حينما تجد مؤسسة ما أو دولة ما لا تعرف سبيلاً إلى حل مشاكلها الاقتصادية، إلا عن طريق تقليص النفقات الضرورية وغير الضرورية، فاعلم أن هناك خطأ فكرياً يحتاج إلى التوقف والتدبر، فالعمل على خفض التكاليف لا يكون إلا بعيداً عن الضروريات.وحينما يخرج علينا من يتحدثون عن فرض ضرائب أو عمولات أو من يحرِّم فئات من خدمات، هي وهمية في الأصل، من أجل استهلاك الوقت، فاعلم أنه منتهى التخبط.ولا شك في أن إرادة ضعيفة تكمن وراء الفشل الاقتصادي في أي مؤسسة، مع تردد وترصد من المرجفين، فإذا كان لديك رأسمال وفير وبيئة صالحة ولا تجد للنجاح سبيلاً، فاعلم أن الفشل موجود فيك، ويجب عليك التوجه إلى العلاج.لن نتقدم أو نخطو للأمام ما دامت أسباب التقدم بعيدة عن أعيننا، والتقدم رهين ومقرون بالإنتاج، فكيف يأتي الإنتاج ولم نسع إلى أدواته ولم نتخذ خطواته؟رسالتي إلى أحبائي في مجلس الأمة، أعرق الديموقراطيات في الخليج، أقول فيها، اسمحوا لي أن أهمس إليكم، فأين حواراتكم في شأن التنمية الاقتصادية الشاملة؟ وأين استجواباتكم في شأن إنجاز ميناء عبدالله الذي ترقبناه كثيراً؟ وأين حديثكم عن إنشاء منطقة صناعية تجمع قلاع الصناعة في العالم؟ وأين خطتكم للسيطرة الاقتصادية على رأس الخليج بل ماذا سيحدث حين يتم إلغاء المنطقة الحرة بالشويخ من دون إيجاد البديل؟لقد كان من الواجب أن تتحول الثروة النفطية إلى صناعات تكميلية بداية من المصافي والتكرير، وانتهاء بالصناعات الاستهلاكية التي يتم تصديرها إلى دول العالم بأضعاف ثمنها إذا تم تشغيلها.نعم، هناك مشاريع خاسرة، ومرجع خسارتها إلى سوء تخطيط، وارتفاع تكلفة تشغيلها وتأسيسها من دون دراسات عميقة، وعلاج المؤسسات الخاسرة لا يكون بتسريح عمالها أو بإغلاقها، وإنما بزيادة إيراداتها وتطوير ادائها، وتحسين خدماتها، وبث دماء جديدة صاحبة رؤية وإبداع مع الاستعانة بخبرات وتجارب الآخرين، فالدواء موجود بين أيدينا، ولكنها تعجز عن الوصول إلى أفواهنا.العلاج يكمن في تخطيط اقتصادي منتج وفعال، باستغلال الطبيعة الجغرافية، والثروة الطبيعية، كما يتمثل في إنشاء مناطق صناعية منتجة، فالمخلفات التي يتم إهدارها هنا يتم تجميعها وإقامة صناعات عديدة عليها في الهند، والصين، وشرق آسيا، ويعاد تصديرها بملايين الدولارات إلى منطقتنا العربية.ونحن نحتاج إلى مدن صناعية كبرى، وصناعات تقوم على الثروة النفطية، ومنطقة خدمات لوجيستية، ومنطقة للتجارة الحرة، إلى جانب اجتذاب شركات، وقلاع صناعية عالمية لننطلق نحو التنمية الاقتصادية.كما تكمن الاستفادة من الأسواق المحيطة بنا في الحصول على مكان لنا، نعم نحتاج إلى خطة طموحة تبث الأمل في نفوس الأجيال القادمة.* باحث في اقتصاديات النقل البحري( edkw@egcss.com)
مشاركة :