القارئ”٠٠بين الورقية٠٠والالكترونية! الإعلام بصفة عامة ، منبر يُقولب العقول ويُشكلها كما يريد ، وخاصة إذا كانت أرضيتها ضعيفة وغير محصّنة ، تكون قابلة لكل ما يُعرض عليها دون توقف ، تُميز به بين الغث والسمين. الإعلام الورقي وهو ما يعرف بالصحف ، كان له إلى زمن قريب صولة وجولة ، يستمتع القارئ وهو يقلب أوراق الصحيفة التي بين يديه مهما كانت مستوى مادتها ، كان الناس يسارعون باقتنائها لقراءة مقالاتها وإعلاناتها وأخبارها ٠٠إلخ ومع بدايات الثورة التقنية (النتية) ومواقع التواصل الاجتماعي ، كان البعض ولربما كنت أحدهم يراهن على صلابة الصحف الورقية وعدم تأثرها بموجة الثورة التقنية وموادها ومنابرها المتنوعة ، إلا أننا مع مرور الوقت خسرنا الرهان وباتت الصحف الورقية تهوي رويدا رويدا ، ورأينا بعض الصحف العالمية ، كيف تحولت إلى الكترونية وبعضها قاربت على الإفلاس بدليل تسريح أغلب منسوبيها ، ولربما كان ثمة أسباب للإعراض عنها ، ومنها استكتاب أقلام ذو توجهات غير مقبولة ومصادمة لتوجهات السواد الأعظم في المجتمع ، بعدم تماشيها مع السياسة الإعلامية الواضحة للمملكة ، تراها تكرر إثارة بعض القضايا المرفوضة أصلا لدواعٍ ، إما أمنية أو أخلاقية ، هدفها الواضح تسويق ذاتها في محاولة مستميتة لإثبات الذات ، ناهيك عن تغليب رغبة رئيس تحرير هذه الصحيفة أو تلك لأهوائه وأجنداته ، فبمجرد اختلافك معه أو إبدائك وجهة نظرك حوله وحول مايطرح في صحيفته ، فلن تجد نفسك في الصحيفة حتى ولو كانت مقالاتك وطنية بحتة ، مما يعني أنه اتخذ موقفا شخصيا منك ، وهذا الأمر واضح وجلي ، ولكأنها ملك خاص لرؤساء تحريرها. في المقابل ، حضرت الصحف الالكترونية ، كالسيل الجارف ؛ فخطفت الأضواء من الورقية ،حتى باتت الأخيرة تندب حظها بدليل خسائرها المادية والمعنوية ، ولم يعد لها ذاك القبول ولا ذاك الحضور لضعف محتواها واعتمادها الكلي على الإعلانات ، تجدها أكوامآ مرصوصة في الوزارات والمستشفيات لا يُلتفت لها، ولعل من أسباب هذا الإعراض عنها ، عدم التجديد في كتّابها المعمرين لديها وخاصة أصحاب التوجهات المقلوبة، وقد أصرت عليهم لتصادم بهم المجتمع. الصحف الالكترونية تتميز بخصال تفتقر لها الورقية ، ولعل منها ، منح هامش كبير في حرية التعبير مع التقيد بالسياسة الإعلامية للمملكة ، وسرعة النشر خلاف الورقية التي فيها أنت تحت رحمة رئيس تحريرها ، يمكث مقالك أيامآ وآسابيع وربما أكثر في حالة قبوله للنشر ، ومن جهة أخرى أرى أن الصحف الالكترونية أوسع انتشارا من الورقية ، متى ماعرفنا أنها على شبكة النت أو في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة “تويتر”. العيب الوحيد في الصحف الالكترونية ، أنها تتلقف كل ما يردها ولا تخضع مقالاتها للتدقيق والتصحيح ، فتجد كثرة الأخطاء النحوية والإملائية ، متفشية فيها ، مع أن بعض الورقية لا تخلو من هذه الأخطاء ، ولكنها قليلة جدا قياسا على مايحدث في الالكترونية. أظن والله أعلم أن الورقية بعد سنوات قليلة ، ستحال للتقاعد قسرا ، وأن مقراتها ربما يُحرّج عليها أو تستفيد منها جهات أخرى. لم يتبق للورقية غير الإعلانات أما أخبار الحكومة والأخبار السياسية وغيرها ، فنجدها في “تويتر” حاضرة قبلها وفي الغد نرى الصحف الورقية تنقل منها. الصحف الورقية في هذه الفترة وخاصة في السنوات الثلاث الماضية من سوء حظها أنها في زمن الانفلات الإعلامي الذي يديره وللأسف جهلة صغار في السن هم للمراهقة أقرب ، مما أتاح الفرصة لرؤساء تحرير الصحف الورقية ، ليشرّقون ويغرّبون في محتوى صحفهم دون رقيب عليهم ، وفاقد الشيء لا يعطيه. إعلام يقوده جهلة ربما لايحسنون الطهارة والحصانة من النجاسة الجسدية والفكرية ، بدليل مانشاهده في الإعلام الجمعي من انحدار مخيف في مستواه ، وعبث في طروحاته ، وضياع لهويته ، في تحدٍ سافر لمحتوى مواد السياسة الإعلامية للمملكة. الصحف الالكترونية ، تنتصر على الورقية بفارق واسع من (النقاط والأهداف والمحتوى والتأثير والمتابعة) وترمي خلفها الصحف الورقية٠٠ودمتم بخير. الدكتور محمد احمد الجوير
مشاركة :