شرعنة غير معلنة للمال السياسي في الانتخابات القادمة بالجزائر بقلم: صابر بليدي

  • 3/13/2017
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

الفقراء ليس لهم نصيب في الوصول إلى المناصب النيابية والسياسية.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/03/13، العدد: 10570، ص(4)]غصبا عنهم.. يختارون الأثرى لا الأجدر الجزائر - كشف توقيف نجل أحد قادة الأحزاب السياسية الموالية للسلطة من قبل مصالح الأمن بضاحية في غرب العاصمة، وبحوزته مبلغ مالي يفوق 100 ألف دولار وقوائم مرشحين للانتخابات التشريعية المقررة في الرابع مايو المقبل، عن تغلغل كبير للمال في اللعبة السياسية في جزائر. واتهم الأمين العام الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض عبدالمالك بوشافة، ما أسماه بـ”مافيا اللوبيات المالية والسياسية” بعرقلة تواجد حزبه في كل المقاطعات الادراية، وأعرب عن أسفه لتواطئ الإدارة مع جهات ضاغطة لمنع حزبه من تقديم قوائم ترشحه في الآجال القانونية. وعززت اتهامات قيادي جبهة القوى الاشتراكية، الجدل الدائر في البلاد، حول تغلغل المال السياسي في الاستحقاقات الانتخابية، بشكل يُنبئ بهيمنة رجال المال والأعمال على البرلمان والمجالس المنتخبة مستقبلا، بما يوحي بوقوع مؤسسات الدولة تحت قبضتهم وتحوّلهم إلى رقم فاعل في معادلة السياسة. وعلّق أحد الطامحين إلى دخول قبة البرلمان، في صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك بأن “الفقراء في الجزائر لم يبق لهم نصيب من السياسية، في ظل التحولات الاجتماعية والأخلاقية للمجتمع، وأصبح المال ورقة مهمة في يد الطامحين لبلوغ مقعد في البرلمان أو المجالس المحلية”. وأضاف “المال في السياسة حقّ أريد به باطل، فالإمكانيات اللازمة لتسيير الحملة الانتخابية، تحوّلت إلى ورقة ضغط وابتزاز من قبل القيادات الحزبية، في تحديد قوائم مرشحيها، والمتنافسون على امتياز الحصانة والإفلات من المساءلة والعقاب، أزاحوا الفقراء من طريقهم في اللعبة السياسية”. وكانت مصادر سياسية قد تحدثت عن ارتفاع مؤشر رؤوس القوائم والمراتب المتقدمة في قوائم الأحزاب الكبرى، إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث وصل سعرها في العاصمة والمحافظات الكبرى، إلى ربع مليون دولار، أبدى بعض رجال المال عن رغبتهم في دفعها، خدمة لمصالحهم أو حصولا على امتياز الحصانة البرلمانية، تلافيا لمتاعب قانونية وقضائية تلاحقهم في مجالات نشاطهم. ودرءا للشبهات التي طالت تنظيم “منتدى رؤساء المؤسسات” المقرّب من السلطة، حول الدفع بمنتسبيه من رجال المال والأعمال للترشح في قوائم عدد من الأحزاب السياسية، نفى رئيسه رجل الأعمال علي حداد، أن يكون للتنظيم “طموحات سياسية أو رغبة في التواجد تحت سقف البرلمان، وأنّ ترشح بعض رجال الأعمال للاستحقاق البرلماني لن يكون باسم المنتدى”. وكشفت تحقيقات صحافية استقصائية محليّة، تقمّص معدّوها دور الباحثين عن الترشح للاستحقاق الانتخابي، عن اشتراطات قيادات حزبية للمتقدم لترؤس أيّ قائمة، دفع مبلغ مالي بدعوى تمويل خزينة الحزب، وتسيير نفقات الحملة الانتخابية، حيث عبّرت العديد من الشخصيات المصطادة، عن قاعدة الدفع مقابل القائمة الانتخابية، مع الحفاظ على مجال التفاوض مفتوحا. ويرى متتبعون للشأن الانتخابي في الجزائر، بأن ظاهرة تغلغل المال في جسد اللعبة السياسية ليس وليد اليوم، بل يعود إلى سنوات مضت، إلا أنّ الفارق هو أنه في السابق كان يتم بعيدا عن الأضواء وفي سياق ضيق يتعلق بأحزاب سياسية وسياسيين انتهازيين، يترصدون المواسم الانتخابية للاسترزاق. ويقول هؤلاء إن هناك سياسيين محسوبون على المعارضة طبّقوا قاعدة الدفع مقابل القائمة بدعوى تمويل الحملة الانتخابية وخزينة الحزب، إلا أنّ الأموال المدفوعة تسير في قنوات غير رسمية، أي تذهب إلى جهات مجهولة وليست للحسابات الرسمية للأحزاب. وتفرض القيادية في حزب العمال اليساري، التي تقدمت لسباق الانتخابات في العاصمة للمرة الخامسة على التوالي لويزة حنون، بندا داخليا على نواب حزبها إلى البرلمان، بتحويل جزء من أجورهم ومكافآتهم في حساب الحزب، يصل حسب بعض المصادر الى 50 بالمئة من صافي مداخيلهم. وشكلت العودة المريبة لرجلي الأعمال محمد جميعي وبهاء الدين طليبة، لقائمتي حزب جبهة التحرير الوطني بمحافظتي تبسة وعنابة، في اللحظات الأخيرة التي سبقت آجال الإيداع الرسمي، إحدى تجليات هيمنة المال السياسي على الاستحقاق الانتخابي. وإذا كانت المسألة تثار بشكل لافت في الأحزاب الموالية للسلطة، حيث عمدت جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي والجبهة الشعبية الجزائرية وتجمع أمل الجزائر، إلى الاستعانة برجال أعمال لتصدّر بعض قوائمهم، فإن الأمر انسحب أيضا على أحزاب محسوبة على المعارضة، لا سيما الأحزاب الإسلامية التي ما انفكت تُروّج لخطاب “الكفاءة والنزاهة والشفافية”، حيث ظهر العديد من رجال المال والأعمال في صدارة بعض قوائمهم. ودافع رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، علة من من أسماهم بـ”رجال المال والأعمال النزهاء وحق الجميع في الممارسة السياسية”، إلا أنّ شبهة الفساد تلاحق الكثير من الوجوه النيابية المتخفيّة تحت لواء الحصانة للبحث عن الامتيازات والإفلات من الرقابة والمساءلة، بما أنّ ما يدفعونه لهذا الغرض يفوق عشرات المرات عائدات مداخيله طيلة سنوات العهدة النيابية. ورغم التطمينات التي قدّمتها الإدارة وهيئة اللجنة العليا لمراقبة الانتخابات للرأي العام حول نزاهة وشفافية الاستحقاق الانتخابي، بمحاربة ظاهرة المال السياسي الفاسد، فإنّ الممارسات الميدانية أفضت إلى شرعنة غير معلنة للمال السياسي، ولو تعدّدت أشكاله وممارساته.

مشاركة :