فرنسي في خدمة الطليان بقلم: مراد البرهومي

  • 3/19/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تحفّز الغزال الأسمر الفرنسي لخوض تجربة جديدة، ومن الصدف أن الفريق الجديد يدرّبه إيطالي ويلعب باللون الأزرق الذي كان يحمله مع ليستر ويحمله إلى اليوم مع منتخب بلاده فرنسا.العرب مراد البرهومي [نُشر في 2017/03/19، العدد: 10576، ص(23)] يبدو أن عصر النهضة الكروية الجديدة في فرنسا بات قريبا ووشيكا للغاية، والإنجاز الأسطوري الذي حققه رفاق زيدان بالأمس البعيد وتحديدا في صيف 1998 إثر حصولهم على كأس العالم أصبح ممكنا، وليس للأمر علاقة باستباق ما سيحصل في مونديال روسيا بعد عام، بل ثمة معطيات ثابتة وواعدة توحي بقدرة “الديك” الفرنسي على قلب كل المعادلات والظهور بمستوى قوي في النسخة القادمة من كأس العالم. منذ فترة قصيرة تحدثنا عن المهاجم الواعد وصغير السن كليان مبابي الذي خطف الأضواء وبرز بشكل باهر وساحر مع فريقه موناكو، فذلك اللاعب بدأت كل الأعناق تشرئبّ لمتابعته ومعاينة مهاراته العالية في أول موسم له مع الفريق الأول للإمارة، وهو اللاعب القادر بلا شك على تكرار إنجازات تيري هنري، ولمَ لا المساهمة في صعود فرنسا إلى الدرجة العالية من سلم المجد الكروي العالمي. بكل تأكيد لن يكون مبامي قادرا بمفرده على إعادة كتابة تاريخ جديد للكرة الفرنسية بل يتوجب وجود زمرة من اللاعبين الرائعين الآخرين القادرين بدورهم على النجاح والتألق، في هذا السياق يبرز حتما نجم نادي تشيلسي الإنكليزي نغولو كانتي ذلك الفتى الأسمر الذي ما فتئ يقدم هذا الموسم مستويات رائعة وممتعة مع فريقه متصدر ترتيب الدوري الممتاز. كانتي لاعب وسط يتمنى أيّ مدرب أن يكون ضمن تركيبة فريقه، لاعب استثنائي بمهارات عالية للغاية، هو نجم وسط ميدان تشيلسي ورمانة ميزانه ومحرار قوته و”جبروته”، فيا حظ مدرب تشيلسي بوجود هكذا لاعب ضمن حساباته. هذا اللاعب لم يبرز هذا الموسم فقط ونجاحه لم يكن أبدا وليد ضربة حظ، بل إن كل ما حققه إلى حد الآن وسيحققه مستقبلا هو ثمار عمل دؤوب تحت الظل، فكانتي سار في طريق النجومية والتألق خطوة ثابتة تلو الأخرى، حيث بدأ مسيرته في فرنسا مع فريق مغمور يدعى سوريسناس ثم انتقل إلى فريق آخر منحه الفرصة كي يصبح لاعبا محترفا ونعني بذلك نادي بولوني الذي فتح أمامه الباب كي يثبت جدارته ومهارته وقدرته على اللعب مع فرق أقوى، الأمر الذي سمح له بعد ذلك باللعب مع نادي كون الناشط في الدرجة الأولى. وبما أن الصبر والثبات والصمود هي أهم مقومات النجاح فقد وفّق هذا اللاعب المغمور حينها في أن يجلب انتباه “الكشّافين” في نادي ليستر سيتي لتنطلق رحلة الأحلام وتبدأ قصة التتويجات. قصة كفاح عرفت النجاح الاستثنائي في مسيرة هذا اللاعب الذي تحول في ظرف وجيز من لاعب درجة ثالثة إلى نجم مميز كان له دور فعال ومساهمة مؤثرة في حصول معجزة ليستر سيتي الموسم الماضي. آمن كلاوديو رانييري المدرب السابق لليستر بقدرات هذا اللاعب فمنحه مكانا ثابتا ضمن فريق الأحلام فبرز كأفضل ما يكون ولم يخيّب ظن المدرب الإيطالي فيه، بدليل أنه كان من بين أبرز اللاعبين في الدوري الإنكليزي الموسم الماضي. قدم كانتي خدمة جليلة للمدرب رانييري وأثبت لجميع من تابع مباريات ليستر الموسم الماضي أنه مصدر قوة الفريق في وسط الميدان ليستحق شهادة الاعتراف من الجميع وينال لقب الجندي المجهول الذي عمل في الخفاء بروعة وإتقان كبيرين مساعدا زميليه فاردي ومحرز والفريق ككل على بلوغ درجة عالية وتحقيق إنجاز خرافي. ربما هم المدربون الطليان “ملوك” الخطط و”التكتيكات” الدفاعية الصلبة يعرفون جيدا قدرات هذا اللاعب، فهم أدرى المدربين بقيمة وجود مثل هذا اللاعب، وبعد أن قدم خدمة جليلة لرانييري المدرب السابق لليستر أصر المدرب الإيطالي الآخر أنطونيو كونتي خلال الصائفة الماضية مباشرة بعد تعيينه على رأس تشيلسي على التعاقد مع كانتي فكان له ما أراد. وبعد موسم واحد فقط مع ليستر سيتي تحفّز “الغزال الأسمر” الفرنسي لخوض تجربة جديدة، ومن الصدف أن الفريق الجديد يدرّبه إيطالي ويلعب باللون الأزرق الذي كان يحمله مع ليستر ويحمله إلى اليوم مع منتخب بلاده فرنسا. بدأت المسيرة سريعا ومعها نجح اللاعب في البرهنة على قدراته العالية ونجاحه الباهر في التأقلم مع خطط المدرب الإيطالي الجديد ليواصل حصد الإعجاب والإشادة ويساهم في تصدر فريقه الصدارة الذي اقترب كثيرا من حسم مصير المنافسة في الدوري الممتاز. خدم كانتي اللاعب كونتي المدرب، حرف واحد يفصل بين الطرفين لكن روابط عديدة تربط بينهما، لأن الفرنسي بدا وكأنه إيطالي الهوى، فطريقة لعبه تجعله من أكثر لاعبي الوسط تأقلما مع الخطط الفنية الإيطالية ليكون في موسمه الأول مع تشيلسي أحد أفضل لاعبي الفريق بدليل أن كونتي ما انفك يشيد بقدرات لاعبه الفرنسي المدلل. اليوم وفي زمن تتركّز خلاله كل الأضواء صوب نجوم الشباك في عالم الساحرة المستديرة مثل ميسي ورونالدو وإبراهيموفيتش وهازارد، بات لكانتي مكان ضمن الصف الأول، وبات أكثر خبرة ونضجا وأصبح أقوى من ذي قبل، لقد ساهم في صنع ربيع ليستر ومدربه السابق رانييري واليوم هو أقرب من أيّ وقت مضى لمعانقة المجد من جديد مع تشيلسي. ومع ذلك فلكانتي أهداف أخرى أهمها تعويض إخفاق منتخب بلاده في نهائي بطولة أمم أوروبا الأخيرة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال إعادة انجاز مونديال 1998، ولعل وجود جيل جديد من اللاعبين الفرنسيين الجيدين قد يساعد كانتي على السير قدما على خطى أسلافه في منتخب “الديوك”. كاتب صحافي تونسيمراد البرهومي

مشاركة :