ملك من ملوك بريطانيا القدماء عُرفت عنه سرعة البديهة، لكنه لا يحب كثرة الحديث إليه، ويظهر أنه كان من الذين يريدون زبدة القول. وعُرف عن حلاقه الخاص أنه لا يمل من سرد الآراء والأحداث السياسية والعسكرية والحروب والنزاعات أثناء عملية الحلاقة. وذات يوم قال الملك: نادوا وزير الخارجية ليحلق لي. ورشحوا حلاقي هذا وزيرا للخارجية .. ! المتتبعون للحقب القديمة من تاريخ أنظمة الحكم في العالم وجدوا ان الفلسفة والحكمة والصلاح كانت من عوامل ترشيح الحاكم، أو رئيس الدولة الذي هو الآن رئيس الوزراء - لكنها لم تعد كذلك أو هي كذلك في جزء منها فهناك كُتل وأحزاب وبرلمانات ونقابات مهنية تودّ أن يكون لها كلمة في ترشيح هذا واستبعاد ذاك وتقريب تلك. وتطوّر الزمن، واستوعب رغبات التعددية فجاء رؤساء وزارات ورؤساء جمهوريات اتصفوا بأشياء مغايرة أو بعيدة عن حب الفلسفة. فجاء بوش الأب إلى حكم أمريكا وهو طيار وحفار بترول. وجاء بوش الابن لأنه ابن بوش الأب..! وجاءت ديمقراطية الهند ب .. انديرا غاندي لأنها من نسل الزعيم نهرو، ولحقها ابنها راجيف غاندي .. لأنه ابن انديرا غاندي. وسبق للفلبينيين أن اختاروا مُمثلا سينمائيا وجه الشاشة السينمائية المرموق ايسترادا ليصبح رئيساً للدولة ورونالد ريجان رئيس أمريكا الأسبق سبق له أن أدى أدوارا سينمائية، وهكذا. وقد كان ضمن مميزات رئيس الدولة البريطاني ان يكون "ايتونيان" أي خريج كلية ايتون العريقة. لكن البريطانيين لم يفاجأوا بحصول جون ميجور على الأغلبية فعينته الملكة رئيساً للوزراء بحكم الدستور رغم كونه موظفاً عادياً في مصرف. وقد نلتفتُ إلى ظاهرة ربط المعرفة والرقي إلى المناصب بالشعر والشعراء ففي سورية مثلا – ساعدها الله على النهوض من عثراتها مثّل البلد مجموعة من الشعراء في الغرب: نزار قباني، عمر أبو ريشة، الزركلي. ولدينا في الوطن تاريخ دبلوماسي امتلأ بالشعراء المجيدين أمثال غازي القصيبي، حسن قُرشي، محمد الفهد العيسى رحمهم الله، والدكتور عبدالعزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام.
مشاركة :