سنة ممتعة في إيطاليا بقلم: مراد البرهومي

  • 10/29/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هناك متعة بلا شك، وثمة أيضا غموض وتشويق كبيران يميزان مباريات “الكالشيو” هذه الأيام، إذ لا أحد يمكن أن يتنبأ بنتائج المواجهات التي تجمع بين الفرق الخمسة التي تحلم بالحصول على اللقب الغالي.العرب مراد البرهومي [نُشر في 2017/10/29، العدد: 10796، ص(23)] بدأت تظهر بعض المؤشرات الإيجابية والواعدة في الدوري الإيطالي، ربما هي بداية صحوة "مارد" كان في السابق قبلة أبرز نجوم اللعبة ومثار الإعجاب والاهتمام من جميع المولعين بكرة القدم في شتّى أصقاع العالم. ويبدو هذا الموسم في الدوري الإيطالي واعدا إلى أبعد الحدود، والجولات السابقة من هذا الدوري قدمت "أطباقا كروية شهية" كان نتاجها إلى حد الآن تجمعا خماسيا في كوكبة الصدارة، ما يوحي دون شك أن سطوة “السيدة العجوز” التي استمرت طيلة السنوات القليلة الماضية قد تنتهي هذا الموسم. فما قدّمته فرق نابولي وإنتر ميلان ولاتسيو وكذلك جمعية روما دفع بالبعض إلى القول إن البساط بدأ يسحب من تحت قدمي "سيدة إيطاليا"، أي فريق يوفنتوس، الذي وجد نفسه على غير عادته يحتل المركز الثالث بعد عشر جولات كاملة من المنافسات القوية والممتعة. هي عشر جولات قدّمت خلالها فرق الصدارة وخاصة نابولي المتصدر والإنتر ثاني الترتيب عروضا هجومية قوية، قدم أيضا خلالها الفريق الثاني في روما، أي نادي لاتسيو، أوراق اعتماده التي تخوّل له دخول سباق المنافسة المحتدم والطويل دون خوف أو وجل، أما نادي روما فإنه لم يشذّ عن قاعدته طيلة المواسم الماضية وظهر أيضا بمستوى مقبول يجعله بلا شك يواصل الحلم بالوصول يوما ما إلى معانقة لقب "السكوديتو" من جديد. هي معطيات ومؤشرات وأرقام تؤسس لمرحلة جديدة سيعرفها الدوري الإيطالي سواء هذا الموسم على وجه الخصوص أو في المواسم الماضية، وربما هي مؤشرات توحي بأن الكرة الإيطالية بدأت تتعافى من مخلّفات ركودها الذي دام أكثر من عشرة أعوام. الأمر الواقع حاليا يدلّ على أن هذه الفرق الذي تزاحم اليوفي هذا الموسم بدأت تستفيق من غفوتها وتتخلّص من مخلفات الماضي الصعب ورواسبه، فالمشاكل المالية التي عانت منها أغلب الأندية، باستثناء اليوفي، وجدت بعض الحلول، خاصة بعد أن فتح الباب أمام رؤوس الأموال والمستثمرين الأجانب لامتلاك هذه الأندية على غرار ما هو معمول به في دوريات أخرى قوية مثل الدوري الإنكليزي والدوري الإسباني. هذا الواقع الجديد الذي بدأت ملامحه تظهر منذ سنوات قليلة ربما بدأ يثمر ويعطي أكله، فأغلب هذه الفرق الإيطالية نجحت بنسبة كبيرة في تجاوز مشاكلها المالية الصعبة، خاصة وأن هؤلاء الملاّك الجدد وعدوا بضخّ أموال طائلة من أجل فتح أفاق جديدة وإعادة تشكيل المشهد الكروي في “الكالشيو” الإيطالي، فكانت المحصّلة خلال هذا الموسم جيدة إلى حد الآن. هي خمسة فرق مبدئيا يبدو التنافس بينها قويا للغاية، ولا أحد يمكن أن يتكهّن بما قد يحصل في قادم الجولات، فمع التراجع النسبي في مستوى اليوفي وتحسن أرقام وإحصائيات فرق نابولي والإنتر وروما ولاتسيو بات جميع المولعين بالدوري الإيطالي ينتظر مع إطلالة كل جولة مباريات قوية وواعدة من شأنها أن تعيد إلى الأذهان ذكريات السنوات الخوالي، عندما كانت الفرق الإيطالية تفرض سيطرتها وسطوتها بالطول والعرض على المسابقات الأوروبية. هناك متعة بلا شك، وثمة أيضا غموض وتشويق كبيران يميزان مباريات “الكالشيو” هذه الأيام، إذ لا أحد يمكن أن يتنبأ بنتائج المواجهات التي تجمع بين الفرق الخمسة التي تحلم بالحصول على اللقب الغالي بعد ستة مواسم كانت خلالها “السيدة العجوز″ ملكة متوجة على الدوام دون منافس جدي. ومن المؤكد أن المنتخب الإيطالي سيكون من أبرز المستفيدين من هذه الصحوة المتأخرة، فما تقدّمه أغلب الفرق في موسم المونديال سيساعد على ظهور جيل جديد من اللاعبين الموهوبين في إيطاليا، وإن كتب لمنتخب “الأتزوري” النجاة من فخ الملحق التأهيلي لمونديال روسيا ضد السويد، فإنه قد يكون “الحصان الأسود” في البطولة العالمية، ألم يفعلها سابقا في مونديالي 1982 و2006؟ ألم يكن حينها بعيدا عن كل الترشيحات، لكنه قلب الطاولة وتوج باللقب بفضل لاعبين برزوا بشكل كبير في منافسات الدوري المحلي؟ هذا الموسم يبدو مغريا للغاية وأكثر متعة من سابقيه، فحتى نسبة الأهداف المسجّلة عرفت تحسنا ملحوظا مقارنة بالمواسم الماضية، هناك بلا شك ريح قوية هبّت في إيطاليا فغيّرت ولو نسبيا الرسوم والأفكار التدريبية، ودفعت بالجيل الحالي من الفنيين الصاعدين إلى انتهاج أساليب تحث على الفكر الهجومي أكثر من ذي قبل، فحضرت المتعة وبدا عشاق هذا الدوري راضين إلى حد الآن عمّا تحقق. من المؤكّد أيضا أنه لو تواصلت هذه المتعة والإثارة إلى نهاية الموسم ووصل إلى مرحلة الحسم من خلال ترشيح هذا الخماسي الجاهز للظفر باللقب، فإن المكاسب ستكون جمة للكرة الإيطالية، إذ أن تجاوز حالة الركود والرتابة التي ميزت “الكالشيو” خلال المواسم الست الأخيرة من شأنه أن يجعل الأعين الخارجية تتركز أكثر على المنافسات المحتدمة والمشوقة في هذا الدوري. لكن الأهم من ذلك أن هذا الدوري قد يستعيد رونقه و”جبروته” وسحره، فذكريات الماضي القريب تؤكد أن “الكالشيو” كان قبلة نجوم الصف في عالم “الفاتنة” قبل أن تسبب الأزمات المالية في هجرتهم للدوريات الأخرى، أما اليوم وبعد استعادة الهدوء وعودة المتعة المفقودة فإن الدوري الإيطالي سيكون أكثر إغراء، وهو يتأهّب من جديد لاستقطاب أبرز اللاعبين في العالم مرة أخرى. كاتب صحافي تونسيمراد البرهومي

مشاركة :