«لاب توب» صغير كان البداية التي انطلق منها سالم القاسمي في 2006، ليؤسس استوديو «فكرة»، وليبدأ تحقيق أحلامه الكبيرة في إدخال تصاميم جديدة وفن تجريبي لم يكن موجوداً في الدولة، محاولاً تغيير النظرة النمطية عن التصميم، التي كانت ترى أنه حكر على الشركات الأجنبية واللغة الإنجليزية. «فكرة» هو أول استوديو قدم التصميم التجريبي في الدولة، قبل أن تتبعه شركات واستوديوهات عدة متخصصة في الفن الجديد. ويروي القاسمي لـ«لإمارات اليوم» قصة إنشائه الاستوديو، قائلاً إنه كان نتاجاً لأفكاره منذ أن قرر دراسة تصميم الوسائط المتعددة بالجامعة الأميركية في الشارقة. وأضاف: «كنا من أولى الدفعات التي درست التصميم ومفهومه في الجامعة، في تلك الفترة لم يكن هذا المفهوم معروفاً، ولم تكن دراسته مقبولة، لأنه أقرب إلى الهواية، كما أن الفتيات أكثر إقبالاً عليه»، موضحاً أن «هذه الفكرة أوجدت لي الدافع لأتمكن من إتقان التصميم بشكل أكبر، وأن أتدرب في أفضل الشركات لأكتسب مهارات كافية للانطلاق بمشروع خاص في الدولة»، مضيفاً أنه فور تخرجه في الجامعة الأميركية سافر إلى المملكة المتحدة، حيث أكمل تدريبه الميداني في إحدى الشركات المعروفة في التصميم التجريبي والوسائط المتعددة، قبل أن يعود إلى الدولة ليطبّق ما تعلمه هناك في الشركات المحلية. شركاء في الحلم قال مؤسس استوديو «فكرة» للتصميم، سالم القاسمي، إنه كان يدير أعمال الاستوديو كاملة بمفرده، إلى أن انضمت إليه زوجته، مريم القاسمي، فبدأت العمل معه مديرةً إبداعيةً، ثم تسلّمت إدارة الحسابات بالكامل، مستفيدة من الخبرة التي اكتسبتها من خلال عملها في مؤسسة الشارقة للفنون، فضلاً عن تخصصها في التصميم. وتابع أن وجود أطراف من العائلة في المشروع يمنحه زخماً إضافياً، لأنهم لا يتصرفون كأشخاص مطالبين بأداء واجبات أو مهام محددة، بل كشركاء في الفكرة والجهد والحلم، لافتاً إلى أنه يعتمد على زوجته في تسيير الأمور الأساسية في الاستوديو، خصوصاً أنه يعمل على أكثر من مشروع في وقت واحد. وتابع القاسمي أن العمل محلياً كان مختلفاً، لأن التصميم لم يكن من الأمور الأساسية التي تركز عليها الشركات المحلية، ما اضطره إلى العمل لفترة طويلة في أعمال حرة لشركات عدة، إلا أن إصراره على تحقيق شيء مختلف في مجاله دفعه إلى العودة للشركة التي تدرب بها في لندن عام 2005، ليعمل فيها. يقول: «واجهت تحديات عدة لأتمكن من التأقلم مع المجتمع خارج الإمارات، خصوصاً أنني سافرت وحدي، ولم يكن معي أحد من عائلتي ليشجعني»، مضيفاً أنه لاحظ التغيير الكبير بين دراسة التصميم وتطبيقه، وحاول أن يكتسب أكبر قدر ممكن من المعلومات الجديدة، إلا أنه لم يتمكن من البقاء لفترة طويلة خارج الدولة، خصوصاً أن الاختلاف بين مجتمع الإمارات ومجتمع المملكة المتحدة كان كبيراً، فضلاً عن تأخر استخراج فيزا العمل في بريطانيا، لذا عاد إلى الدولة وعمل في إحدى الشركات العالمية المتخصصة في تصميم الشعارات، أملاً في أن يتمكن من تطبيق الأفكار التي حصل عليها نتيجة عمله في الخارج. يضيف: «حتى مع اختياري لهذه الشركة لم أتمكن من تطبيق كل ما تعلمته، خصوصاً أن التصميم التجريبي كان عالماً مختلفاً لم تطلع عليه كل الشركات المحلية، وقد لاحظت أن شركات الإعلان والدعاية كانت تسيطر على سوق التصميم، ومعظمها أجنبية أو عربية، وتركز على اللغة الإنجليزية في التصميم». وأكمل القاسمي أن الجامعات في تلك الفترة أهملت التصميم باللغة العربية، واعتمدت على الأجانب في تدريس هذه المساقات، لافتاً إلى أنه أراد أن يعيد إدخال مفهوم التصميم باللغة العربية، واستخدام الكلمات العربية بدلاً من الإنجليزية. وقال: «كان هاجسي الأكبر أن أبدأ بإدخال التصميم التجريبي للدولة، بدلاً من الاعتماد على الخبرات الأجنبية من خارجها، لذا أسست (فكرة) في 2006. وقد بدأت (فكرة) بحاسوب واحد من دون مكتب ومن دون موظفين آخرين، وكنت أعمل على التصميم منذ بدايته حتى النهاية من دون رأسمال يسند الاستوديو الصغير، واعتمدت على مكتب شقيقي لأستخرج الرخصة في تلك الفترة، إذ إن القانون يحتم وجود مكتب قائم، وهو ساعدني في استخراج الأوراق اللازمة للرخصة». وأوضح أنه طلب من مصمم مسلسل «فريج»، محمد حارب، الذي يعرفه من أيام الدراسة، أن يعمل معه في تصميم شارة النهاية للمسلسل، ما استوجب منه العمل ساعات طويلة يومياً ليتمكن من الانتهاء منها وفق الموعد المحدد. وأضاف القاسمي أن أول شخص ساعده بعد بدء الاستوديو ليعمل معه، كان إحدى خريجات التصميم وشقيقة صديقه الأقرب، سناء الرفاعي، التي عملت لفترة من الزمن في إحدى الشركات، وتعلمت كيفية التعامل مع الزبائن في مجال التصميم، مضيفاً: «تعلمت منها كيف يمكنني إنشاء حسابات خاصة للزبائن، وكيف يمكنني معرفة ما يحتاجون إليه لتصميمه بالصورة الصحيحة». وتابع: «بعد أن بدأت سناء العمل معي تطورت أعمال الاستوديو، وبدأنا العمل على مشروعات عدة في تصميم الشعارات باللغتين العربية والإنجليزية، إلى أن تمكنا من إنجاز أول عمل في 2007 ليرفع اسم (فكرة)، وهو تصميم شعار شركة (تشكيل)، وهو عبارة عن اسم الشركة باللغتين العربية والإنجليزية في كلمة واحدة». وأوضح أنه اكتسب خبرات عدة من خلال معارفه في مجال التصميم، إذ إنه تعلم أساسيات الخط العربي من أحد زملائه المتخصصين في الخط، ما ساعده على معرفة كيفية التصميم بالشكل المناسب. ولفت القاسمي إلى أنه أول إماراتي يعمل في مهنة أستاذ مساعد بالجامعة الأميركية في الشارقة، ويدرس في مجال الاتصال المرئي، وأساسيات التصميم في مجالات عدة، مثل «فنون العمارة»، و«التصميم الداخلي»، و«تصميم الوسائط المتعددة»، وغيرها من المجالات، إضافة إلى مشروعاته وبحوثه الخاصة التي أصدرها خلال السنوات الماضية.
مشاركة :