الأسرة مؤسسة اجتماعية ووحدة إدارية «مصغرة» مبنية على شراكة زوجية يعيشان تحت سقف واحد مع أبنائهما، وان نجاح علاقتهما يعتمد على اتخاذ قراراتهما رغم اختلافاتهما في الأفكار والثقافات والخبرات و أنماط الشخصية، وحيث ان عملية صنع القرار واتخاذه قد تتسبب في تغيير حقيقي لحياة الأسرة بكاملها، وقد تعكس بظلالها على علاقاتها مع الوحدات الاجتماعية المحيطة فان «اتخاذ القرار»، يعتبر عملية فكرية نفسية سلوكية معقدة تختلف من شخص لآخر ويعاني المرشد النفسي من تلك المشكلة عندما يضع خطة العلاج للمشكلة الأسرية فلابد من موافقة أحد الزوجين على اتباع الخطة فيبدأ الزوج «بالتلميح» الى زوجته باتخاذ القرار والزوجة «بالتصريح» للزوج بانه عصب الأسرة وهذا التردد في اتخاذ القرار قد تخفى وراؤه العديد من اشكال الصراع بين الزوجين وقد يعود الى الفشل لتجربة سابقة أو لفقدان الثقة او الهروب من تحمُّل المسؤولية، وقد تسبب التردد في اتخاذ القرار الى تصدع في كيان الأسرة والى بروز صراع الأدوار بين الزوجين والى زيادة المشاعر السلبية المتضاربة فالزوج أصبح ندا وعدوا «قيم الرجولة التي تمنحنه التفوق» والزوجة اصبحت منافسا «علاقة سيطرة وخضوع» لهذا فإننا نرى- كمستشارين نفسيين- ان عملية اتخاذ القرار تعطي مؤشرا على مدى التوازن بين الزوجين لأنها تتضمن مواجهة خيارات حياتية تتطلب الحكمة والخبرة في رؤية الأمور ووقاية الشراكة الزوجية من التفكك والصراع والخلافات الحادة ان اتخاذ القرار الأسري هو «القرار الفعال» بين الزوجين يدل على مستوى النضج النفسي والعاطفي والثقافي والثقة والهدوء وتقبل وتقدير الذات وتنمية الشعور بالرضا والقبول بالطرف الآخر، الأمر الذي يحتاج من الزوجين المبادرة في التجرد من الذاتية والتفكير في الآخر والتشاور معا «كشخص وإنسان وزوجة وشريك للحياة» وتبادل الرأي من بداية صناعة القرار وحتى نهايته في تنفيذه بالتفاهم فهما قائداً إيجابياً وصانعا قرار واع ونجاحهما يدل على انهما يملكان الحكمة والخبرة والحب والمودة والمتعة والاستمتاع معاً التي تكفل مسيرة الأسرة والحفاظ على تماسكها وتوافقها مع معطيات الوضع الحالي والالتزام بقوانين وأحكام الزواج، حيث تشكل جميعاً واجبات متوقعة من الزوج المؤثر أسرياً ومن الزوجة في آن واحد لتجنيب الأسرة العديد من المشاكل الناشئة التي قد تواجهها في حاضرها ومستقبلها.ان القرار الاسري قرار جمعي، يتم من خلال الزوج والزوجة وبالتراضي والمشاركة والشفافية والمصداقية باعتبارهما رمزي الكيان الاسرى، ونموذجا يحتذى للأبناء فلا يوجد مبرر لتحميل أحد طرفي الزواج مسؤولية ادارة الأسرة «الحقوق والواجبات» المنصوص عليها شرعا وقانونا.* كاتب كويتيBbrrdd22@gmail.com
مشاركة :