عرض رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف رؤية إيجابية وتوقعات حذرة حول وضع الاقتصاد الروسي للعام الحالي والسنوات المقبلة، وقال في حوار على التلفزيون الروسي يوم أمس، إن «مناخ الاقتصاد الروسي يتغير»، مؤكدا «من الواضح جدا أن اقتصادنا، وإن كان ليس بالمستوى المطلوب من الثقة، لكنه دخل رغم كل شيء مرحلة النمو»، معربا عن يقينه بأن «مرحلة السقوط قد انتهت». ويتوقع ميدفيديف نمو اقتصاد بلاده خلال العام الجاري بنحو واحد إلى اثنين في المائة، واصفا هذا المستوى بأنه «ليس سيئاً، علما بأننا كنا نأمل بمستويات أعلى من ذلك». وأشار في السياق ذاته إلى أن «أهم شيء أننا تمكنا من السيطرة على التضخم، بعد أن ساد اعتقاد حتى الآونة الأخيرة بأن مستوياته سترتفع مجددا بعد انخفاض قيمة الروبل»، لافتا فيما يخص آفاق التنمية الاقتصادية في روسيا إلى خطة العمل الحكومية لغاية عام 2025، «الموجهة بصورة خاصة لتحقيق نمو اقتصادي عند مستوى 3 في المائة، وأعلى». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد كلف الحكومة بوضع خطة عمل لتطوير اقتصاد البلاد حتى عام 2025، بما يسمح لروسيا بتحقيق وتيرة تنمية اقتصادية أعلى من المستويات العالمية بحلول سنوات 2019 - 2020. في غضون ذلك، وإلى جانب القلق على المدى البعيد من احتمال تدهور قيمة الروبل الروسي مجددا بحال طرأت أي مستجدات سلبية خلال تنفيذ اتفاق تقليص الإنتاج النفطي، يشعر البعض في سوق المال الروسية بقلق على المدى القصير إزاء تدخل وزارة المالية الروسية في سوق العملات، والتداعيات التي قد يخلفها هذا الأمر على استقرار السوق، وبصورة خاصة على تحسن وضع الروبل الروسي مقابل العملات الصعبة. وكما ذكرت «الشرق الأوسط» في وقت سابق، فإن وزارة المالية الروسية تخصص الدخل الإضافي الذي تجنيه من صادرات النفط (الفارق بين سعر البرميل في الميزانية وسعره في السوق العالمية) لشراء عملات صعبة في سوق المال الروسية. وبعد أن بدأت بتنفيذ تلك الخطة منذ شهر فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الوزارة مؤخرا عن تخصيص 70.5 مليار روبل لشراء العملات الصعبة خلال الفترة من 7 مارس (آذار) الجاري ولغاية 6 أبريل (نيسان) المقبل، أي أنها ستضخ في السوق يوميا نحو 3.2 مليار روبل روسي، موضحة أن الميزانية ستجني خلال الفترة المذكورة 91.9 مليار دولار، دخلا إضافيا من عائدات النفط والغاز. وإذا لم يتغير الوضع وبقيت الأمور على حالها، فتتوقع وزارة المالية أن تزيد خلال الفترات المقبلة من المبالغ التي تخصصها لشراء العملة الصعبة في السوق المحلية. وعلى الرغم من عدم تأثر مرحلة الانتعاش التي يمر بها الروبل الروسي حاليا بالتدخل من جانب وزارة المالية في السوق عبر ضخ فائض الربح من عائدات النفط، إلا أن اللاعبين في السوق ما زالوا يشعرون بقلق من أن تؤدي خطة وزارة المالية إلى هبوط الروبل مجدداً. بالمقابل هناك من يرى أن تلك الخطة لن تؤثر، أو على أقل تقدير، لن يكون لها تأثير كبير على تقلبات سعر الروبل، لأن انتعاشه الحالي نتيجة طبيعية للمزاجية الإيجابية التي تهيمن بشكل عام على أسواق المال العالمية بعد اتفاق تقليص الإنتاج النفطي. وفي حوار صحافي يوم أمس، توقف أندريه كوستين، رئيس مصرف «في تي بي» الحكومي، عند مخاوف البعض في سوق المال الروسية، وأعرب عن قناعته بأن شراء الوزارة للعملات الصعبة لن يؤثر بشكل جدي على سعر صرف الروبل، متوقعا أن يصل سعر الصرف نهاية العام الحالي إلى ما بين 61 و62 روبلا لكل دولار، واصفا الخطة الحكومية بأنها «سليمة وعقلانية»، واعتبر أن ادخار الحكومة لتلك المبالغ سيساهم لاحقا بضمان استقرار سوق المال الروسية. وكان كوستين قد قال في وقت سابق إن شراء وزارة المالية للعملات الصعبة من السوق قد يؤدي إلى إضعاف الروبل بنحو 5 في المائة، لكن إذا كان سعر برميل النفط بحدود 55 دولارا للبرميل.
مشاركة :