دعا مؤتمر اقتصادي بحث دور الاقتصاد المعرفي في التنمية الوطنية، إلى زيادة جهود القطاع الخاص في إنتاج المعرفة واستثمارها، والتوسع في آليات تحويل المعرفة إلى ثروة داعمة للاقتصاد، ومتابعة جهود إنشاء شركات سعودية في صناعة المعلومات والاتصالات. ونظمت وزارة الخارجية في السعودية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "مؤتمر الاقتصاد القائم على المعرفة"، الذي اختتم أعماله في الرياض أمس بعدد من التوصيات التي تسهم في نقل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي. وقال الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط، إن الوزارة تسعى إلى رفع المحتوى المعرفي في كل النشاطات الاقتصادية، لتوفير مزيد من فرص العمل للشباب السعودي. وأكد أن مساهمة الاقتصاد المعرفي في حجم الاقتصاد الوطني تكون حسب نسبة التوظيف وتنفيذ المشاريع في كل دولة. وأضاف الجاسر: "كل الأعمال التي تقوم بها الدولة وكذلك القطاع الخاص ونقوم بها نحن في منازلنا مع أبنائنا وبناتنا هي ذات محتوى معرفي. لكن هل المحتوى المعرفي كافٍ أو نستطيع أن نرفعه؟ نحن على يقين أننا نستطيع أن نرفع المحتوى المعرفي وبالتالي يرتفع لدينا الاقتصاد ككل". وحول الاستفادة من الشركات الأجنبية في تطوير المحتوى المعرفي، ذكر أن هناك اتجاها قويا لذلك، "فالشركات العالمية أصبحت الآن على دراية باهتمام السعودية بمحتوى معرفي عالٍ جدا، ولسنا مهتمين الآن بالأعمال والصناعات ذات المحتوى المعرفي المتدني لأن ذلك معناه عماله أجنبية إضافية". وأكد "أننا مستمرون على هذا الأمر، وجميع الشركات التي تعمل لدينا في السعودية لديها المحتوى المعرفي، ونحن مصرون على أن يقوموا بإعطائنا المحتوى المعرفي الأعلى الذي سوف يمكننا من بناء اقتصاد معرفي متطور". وقال: "السعودية الآن في مرحلة تكميلية لبناء الاقتصاد المعرفي وليست تبدأ من نقطة الصفر". وأوضح الجاسر، أن انعقاد المؤتمر يأتي في ظل ما تشهده السعودية من تحولات كبيرة على الأصعدة الديموغرافية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية، "حيث تتفاعل السعودية في ذلك مع التحولات الدولية بخطى تبني واقعا متطورا ومستقبلا واعدا". وقال: "لا يمكن التحول إلى مجتمع المعرفة دون التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث يتميز هذا الاقتصاد باعتماد النمو فيه على عامل المعرفة أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية، إذ يعد استثمار المعرفة في جميع قطاعات الاقتصاد مفتاحا للتنمية وتوليد فرص العمل والتنويع الاقتصادي". وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط، أن التحول لمجتمع المعرفة "أصبح ضرورة وليس ترفا"، تمليها الظروف والتطورات الدولية، التي تغير فيها مفهوم المنافسة العالمية، لتصبح المعرفة أساس المزايا التنافسية بين الدول، مع تناقص أهمية المزايا النسبية أو التفاضلية الأخرى مثل توافر الأرض ورأس المال والموارد الطبيعية. وذكر، أن خطتي التنمية الثامنة والتاسعة ركزتا على أعمال تنموية شكلت القاعدة الأساسية للانطلاق نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث جرى تنفيذ الخطة الخمسية الأولى الموسعة للعلوم والتقنية والابتكار، ويجري الآن إعداد الخطة الخمسية الثانية. وهذا بالإضافة إلى تنفيذ الخطة الوطنية لتقنية المعلومات والاتصالات بمرحلتها الخمسية الأولى ثم البدء بالثانية، وكذلك الاستراتيجية الوطنية للصناعة، واستراتيجية وخطة دعم الموهبة والإبداع والابتكار، وإنشاء هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية، وإنشاء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية؛ كما قال الوزير. وقال الجاسر: هذه الجهود توجت بصدور الأمر السامي الكريم رقم 546 وتاريخ 2 / 1 / 1433هـ، للخروج باستراتيجية وطنية شاملة وعملية، للتحول إلى مجتمع المعرفة مدعومة ببرامج تنفيذية وزمنية محددة التكلفة. وأوضح، أن هذه الاستراتيجية تم إعدادها، وعُرضت على اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى، الذي أقر مبادئها الأساسية. كما شمل توجيه المقام السامي إعداد خطة تنفيذية وميزانية تقديرية لتحقيقها وتحديد الجهات المنفذة، وآليات إدارتها وتنفيذها ومتابعة أدائها. وتابع: "تم إعداد هذه الوثائق جميعها وسترفع للمجلس الاقتصادي الأعلى في الأيام المقبلة لاعتمادها، والبدء في تنفيذ الاستراتيجية". وأوصى المؤتمر في ختام أعماله بالإسراع في اعتماد وتنفيذ "الاستراتيجية الوطنية للتحول إلى مجتمع المعرفة"، ووضع برامج توعية حول التحول إلى مجتمع المعرفة والاقتصاد القائم عليها، وتعاون الجهات المعنية بذلك لتنفيذها. ودعا إلى توسع التعليم والتدريب والتعليم العالي، بالأخذ بمتطلبات نقل المعرفة ونشرها وتوليدها، وزيادة التمويل الخاص بالبحث والتطوير والابتكار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ورفع جودة التعليم من حيث مواءمته لآخر المعارف والتقنيات الاستراتيجية المهمة للمملكة. وأكد ضرورة اعتماد كل القطاعات الحكومية لبرامج تهدف إلى رفع المستوى والمحتوى المعرفي في مجالات عملها، وزيادة جهود القطاع الخاص في مجال إنتاج المعرفة واستثمارها، ووضع حوافز لذلك وتقييم الأداء في تنفيذه. وأشارت التوصيات إلى أهمية التوسع في آليات تحويل المعرفة إلى ثروة، بوضع برامج لتوظيف الخريجين الشباب، ونقل نتائج البحث والتطوير إلى منتجات وشركات، وهذا عن طريق تبني آليات مثل حاضنات التقنية وريادة الأعمال. وفيما يتعلق بتطوير المعلومات والاتصالات وإدارة المعرفة؛ دعت التوصيات إلى زيادة الاهتمام بالأبعاد والنشاطات الإنتاجية لتقنية المعلومات والاتصالات وليس فقط الاستهلاكية منها، وإلى تطوير قدرات إدارة المعرفة لدى كافة الجهات في القطاعين العام والخاص. وفي هذا السياق، أكدت أهمية زيادة الجهود المبذولة لقيام شركات سعودية في صناعات وخدمات المعلومات والاتصالات، للاهتمام بأمن المعلومات والاتصالات، ودعوة كافة الجهات لمتابعة ذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية. وعلى مستوى التعاون الدولي؛ لم تغفل توصيات المؤتمر أهمية تضمين برامج التعاون الدولي بين المملكة والدول الأخرى بنوداً في مجال نقل المعرفة ونشرها وإنتاجها واستثمارها.
مشاركة :