البرلمان المصري يضع السيسي في مواجهة مع القضاة بقلم: أحمد حافظ

  • 3/31/2017
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

مجلس النواب يمنح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سلطات جديدة تخوله اختيار رؤساء الهيئات القضائية.العرب أحمد حافظ [نُشر في 2017/03/31، العدد: 10588، ص(2)]خط أحمر القاهرة - وضع البرلمان المصري الرئيس عبدالفتاح السيسي في مواجهة مع القضاء، بعد أن منحه سلطات جديدة في طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، لتكون له الكلمة العليا، وهو ما رفضه القضاة بشكل نهائي، ولوحوا بتصعيد غير مسبوق، إذا لم يتم التراجع عن ذلك. واستقر نادي قضاة مصر على أن يكون السيسي، باعتباره ممثل السلطة التنفيذية، الفصل والحكم بين السلطتين القضائية والتشريعية، وفوّض القضاة رئيس النادي في طلب عقد لقاء عاجل مع الرئيس السيسي للتوصل إلى حل للتعديلات التي أقرها البرلمان على قانون السلطة القضائية، دون موافقة مؤسسة القضاء. وقال علي عبدالعال رئيس البرلمان إن التعديلات لا تمس استقلال القضاء ومطابقة للدستور، في حين يصرّ القضاة على أن تدخل السلطة التنفيذية في اختيار رؤساء الهيئات القضائية، يخالف الدستور. ووافق البرلمان الاثنين الماضي، على تعديلات تقضي باقتراح الهيئات القضائية أسماء ثلاثة شخصيات من بين أقدم سبعة بكل هيئة ليختار منهم رئيس الجمهورية اسم رئيس الهيئة القضائية ويصدر قرارا بتعيينه، بينما المتبع منذ سنوات أن كل هيئة ترفع اسم أقدم قاضِ عندها ليعيّنه الرئيس. وأكد نادي القضاة في اجتماع طارئ عقده الأربعاء، أن “كل الخيارات مفتوحة للتصعيد ضد تعديلات البرلمان على قانون السلطة القضائية، بما لا يمس أمن الوطن، وسوف نلجأ لرئيس الجمهورية لحل المشكلة قبل تصاعدها باعتباره الفيصل بين السلطتين التشريعية والقضائية”. وأشار أحمد مهران، رئيس مركز القاهرة للدراسات السياسية لـ“العرب” إلى أن “الحاصل الآن يتلخص في أن البرلمان وضع السيسي في مواجهة مع القضاة وترك له حرية الاختيار بين توسيع صلاحياته التي اقترحها النواب أو رفض الصلاحيات لإرضاء الهيئات القضائية”. ويرى مراقبون أن لجوء القضاة إلى السيسي يستهدف إحراجه، لأن اعتراضهم بالأساس يرجع إلى منحه صلاحيات واسعة للتدخل في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وقتها قد يضطر للتنازل عن هذه الميزة لتجنب الظهور بأنه راغب في المزيد من الصلاحيات. ويقول هؤلاء إن علاقة البرلمان برئيس الجمهورية وتأييد الأغلبية المطلقة له تسمح بأن يسترضي القضاة على حسابهم لتجنب وجود صراع بين السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية). واستبق رئيس البرلمان هذه الخطوة بتأكيده خلال جلسة التصويت على تعديلات قانون السلطة القضائية بأنه “لا يمكن لأي جهة في مصر أن تقوم بحل البرلمان، وإذا كان القضاة أبدوا رفضهم للتعديلات فإن رأيهم استشاريا وليس إلزاميا، وعليهم احترام أن البرلمان مصدر التشريعات وفق نصوص الدستور”. وتوقعت دوائر سياسية أن يلجأ السيسي إلى حل هذه الأزمة من خلال طرفيها (القضاء والبرلمان) دون تدخل مباشر منه، بأن يتم إضافة تعديلات على ما أقره البرلمان من خلال مجلس الدولة (جهة قضائية إدارية)، الجهة التي أرسلت إليها التعديلات للموافقة عليها أو طلب تعديلها ثم إعادة إرسالها للبرلمان لإقرارها نهائيًا، ويستجيب البرلمان لما انتهى إليه رأي مجلس الدولة. ويلزم المشرّع المصري مجلس النواب أن يحصل على موافقة مجلس الدولة أولًا قبل الإقرار النهائي لأي تشريع قانوني أو تعديلات، وفي حال وجود تحفظات على بنود بعينها، يقوم مجلس الدولة بإرسالها للبرلمان لتعديل نصوص المواد. ونجت المحكمة الدستورية العليا فقط من التعديلات التي أقرها البرلمان على قانون السلطة القضائية، وبقى الوضع على ما هو عليه، بأن تجتمع الجمعية العامة للمحكمة لتختار أكبر أعضائها سنًا رئيسا لها، ويتم مخاطبة رئيس الجمهورية لتعيينه. وقال قضاة لـ“العرب” إن الهيئات القضائية تدرك أن هناك توافقا بشكل كبير مع رئيس الجمهورية الحالي، لكنهم يخشون المستقبل من أن يأتي للبلاد رئيس يتصادم مع القضاء ويدفعه لاختيار شخصيات ليست على هوى السلطة القضائية، كما أن المغزى من التعديلات غير مفهوم، خاصة أن القضاة أنفسهم لم يشتكوا من طريقة اختيار رؤساء الهيئات. واعتبر البعض من القضاة أنّ ما أقدم عليه البرلمان “جريمة” في حق استقلال القضاء، وعلى السيسي أن يختار بين السعي إلى السيطرة على السلطة القضائية، أو ترسيخ مفهوم استقلالية القضاء لتجنّب وصفه بـ“المستبد” حتى لو لم تكن دوائر الحكم من أوصت البرلمان بالإقدام على هذه الخطوة. ويرى معارضو التعديلات، سواء في البرلمان أو في الشارع السياسي، أنها سوف تحوّل القضاء إلى تابع لرئيس الجمهورية، فضلا عن أن طريقة الاختيار نفسها تجعل البعض من القضاة يرتكبون أفعالًا تتعارض مع قدسية المنصب، لأجل التودد ليكونوا من يقع عليهم الاختيار لرئاسة الهيئات القضائية. وأضافوا أن القاضي الأكبر سنًا يعلم مسبقًا أنه من سيأتي لرئاسة الهيئة، والأصغر منه يدرك ذلك ولا يسعى لذات المنصب إدراكًا بأن العرف القضائي يمنع ذلك، وبالتالي لم تكن هناك ضغوط أو آمال تراود البعض في احتلال منصب رئيس الهيئة، بعكس ما يحدث في ظل التعديلات الجديدة التي تلغي الأقدمية، ما يخلق تنافسًا داخل السلطة القضائية ذاتها أو بين المرشحين للمنصب، وبعضهم قد يتقرب لأجهزة وجهات لها علاقة بصانع القرار.

مشاركة :