تغيير في ذاكرة الطفولة العربية بقلم: شيماء رحومة

  • 3/7/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

ثري عربي يعرض مبلغ 7 مليون دولار من أجل تغيير أحداث مسلسل توم وجيري معبرا عن ملله من استفزاز الفأر المستمر للقط.العرب شيماء رحومة [نُشر في 2017/03/07، العدد: 10564، ص(21)] عرض ثري من أصل عربي مبلغ 7 مليون دولار على الشركة المنتجة لمسلسل توم وجيري من أجل تغيير الأحداث وجعل جيري ينتصر على توم، وعبر الثري الذي لم يكشف عن اسمه وانتمائه عن ملله من استفزاز الفأر المستمر للقط. خبر تداولته بعض المواقع على شبكة الإنترنت وقد لا يمتّ للواقع بصلة، لا سيما وأن هذه المواقع لم تقدم أي تفاصيل حول هويّة الثري العربي، وإلى أي دولة ينتسب، وكيف تمت الصفقة؟ ومع ذلك شدني هذا الخبر الطريف بقوة ليس لطرفته وإنما لما أحال عليه من دلالات، بحيث أصبح المشاهد العربي راغبا في تغيير مجريات الأحداث التي تحيطه فحسب، بل والتي تطل عليه من الشاشة الصغيرة. وعلى الرغم من أن الكثير من العائلات العربية تحبذ الجلوس أمام التلفزيون لمتابعة المطاردة الشهيرة بين توم وجيري بشغف لا يفتر، ويستفزها خبث جيري، فإن هذا الثري العربي بادر إلى تغيير الروتين الذي رافق توم وجيري على امتداد 161 حلقة تم إنتاجها من عام 1940 إلى حدود سنة 1967 للسينما، وحازت على الكثير من جوائز الأوسكار على مر السنين. وبعيدا عن الأسباب التي دفعت رجلا فاحش الثراء إلى تعديل مجريات الأحداث ضمن سلسلة كرتونية موجهة للأطفال، تجدر الإشارة إلى أن هذا التعديل لم يأت مصادفة وإنما جاء نتيجة غرق العالم العربي في الروتين. فمسلسل توم وجيري شكل إلى هذه اللحظة جزءا كبيرا من الطفولة العربية ومازال يجذب المشاهدين كبارا وصغارا حتى اليوم، ولم تقدم القنوات التي تبثه بديلا لحالها كحال بعض القنوات العربية المحلية التي لم تمل من إعادة بث المسلسلات التي تم إنتاجها محليا ولم يسأم المشاهد العربي من تكرار نفس اللقطات حتى بات قادرا على النطق بمفردات السيناريو كلمة كلمة على غرار السلسلة الشهيرة “شوفلي حل” التي صارت شديدة الالتصاق بالقناة الوطنية التونسية الثانية. تكرار أثار الكثير من الجدل في صفوف المشاهدين الذين انقسموا بين مؤيد ورافض. لم يتم تأكيد أو نفي خبر تأليف نهاية مختلفة لمسلسل توم وجيري، لكنه فتح باب النقاش بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وبين كل من اطلع على الخبر، هل يمكن لشخص عاقل دفع مبلغ خيالي من أجل التخلص من أحد أبرز رموز الرسوم المتحركة في العالم؟ وهل تحمل هذه الخطوة دوافع خفية تجعل هذا الرجل يغير من ذاكرة الطفولة العربية؟ أما بالنسبة إلي فإن تغيير النهاية ذكرني بما كان يطلبه المدرس منا في حصص تقديم القصص بأن نبحث عن نهاية جديدة للأحداث وفق ما يجود به المخيال الطفولي لدينا، كنت أحب كثيرا تغيير مجريات الأحداث في القصة وأذهب بعيدا بمخيلتي لأنتج علاقات جديدة تجمع بين أبطالها. علمتنا المدارس الذهاب بعيدا بمخليتنا، لكن التلفزيون جمد الحس التخيّلي لدينا واكتفى بإعادة بث القديم بشكل بات منفرا وباعثا على الملل. الروتين دفع الرجل إلى دفع الملايين، ومع ذلك تحتاج القنوات العربية إلى بلايين الدولارات لتكسب المشاهدين العرب من جديد. جدير بالذكر أن الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل مرفقة بالنهاية المقررة للعمل، قد عارض منتج العمل بثها لأنها تنتهي بموت توم وجيري منتحرين، وهو ما يرى أنه قد يؤثر سلبا على نفسية المتابعين الصغار.كاتبة من تونسشيماء رحومة

مشاركة :