سواء استُخدمت سلسلة الرتب والرواتب في لبنان لمحاولة الإطاحة بمساعي استيلاد قانون انتخاب جديد، او ان هذا القانون استُعمل لـ «تطيير» السلسلة، فالنتيجة واحدة وهي ان هذا الملف المالي - الاجتماعي الشائك الذي تحوّل «كرة نار» سياسية - شعبية «علِق في شِباك» الاشتباك الداخلي مجدداً وسط مؤشرات الى انه «عاد الى الرفّ»، الأمر الذي يُخشى معه ان يتحوّل «صاعقاً» يواكب «المرحلة القاتلة» الفاصلة عن انتهاء ولاية البرلمان في 20 يونيو.وفي حين كانت الأنظار شاخصة يوم امس على الاستعدادات لـ «أحد التظاهر» في وسط بيروت ضدّ تمويل سلسلة الرتب (يستفيد منها نحو 250 الف عائلة) من الضرائب ومن جيوب المواطنين مع المطالبة بأن يكون ذلك من بوابة سدّ مزاريب الهدر والفساد بمليارات الدولارات، خرج رئيس البرلمان نبيه بري بموقف كان أشبه بـ «ضرب اليد على الطاولة»، مباغتاً الحكومة وقوى سياسية عدة كانت تتوقّع ان يحدّد الأسبوع المقبل موعداً لجلسة عامة جديدة لمجلس النواب لاستكمال إقرار السلسلة وإيراداتها.وقارب بري، في بيانٍ وضعَ معه «النقاط على الحروف» وحمَل نفَساً شديد اللهجة، ملف السلسلة من زاوية سياسية، راسماً «خريطة اولويات» قلبتْ الأولويات، وبدت أقرب الى تعليق البحث في «السلسلة»، وهو ما اعتُبر من اوساط سياسية في سياق «ربْط نزاع» بين هذا الملف وقانون الانتخاب الذي دخل «منطقة الخطر» مع انقضاء المهلة الثانية والأخيرة لتوجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة (قبل 3 أشهر) لانتخاباتٍ في 18 يونيو المقبل وفق قانون الستين النافذ حالياً، وهي الدعوة التي وجّهها امس وزير الداخلية نهاد المشنوق، رغم حسْم ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يوقّعها لأنها تستند الى «الستين» الذي يعتبر انه «دفنه».واعتبر بري«ان ما يحصل في حقيقته المخفية عمداً هي حملة منظّمة على مجلس النواب والهدف سياسي وهو تطيير قانون الانتخاب والانتخابات، علماً ان السلسلة حق»، مضيفاً: «مع ذلك مافيات مصرفية ومؤسسات بحرية تحرّكت في كل اتجاه تماماً كما في عام 2014 في سبيل عدم تمويلها والغريب انها تحاول ان تستخدم مَن يجب ان يستفيد منها».واذ اكد «ان على الحكومة تأمين الايرادات من خلال الموازنة لا ان تكون سيوفها على السلسلة وقلوبها على المافيات»، شدد على «ان العمل سيكون من الآن فصاعداً على: أولاً اولوية قانون الانتخاب، ثانياً تعيين لجنة تحقيق برلمانية لكشف الفساد والمفسدين ومحاكمتهم، ثالثاً لاقرار السلسلة لكل ذوي الحقوق، ورابعاً اقرار الموازنة».وجاء كلام بري، وسط إرباكٍ سياسي كبير أفضتْ اليه مناقشات السلسلة قبل ايام في البرلمان، بحيث بدت البلاد عالقة بين «مطرقة» عدم القدرة على التراجع عن بتّ السلسلة وسط ضغط المستفيدين منها لإقرارها في الشارع، وبين «سندان» صعوبة إدارة الظهر لنبض الشارع المنتفض على الأرض رفضاً لسلة الضرائب، وذلك رغم محاولة الرئيس سعد الحريري ان يأخذ «في صدره» مساعي الدفاع عن المسار الضريبي المعتمَد وتفنيد ما اعتبره «أكاذيب» حول ضرائب غير ملحوظة أصلاً جرى الترويج لها لتأليب الرأي العام.ورغم تأكيد الحريري تماسُك الحكومة خلف ملف السلسلة، فقد وجد أكثر من طرف نفسه مضطراً الى اتخاذ وضعيات «دفاعية»، مثلما فعل النائب وليد جنبلاط الذي يعتبر أن «السلسلة يجب ان تموّل باسترداد الأموال من السارقين»، وأيضاً حزب «القوات اللبنانية» الذي كان لاقى المعترضين على الضرائب وفي مقدّمهم حزب الكتائب، بإعلان تعليق السير بالسلسلة حتى يجد هؤلاء أبواب تمويل بديلة، بما عكس محاولة لرمي كرة تطيير السلسلة في مرمى «المزايدين».اما حزب رئيس الجمهورية (التيار الوطني الحر)، الذي يصطدم بأول «لغم» سياسي - شعبي في عهده، فحاول بدوره الدفاع عن السلسلة وموارد تمويلها بإعلانه بعد اجتماع استثنائي برئاسة رئيسه الوزير جبران باسيل ان «السلسلة مطلب فئات كبيرة في القطاع العام و80 في المئة من الضرائب تطول الطبقات الميسورة فقط والباقي يشمل الجميع»، مؤكداً «لن نسمح بتطيير انجازاتنا فنحن نجحنا بفرض ضرائب على مجالات كانت محرمة سابقاً مثل الربح العقاري، والأملاك البحرية وكذلك المصارف واليوم اصبح هذا الموضوع قيد الاقرار».
مشاركة :