تكتل نقابي جزائري يخترق الأجواء الانتخابية بمسيرة عمالية بقلم: صابر بليدي

  • 5/1/2017
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

تكتل نقابي جزائري يخترق الأجواء الانتخابية بمسيرة عماليةدخلت الجزائر منذ انهيار أسعار النفط منتصف 2014، في أزمة اقتصادية خانقة باتت تهدد توازناتها الكبرى، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ جملة من التدابير، لتقليص الإنفاق العام والحفاظ على احتياطها من العملة الصعبة من التآكل المستمر. وأثرت الإجراءات بشكل كبير على سياسة توظيف العائدات المالية النفطية في شراء السلم الاجتماعي والذمم الانتخابية.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/05/01، العدد: 10619، ص(4)]تحرك العمال يعزز خيار المقاطعة الجزائر - خلط قرار التكتل النقابي المستقل، بتنظيم مسيرة عمالية الاثنين، الذي يصادف اليوم العالمي للعمال، أوراق السلطة والطبقة السياسية المنشغلة بالحملة الدعائية للانتخابات التشريعية، المزمع إجراؤها الخميس القادم، خاصة وأن المسيرة، مرشحة للتوظيف السياسي، سواء من قبل أحزاب المعارضة المشاركة، أو من طرف المقاطعين. وشدد مسؤولو التكتل النقابي المستقل، على أنهم سيجددون مطالبهم للحكومة، والتي تتعلق بسحب قانون التقاعد الجديد، والمشاركة في إعداد قانون العمل، والحفاظ على القدرة الشرائية للفئات العمالية، في التدابير التقشفية المتخذة من طرف الحكومة لمواجهة تأثيرات الأزمة الاقتصادية. وجاء تزامن المسيرة العمالية مع بلوغ الحملة الانتخابية ذروتها، وبداية مرحلة الصمت الانتخابي، ليربك مساعي الحكومة من أجل إقناع الشارع بالتوجه الواسع إلى صناديق الاقتراع، وخطابات الطبقة السياسية والقوائم المستقلة طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية، الداعية للحد من خيار المقاطعة. وكان التكتل الذي يتكون من عدة نقابات عمالية مستقلة، قد باشر سلسلة أعمال احتجاجية خلال الأشهر الأخيرة، من أجل إسقاط المشروع الحكومي، القاضي بإصدار قانون عمل جديد، وتثبيت سن التقاعد في سن الستين، إلى جانب جملة من الرسوم والضرائب التي أنهكت القدرة الشرائية للطبقات الكادحة. ورفض القيادي في التكتل النقابي مسعود بوذيبة في اتصال لـ”العرب” أن يكون اختيار هذا التوقيت قد جاء من قبيل المزايدة السياسية، أو التأثير بشكل معين في مسار الاستحقاق الانتخابي، لأن التكتل يتلافى التوظيف السياسي للمطالب الشرعية للعمال الجزائريين. وأضاف “قرار تنظيم المسيرة العمالية في اليوم العالمي للعمال، اتخذ بالتوافق داخل الهيئة المسيرة للتكتل، من أجل تذكير الحكومة والرأي العام، بالمطالب الشرعية للعمال، خاصة وأن الفاعلين في السلطة، منشغلون بالانتخابات التشريعية، بينما تنتظر الطبقة العاملة التفاتة لحماية مكتسبات العمال”. وكان البرلمان المنتهية ولايته، قد صادق في نهاية العام الماضي، على قانون الموازنة العامة المثير للجدل، الذي كان محل انتقاد شديد من المعارضة السياسية والتنظيمات النقابية المستقلة، حيث تضمن إجراءات تقشفية طالت ملفات التقاعد وقانون العمل والقدرة الشرائية لغالبية الفئات الاجتماعية.تزامن مسيرة العمال مع الحملة الانتخابية يربك مساعي الحكومة لإقناع الشارع بالتوجه الواسع إلى صناديق الاقتراع ودخلت الجزائر منذ انهيار أسعار النفط منتصف 2014، في أزمة اقتصادية خانقة تهدد توازناتها الكبرى، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ جملة من التدابير، لتقليص الإنفاق العام والحفاظ على احتياطها من العملة الصعبة من التآكل المستمر. وأثرت الإجراءات بشكل كبير على سياسة توظيف العائدات المالية النفطية في شراء السلم الاجتماعي والذمم الانتخابية. وأبدى رئيس الوزراء عبدالمالك سلال، تشددا تجاه المطالب العمالية، بحجة الحفاظ على التوازنات المالية لصناديق التقاعد والضمان الاجتماعي المهددة بالإفلاس، ورفض أي تفاعل مع المطالب المرفوعة، رغم سلسلة الاحتجاجات والإضرابات المنفذة خلال الأشهر الأخيرة. وبغض النظر عن السياسة التي ستنتهجها الحكومة إزاء المسيرة الاحتجاجية، وإمكانية لجوئها إلى ذراعها الأمنية لإجهاض الاحتجاج، بدعوى حظر التظاهر في العاصمة، والتشويش على الاستحقاق الانتخابي، فإن الارتباك بدا واضحا عليها، باعتبارها تشكل عبئا غير مرتقب على توجه المشاركة الانتخابية. ولعبت الأزمة الاقتصادية خارج حسابات السلطة، في توظيفها المعتاد لمداخيل النفط لصالح مشروعاتها السياسية، مما ساهم في تنامي توجه المقاطعة، خاصة بعد فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية، وتغلغل المال الفاسد في مفاصل الطبقة السياسية. وجاءت التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء صادمة للشارع الجزائري، ومنذرة بأيام صعبة ستشهدها البلاد، بعد إقراره “بعجز الحكومة عن دفع مستحقات شركات محلية وأجنبية، تعاقدت معها لإنجاز مشاريع سكنية”. وحملت التصريحات مؤشرات خطيرة تدل على تقلص مداخيل الخزينة العمومية، وتنذر بشلل اقتصادي قادم يهدد قطاع البناء الذي يمثل رئة الاقتصاد الجزائري، وينذر بتوقف سياسة الإسكان المدعوم كليا وجزئيا من طرف الخزينة، وهي التي كانت أبرز الأوراق بيد الحكومة لاحتواء تململ الجبهة الاجتماعية. ويرى متابعون أن المعطيات الحكومية الجديدة، حول تراجع الإمكانيات المالية والاقتصادية للبلاد، ستبدد كل الأوهام التي كانت تسوقها السلطة، وستضع الحكومة في مواجهة الحقائق مع الشارع، فإذا تمكنت من احتواء أو قمع مطالب فئة معينة، فإنها لن توفق في وقف تململ الجبهة الاجتماعية. وبحسب هؤلاء فإنه مهما كان شكل ومضمون الانتخابات القادمة، ومهما كان تعاطي الحكومة مع مسيرة التكتل النقابي المستقل، فإن المؤسسات المنبثقة عنها (برلمان وحكومة) ستستلم قنبلة موقوتة بداية من الجمعة القادم، بالنظر إلى تركة الفشل والانهيار التي ورثتها الحكومات المتعاقبة للمؤسسات الجديدة. وفيما حاولت بعض الأحزاب اليسارية والعلمانية، توظيف الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة في حملتها الانتخابية للدفاع عن حقوق الفئات الكادحة والمكتسبات السابقة، فإن أحزاب السلطة وأطرافا في الحكومة، لمحت لما أسمته بـ“ابتزاز واصطياد النقابات المستقلة في المياه العكرة، وتوظيف المطالب العمالية لصالح جهات سياسية معينة”.

مشاركة :