سفير بلا منازع بقلم: صباح ناهي

  • 3/2/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

المكانة التي يقف عندها سعدون جابر تميزت بأعمال أحبها العراقيون، واستمتع فيها العرب، ظلت حاضرة في قلوب أجيال من عشاق الغناء العراقي الشجي والممتلئ شجناً.العرب صباح ناهي [نُشر في 2017/03/02، العدد: 10559، ص(24)] جمع سعدون جابر بين إثنين، إخلاصه لفنه واهتمامه الكبير بالمعرفة والدراسة، فقد حصل على شهادة عليا من لندن، كما حصد العشرات من الأغنيات بمشاركة أفضل الملحنين والكتاب العراقيين والعرب. سعدون بدفء صوته وعراقيته تسللت حنجرته للخليجيين فأحبوا صوته وإحساسه، فكان نجما ينافس أشهر المطربين العرب حضورا، بأغنيات ذاع صيتها كالطيور الطايرة، ونجوى، وحسبالي، وتسرق النوم مني، والميجنا، وسواها العشرات التي وضعت سعدون ولونه على سكة الشهرة، وقد أضاف له فايق عبدالجليل قيمة في الكتابة لأغنياته كما أضاف إليه كاظم فندي ملحنا، وسعدون قاسم كاتبا جنوبيا بدفء قصائده وجماليات عوالمها الجنوبية الممتلئة بحنين الشجن العراقي الكثير من التواصل مع جمهور عريض يعشق الغناء العراقي كما سبقه كتاب كبار من بينهم زهير الدجيلي وزامل سعيد فتاح وناظم السماوي وكاظم الركابي وملحنون كبار ككوكب حمزة ومحسن فرحان. غير أن سعدون المثقف راح أبعد في اختياراته لينتقي من الشاعرة لميعة عباس عمارة والسياب قصائد تلهج بحب العراق وتئن وجعا عليه، فقد غنى قصيدة صعبة للسياب “سفر أيوب”، قصائد أضافت قيمة لاختياراته ولمعرفته بقيمة ناظم الغزالي الفنية مثٌل دوره في عمل عن حياة الغزالي النجم الأول في الغناء وسفير الأغنية العراقية، بلا منازع في زمنه. سعدون الذي خاض الكثير من المعارك الصحافية مع نقاد وفنانين، يدرك قيمة الحنين والشجن والعراقية في صوته التي تجعله واثقا أن المحلية جواز عبور للشهرة، كونه يدرك كيف ينظر غير مواطنيه للشجن العراقي، ولمقاماته، فاختط طريقا أصيلاً ميزه عن سواه، ليغني بلا تكلفة أو كلفة، أغاني عراقية، ويدع الآخرين يسمعونها ويتفاعلون معها، ولم يبال بصعوبة اللهجة عليهم، مفترضاً أننا نفهم لهجتهم فليسمعوا لهجتنا، كانت معه في مشواره الفني أصوات صعبة تتنافس في ما بينها، وجيل آخر صاعد، وثالث يتعلم وينهل في فورة الغناء والثقافة العراقية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، لكنه اختّط لنفسه طريقا خاصاً ومسلكاً يتناسب وصوته العراقي الحنين بلا منازع. لكن سعدون ظل ينظر لاثنين من “اسطوات” الغناء البغدادي محمد القبانجي ويوسف عمر وكلاهما “مقامجية” من الطراز الرفيع، ورأى كيف ظل القبانجي واقفا لساعة موته غير معتمد على الغناء كلياً وكم عانى يوسف عمر ليعتاش من فنه! هذا المشهد ما فارق ذاكرة سعدون، فكان يتحسب للمستقبل ويدخر إليه، فأسس ودرس وتعلم وأنجز، وظل واقفا فناً ومكانة، يحظى بتقدير جمهوره وزملائه سفيراً للأغنية العراقية ثانٍ بعد ناظم الغزالي. إن المكانة التي يقف عندها سعدون جابر تميزت بأعمال أحبها العراقيون، واستمتع فيها العرب، ظلت حاضرة في قلوب أجيال من عشاق الغناء العراقي الشجي والممتلئ شجناً. ليسجل سعدون جابر أنه صوت عراقي محليته قادته إلى الشهرة التي يتمناها الكثيرون. صباح ناهي

مشاركة :