما هذه المرة حين عبروا بسلام على مركب رسى في اللحظة الأخيرة على الشاطيء ولكنها لم تصل للنهاية، لأن خاصرة كليوباترا في الصحراء الشرقية لم تكن منيعة بما يكفي ومازالت نازفة وهناك من يصر على ثقب المركب ليغني أغنية الموتى في سراديب الهرم رافعا راية الإله ست ويصر على قتل أوزيس كل مرة. أما مهد الكنعانية والديانات التي تعايشت على هذه الأرض لم تعد تحتمل أبنائها فقد توقفت عناة عن نشيد الحب ولم تعد مخضبة بالحناء وألقى الرعاة نايهم حداداً لأن ورثة الأنبياء ألقوا بوصاياهم في بحر غزة وأطفأوا وجه قمرها حين استلوا سيوف الحقد في صراع الأخوة الألداء على مملكة الوهم ومزقوا جلد الوطن قبل أن يصطادوا الدب وجلده. من أين كل هذا الخراب؟  كيف انتشرت فجأة ثقافة الموت؟  وهل كان تاريخنا وحضاراتنا ممالك من السراب انكشف عند أول هبة ريح؟ بالتأكيد لا فما خلفته تلك الحضارات والمحفور عميقاً في الأرض يقول أن هنا كانت شعوب عظيمة وارثاً وزع النور على البشرية ونحن امتداد لهذه الشعوب فالرقيمات شاهدة من سومر للقدس الكنعانية تحكي قصة المجد لأمة كانت عظيمة عندما كان العالم يغرق في الجهل والظلام كانت تصنع قوانينها ومواسمها وثقافتها وعراقتها بعرق أبنائها واخترعت الورق لتكتب لنا وصاياها. إن ربيعاً عربياً طال انتظاره جرفته ناقلات النفط والغاز الى مساره المشوه وحرقته بما تملك من مواد الاشتعال فتحول الى خريف تساقطت أوراقه علينا حمماً وكراهية هي من صناعة أدوات الشر وليست وليدة ثقافة هذه المنطقة الطيبة ، منطقة الوديان والزراعة المنطقة التي لم تتوقف عليها المؤامرات منذ فجر التاريخ،  قاومت باصرار وعناد هائلين، ولكنها الآن تستخدم ضد بعضها لتدمير نفسها من قبل الآخرون. آن الأوان لأن يعود السلام والأمان مخيماً على هذه المنطقة التي كتبت آيات الحب مبكراً،  ذات مرة عندما كان ريتشارد قلب الأسد في المنطقة كانت لحظة آسرة جسدها الفيلم العظيم “صلاح الدين” عندما فتح الملك الغازي بوابة سرادقه ذات ليلة صيف تنهد الغسق قائلاً “يا لسحر الشرق”  وهو يطل ببصره الى هذا المكان الساحر هذه المنطقة وريثة كل هذا الجمال من غير المنطق أن نرى كل هذا الجنون هناك خطأ ما لا بد من تصحيحه..!!للتواصل مع الكاتب [email protected]  شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)

مشاركة :