تقارب جزائري إيراني يتجاوز الأجندة المذهبية بقلم: صابر بليدي

  • 3/29/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري: علاقات البلدين تتجاوز ما يروج له حول وقوف طهران وراء التمدد المذهبي الشيعي في عدد من الأقطار العربية. العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/03/29، العدد: 10586، ص(4)]مجتمع مهدد بالانقسام الطائفي والمذهبي الجزائر - سجلت العلاقات الجزائرية الإيرانية خطوة جديدة تكرس توجه القيادة السياسية في البلدين لإرساء تحالف سياسي يتجاوز أجندة تصدير المذهب الشيعي إلى خارج الحدود الإيرانية بعد التوقيع على اتفاق ثقافي بين الطرفين. وأكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى، لدى استقباله وزير الثقافة والإرشاد الديني الإيراني رضا صالحي أميري، “أن علاقات البلدين تتجاوز ما يروج له حول وقوف طهران وراء التمدد المذهبي الشيعي في عدد من الأقطار العربية ومنها الجزائر”. وقال لوسائل الإعلام إن “الجزائر وإيران تتجهان إلى إرساء قواعد تعاون عميق وشامل في مختلف المجالات بما فيها التعبئة ضد انتشار التطرف الديني والأفكار الهدامة التي باتت تتخذ من الغطاء الديني وسيلة للتغلغل في أوساط المجتمعات من أجل العبث بأمن واستقرار الشعوب وتغذية النعرات العرقية والطائفية”. وكان البلدان قد وقعا مؤخرا على اتفاق تعاون في المجال الفني والسينمائي لإنتاج أعمال مشتركة والاستفادة من الإمكانيات والخبرات التي يتوفر عليها القطاع في البلدين، لطرح مقاربات الطرفين خاصة في ما يتعلق بالتعايش الديني ومحاربة ما أسماه عيسى بـ”التطرف والتشدد العقائدي”. وأعلن القائم بالشؤون الثقافية في سفارة إيران بالجزائر أمير موسوي في فبراير الماضي أن البلدين يخططان لتوقيع اتفاقيات تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والثقافية بما فيها الإنتاج الفني والسينمائي. وقال أمير، على هامش لقائه بنظيره الجزائري، إن الطرفين يبحثان تثمين الأواصر الثقافية والتراثية بين الشعبين وبعث تعاون ثقافي وفني يكرس عمق العلاقات بين البلدين. وتستعين إيران بالموروث الثقافي والديني والتراثي المنتشر في الجزائر والقارة الأفريقية عموما، كقاعدة لإطلاق أفكار التشيع والمد الأيديولوجي، انطلاقا من أن شعوب المنطقة مازالت على صلة ببعض الممارسات والطقوس العائدة إلى زمن دول إسلامية شيعية قديمة كالفاطميين والأدارسة الذين استوطنوا المنطقة. وكان عيسى قد نزه في تصريحات للإذاعة الرسمية الإثنين، إيران من تهمة الترويج والوقوف وراء تمدد المذهب الشيعي في المنطقة وأرجعه إلى ما أسماه بـ“دوائر ضيقة تقيم في عواصم عربية وإسلامية وغربية تعمل على إذكاء الأحقاد والضغائن الطائفية والمذهبية”. وقال “هناك وسائل إعلام معروفة لدى الرأي العام العربي والإسلامي توظف فتيانا وفتيات في إطلاق السباب والشتم بحق أمهات المؤمنين والصحابة الشرفاء، فتولد مباشرة مشاعر الحقد والاصطفاف المذهبي”. غير أن تصريحات عيسى تتضارب مع الواقع في الجزائر، إذ انتشر التشيع في السنوات الأخيرة بشكل لافت. وتقلل السلطات الجزائرية من حقيقة حملات التشيع خصوصا مع عدم ظهورها إلى العلن على شكل مجموعات تتخذ من الشارع والملتقيات طريقة للإعلان على نفسها. وكان عيسى قد كشف عن الشروع في التحضير لمشروع قانون لحماية الجزائريين مما أسماه بـ“الانحراف النحلي والمذهبي”، في إشارة إلى المخاطر التي بات يطرحها تغلغل الطائفة الأحمدية في الجزائر وتمدد خلاياها في مختلف مدن ومحافظات الجمهورية. وقال “إن الجزائر التي تكفل حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية يتعين أن تكون لها نصوص تشريعية تصون وحدة وصفوف أبنائها وتفوت الفرصة على من يريدون تقسيم الإسلام إلى مذاهب ونحل”. وأضاف “عندما يتحول المذهب إلى محاولات لبث الكراهية ونشر الضغينة والتهجّم على المقدسات كالمصحف والسنة والصحابة والتبشير الديني، والإقدام على تنظيم إفطار جماعي في شهر رمضان مثلا، يستوجب على الدولة التصدي لهذه المجموعات التي تتبنى هذه الأفكار الهدامة ولها ولاءات خارجية”. وبشأن ما راج عن مسعى داخل الحكومة لإغلاق المدارس القرآنية، أشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف إلى أنه لا توجد نية لغلقها أو تحويل وصايتها لقطاع آخر. وأوضح أن العمل منصب على إصلاح منظومة التعليم القرآني قصد إعطاء فرص أكبر للتعليم في الجنوب الجزائري بالقدر الذي يستفيد منه أبناء الشمال، في إطار مخطط يستهدف تنظيم المدارس القرآنية. وأضاف أنه سيتم تنظيم ملتقى خلال شهر مايو القادم، بغرض الوقوف على نتائج سنة كاملة من التفكير والوصول إلى صياغة برنامج موحد وتكاملي لكل الجزائريين. وجاء لقاء وزير الشؤون الدينية الجزائري مع نظيره الإيراني في أعقاب حملة على صفحات التواصل الاجتماعي لرفض الزيارة بسبب السياسة المذهبية والطائفية المقترنة بالقيادة السياسية في طهران. والتقى أميري الثلاثاء برئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبدالله غلام الله. وبحسب برقية لوكالة الأنباء الرسمية، فإن الطرفين اتفقا على عقد لقاءات بين علماء جزائريين وإيرانيين قريبا من أجل التصدي لـ“الجماعات التكفيرية والمتعصبة”. وكشف الوزير الإيراني عن “توجيه دعوة رسمية إلى رئيس المجلس الإسلامي الأعلى لزيارة إيران برفقة وفد من العلماء الجزائريين بغرض الالتقاء بنظرائهم في طهران وبحث سبل التصدي لمخططات الجماعات التكفيرية والمتعصبة”. وأكد أن “التواصل الثقافي بين بلدين يملكان تراثا عريقا كالجزائر وإيران، سيكون له أثر كبير في الحرب التي يخوضها العالم الإسلامي ضد الإرهاب”.

مشاركة :