«الحواس والمدارك هما النافذتان اللتان ينفذ منهما الضوء إلى هذه الغرفة المظلمة أي العقل».. جون لوك للإدراك في حياة الإنسان ومعيشته معانٍ متعددة، فالإدراك قد يكون بمعنى الاستيعاب أو الوقوف أمام أمر معين، لكل إنسان إدراكه ونمط تفكيره الخاص به، وكما قال علماء النفس إن هناك شخصيتين في داخل كل إنسان، شخصية ظاهرة، وشخصية باطنة، وفي أحيان قد تتناقض الأفكار والتصرفات بين الشخصيتين، فقد يناقض الباطن ظاهر الإنسان، والعكس صحيح، فشخصية الإنسان معقدة التصرفات، والأفكار، والتفكر في ماهية هذه الشخصية المتعقدة المنعقدة الفكر حيناً، والمتأرجحة حيناً آخر، لأن لشخصية الإنسان وسيكولوجيتها مباضع تنحسر في فكر، وتنطلق في فكر آخر، وتلعب البيئة المعاشة دوراً مؤثراً في تحديد سلوكيات هذه النفس البشرية المعقدة. لأي مستدرك من المستدركات التي يدركها الإنسان تصرف معين وفق فكر معين، يستند ويتخصص في القناعات والأفكار المتشكلة في داخل العقل الإنساني المحض. وفي المفهوم الفلسفي تعريفات عدة للإدراك، منها أن «الإدراك هو عملية نفسية عقلية معقدة هدفها فهم العالم الخارجي». الاستدراكات في حياة الإنسان وماهيتها الذاتية والموضوعية، قد تتفق وتتناقض في الإنسان الواحد نفسه، فالإنسان يفكر، يتخيل، يتأمل، يفرح، يحزن، يغضب، يتسامح، مجموعة متكاملة من الأحاسيس والمدارك، وفي الحدث نفسه قد يحدث تقاطع بين الإحساس والعقل، لا يمكن أن يكون الإنسان بواجهة عقلية وحسية وإدراكية واحدة، وإلا فإنه ليس إنساناً! مشاعر الإنسان تتناقض وفقاً لما يواجه وما يحدث حوله، هنا تتحول المشاعر والمستدركات إلى فضاء مفتوح، يجوز فيه كل ما لا يجوز، حيث تغير الأفكار، والرغبات، وربما العقائد، نتيجة التأثر بحدث واحد، قد يكون ذا صدمة تهز عقل الإنسان وإحساسه، كفقد قريب، أو انعدام الثقة بموثوق به، أو ضياع أمل معلقة عليه آمال، وهنا أتحدث عن الجانب الشخصي المحض. لم أبحث في جوانب خارجية. للتجربة الإنسانية الحسية خواص متعددة تتأرجح بين المعقول واللامعقول، بين التعقيد والتبسيط، لكنه يبقى إنساناً، فكتلة الشعور الإنساني قد تكون لامتناهية إلى آخر لحظة من إحساسه، فهو قابل للتناقض، وللامعقول، بينما تسير به عجلة الحياة، وكما ذكرت سالفاً فإن محركات تلك المشاعر قد تكون خارجية قبل أن تكون داخلية بالإنسان نفسه. قد تتكأ عقلية الإنسان على مبدأ معين، لكن قد تنتج عنه متفرعات مختلفة عن شكل المبدأ إلى أنها متفقة في المضمون، تسترشد المفهوم الأساسي كمدخل لقناعات متحركة وفقاً لأحداث معينة، لكن يظل المبدأ ثابتاً، بينما تفرعاته تتفاعل بما لا يحيد عنه، قد تسميها براغماتية، قد تسميها ذاتية، لكن تبقى وفقاً للموضوعية التامة.يوسف عوض العازمي
مشاركة :