أكرم عطاالله يكتب: عن تفجير الكنائس وأزمة التراث الصحراوي ..!!

  • 4/12/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عن تفجير الكنائس وأزمة التراث الصحراوي  ..!!   اذا لم نعترف أن لدينا خللاً في الجينات الثقافية الموروثة ستبقى كل محاولات المعالجة أشبه بمن يعالج السرطان بأقراص مسكنة،  واذا لم نعترف أن لدينا عدو في الداخل أكثر شراسة من كل الأعداء ومؤامرات الخارج تعوزه الثقافة الحقيقية لقراءة تاريخنا الطويل الدامي من معارك القتل بين العرب،  اِن ارث الصحراء القاسية الذي يعشعش في المخيلة العامة هو الذي يعيد انتاج ثقافة القتل.بقلم ـ أكرم عطاالله من الذي يدفع شاباً عربياً ليقوم بتفجير كنيسة يصلي فيها أبناء شعبه ؟ لابد وأن هناك من أقنعه بأن في هذا  الفعل  يضمن له الجنة وحور العين  وكأن الله يكافيء القتلة! ما الذي يدعو عربياً للفرح عندما تقصف البارجات الأميركية مطاراً عربياً؟ بالتأكيد هناك من أصيبوا بلوثة انهارت معاييرهم القومية والأخلاقية كما معايير الذي تزنر بالمتفجرات ولكن المشترك واحد بالنسبة لهم ما كشفه الصحفي مصطفى السعيد بأن الذين قاما بتفجير الكنيسة في طنطا والاسكندرية هما مصريان كانا يقاتلان الجيش السوري ضمن المعارضة السورية “المعتدلة” التي ترعاها الوهابية. دائماً يجري استسهال اِحالة أزمة الوطن العربي الى حجم المؤامؤات الخارجية والغرب الذي لا يتوقف عن التربص بنا وهذا يعفينا عن تأمل ذاتنا والنظر والتمعن في مجموعة الأمراض التي تنهشنا من الداخل وخطورة الأمر أننا وبعد أن تنهار العواصم وتتحول الى ركام نتجاهل ما حل بنا وما هي أسبابه ونحن نراه ينتقل بين العواصم، أتذكرون حملة حلب تحترق “انقذوا حلب” التي اجتاحت العالم العربي قبل أشهر مدعومة من فضائيات النفط والغاز؟ قد يكون مفجري الكنس في مصر من أولئك الذين كانوا في حلب ، ومن الخراب في حلب الى الاسكندرية وطنطا والموصل وكل مدن العرب  …انه الفكر الذي يعاد تصديره بوهابية صحراوية ترى في الآخر مادة للقتل بعقلية لم تتجاوز شروط القبيلة وبينها وبين الدولة المدنية فارق في الزمن وفي الوعي وفي الثقافة وتريد تصدير ثقافتها ليبقى الوطن العربي متسممراً عند تلك المرحلة التاريخية التي تقف عند حروب داحس والغبراء وتمنع أي تجاوز لها ومن الغريب أن هذا العنف جميعه يضرب عواصم القومية في بغداد ودمشق والقاهرة وهي الدول التي تجاوزت كل النظم القديمة وقطعت شوطاً معقولاً في المواطنة بغض النظر عن الديانة والمذهب فهناك من يعيد تقسيم سوريا والعراق بين سني وشيعي ومصر بين مسلم ومسيحي وعندما لا يجد ذلك التنوع في ليبيا يشعلها حروباً بين القبائل. السياسة هي لعبة المؤامرات وأجهزة المخابرات ليست جمعيات خيرية ولن يتوقف الغرب عن استهداف المنطقة العربية ولكن السؤال لماذا تنجح المؤامرة على الدول العربية وتفشل في غيرها؟ ولماذا لم تنهار كوريا وايران اللتان حوصرتا طويلاً ولم تشتعل فيهما حروباً أهلية؟ الاجابة أننا لسنا محصنين بما فيه الكفاية لأن من السهل أن يخرج من بيننا أفراد  وجماعات يسهل انقيادها لتعمل ضد شعوبها حد الانتحار نحن مخترقون في ثقافتنا وفي وعينا الذي يسهل استغلاله لكل من أراد،  نرسب في أول امتحان للسياية وفي أول امتحان للدين وفي أول امتحان للدولة وللمجتمع ونعلن الحرب على ذاتنا دون أن نجد أي تعارض أخلاقي مع القتل بل ويعتبر من بيننا أن في القتل ما يستدعي المكافأة وعلينا أن نعترف أن  بيننا منظرون وملهمون ونحن ندفن رؤوسنا في الرمال ونتهم الخارج ونستل قصص الآخر الذي يسعى لتدميرنا ويخطط ضدنا دون أن نعترف بالحقيقة. حقيقة أننا أمة على درجة من الوهن نسقط مع أول هبة ريح ولا نميز بين العدو والصديق انهارت معاييرنا حتى أصبح ابن الوطن المختلف هو العدو الأول لأن هناك من يزرع فينا أن التعدد والتنوع جريمة وأن تنميط الدول والشعوب هي رسالته في الحياة أي جعل كل البشر على نمط واحد ومن هنا تبدأ بذور الارهاب ليستبيح كل  شيء في طريقه وعندما يتم تصنيف الناس بعيداً عن الدولة المدنية تصبح فكرة الالغاء بما فيها الالغاء الجسدي وسيلة مشروعة والأدهى أن تجد لها مريدين ومؤيدين وقادة أيضاً انظروا ما يحدث في الاقليم وفي الدول. ان مشروع الحداثة هو الأولوية الآن وهو المهمة الرئيسية ليس فقط للمثقفين في العالم العربي فحسب بل وللدول التي لا تزال تؤمن بها لأنها الضمانة الوحيدة لانتقال الحالة العربية من واقعها المزمن الغارق بالدم الي حيث احترام حقوق البشر في المجتمعات بغض النظر عن لونهم وعرقهم ودينهم ومذهبهم وطائفتهم هذا المشروع الذي يحمي من مارق يرى في تفجير كنيسة عبادة يتقرب بها الى الله ويحصن الدولة من التآكل الداخلي والا لن تنتهي حفلات الدم في هذا الوطن،  مشروع الحداثة يجب أن يبدأ من صدمة الراهن الذي يعتبر الابن الشرعي للماضي بل وامتداد له واذا لم نبدأ سيحكم علينا التاريخ بالفشل فلا تكفي الادانات بعد كل عمل ارهابي لأنها ليست أكثر من لعن الظلام كيف ، سنضيء ألف شمعة هذا هو سؤال الضرورة العربية..!!     [email protected]أخبار ذات صلةأكرم عطاالله يكتب: غزة : تفصلها حماس وتركلها السلطة..!!أكرم عطاالله يكتب : قمة الميت لاحياء الميت….!!أكرم عطاالله يكتب: مأزق الراهن العربي…!!شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)

مشاركة :