يبدي خبراء أمن واقتصاد في سويسرا قلقاً شديداً إزاء أوضاع فنلندا، التي قد تشهد هجرة جماعية لعمالها نحو دول أوروبية أخرى، بينها سويسرا ولوكسمبورغ بسبب الأوضاع الاقتصادية المتأزمة فيها. إذ يشهد الإنتاج الفنلندي كساداً حاداً على رغم انتعـــاش اقتصادي متواضع جداً، بعدما مرّت على البلد مشاكل مالية على مدى ثلاث سنوات، فيما معدل البطالة يبلغ حالياً 9.4 في المئة مقارنة بنسبتها في السويد، التي تراجعت إلى مستويات تاريخية وصلت إلى 4.1 في المئة فقط. وفي موازاة ارتفاع تكاليف الإنتاج، يتراجع مؤشر الثقة لدى المستهلكين الفنلنديين. ويجمع الخبراء في زوريخ، على أن فنلندا وهي الدولة الاسكندنافية الوحيدة المنتمية إلى كتلة دول الاتحاد الأوروبي، وتتمتع بخط سياسي مناهض لليورو والمهاجرين معاً، مرشحة كي تكون «يونان» شمال أوروبا، نظراً إلى أوضاعها الاقتصادية المتردية. ولافت أن البطالة الفنلندية تستهدف العمال المتقدمين في السن، في الأنسجة الإنتاجية التقليدية. كما تحولت إلى موجة مدمرة لدى العمال الشباب وأحلامهم، فيما لم يعد لتواجد «نوكيا» تجارياً حول العالم، أي ثقل بما أن شركات «آبل» و «هيواوي» و «سامسونغ» سرقت حصصها في أسواق الهواتف الخليوية. وفـــي فنلندا اليوم واقعان تجاريان، الأول معروف باسم فئة «لايبور انتنسيف» وهو يضم يداً عاملة في القطاع الإنتاجي الكلاسيكي الذي يتقهقر. ويوازيه آخر معروف باسم «كابيتال انتنسيف» ويحتضن شركات تعمل في قطاع الإنترنت وقادرة على تحقيق أرباح سريعة، لكن بعدد قليل جداً من الموظفين. ويبدو أن فنلندا تحتاج إلى التحول للاعب عالمي حديث، يحتضن شركات مثل «فولفو» و «صاب» للطيران وغيرها كما في السويد، أو قادر على تأسيس شركات مماثلة لـ «ليغو» و «دونغ» السباقة في قطــــاع توليد الطاقة بالرياح في الدنمارك. وتسجل فنلندا أيضاً نقصاً فاضحاً في المبادرات الإبداعية كما تلك المحققة في النروج، التي تحولت إلى دولة بيئية بامتياز، أو في إيسلندا التي تمكنت من الخروج من أزمتها المالية بين عامي 2008 و2009، بفضل السياحة البيئية والطاقة النظيفة والتكنولوجيا التي اشترتها من الصين. وربما يكمن امتناع فنلندا عن البحث عن بدائل تجارية أخرى، إبداعية وغيرها، في اصطدامها بزيادة تكاليف الإنتاج في القطاعات الرئيسة، من 2.4 في المئة صعوداً إلى 3.9 في المئة. ويشير محللون سويسريون إلى أن مشاركة فنلندا في كتلة اليورو «رمزية» وتُنعش بالصدمات الكهربائية بين الفينة والأخرى عبر سكك «التقشف». كما تحاول حكومة هلسنكي عزل النقابات العمالية، بهدف خفض معاشات الموظفين وتكاليف الإنتاج معاً. وتتخوف حكومة برن من أن تؤول سياسات فنلندا العمالية الفاشلة إلى إشعال فتيل هجرة العمال إلى دول أخرى، تُعتبر سويسرا مقصداً رئيساً من بينها.
مشاركة :