بالتأكيد نحن بحاجة إلى كل ما اخترعه الإنسان وابتكره عقله وخياله، ولا شك أن بعض الابتكارات التي عرفتها البشرية نالت حظاً أوفر من الانتشار والاستخدام، وتأتي الكهرباء في مقدمة تلك المخترعات والمبتكرات التي قلبت الموازين وغيرت المفاهيم، وأصبح إنسان اليوم يعي تماماً المنجزات الباهرة والمميزات الرائعة التي تحققت في مجالات الكهرباء، ما يرى لزاماً عليه حسن استخدامها والتعامل معها للاستمتاع بمزاياها الباهرة وفي الوقت نفسه الوقاية من أخطارها الماحقة، ولهذا تزايدت الحاجة للشعور بالأمان من تلك المخاطر لأنه قد يحدث بسبب الجهل أو التهاون بها أو سوء الاستخدام لها حوادث وكوارث مأساوية من قبل المستفيدين منها ناهيك عن الخسائر الناجمة من عطب الأجهزة والمعدات والممتلكات جراء الاستخدام غير السليم للكهرباء التي تعد في حد ذاتها سليمة وآمنة للشخص العاقل والمتدبر وخطرة ومميتة للجاهل والمستهتر. ولما كانت حياة الإنسان أغلى ما في الوجود وسلامته هي غاية بذاتها فعلينا أن نمتثل لقول ربنا تبارك وتعالى: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» البقرة: 195. إذن بجانب ما للكهرباء من فوائد ومزايا معروفة لدى الجميع بيد أن هناك عديداً من المخاطر التي قد تنجم بسبب الجهل ببعض المفاهيم المتعلقة بهذه الظاهرة الفريدة ومنها ما قد يؤدي إلى إزهاق الأرواح ومنها ما قد يقود إلى الكوارث والحرائق وإتلاف الممتلكات. ولكن هذه الأخطار ستكون بعيدة وغير محتملة الحدوث بمشيئة الله عند استخدام الكهرباء الاستخدام الأمثل وتطبيق شروط السلامة المطلوبة وفي حدود التشغيل المقرر، لأن أخطار الكهرباء تنتج أساساً من الاستخدامات والتعاملات الخاطئة وغير السليمة من قبل الكبار وعدم الإدراك والمعرفة بمدى خطورة التيار الكهربائي عند الصغار إضافة إلى التلف الذي قد يصيب الأسلاك والموصلات التي تنقل التيار الكهربائي مما يحدث التماس الكهربائي الخطر ذلك لأن التيار الكهربائي مؤلف من قطبين أحدهما سالب والآخر موجب والتقاؤهما المباشر (الذي يعرف بالتماس الكهربائي) يولد الشرارة فالحريق فالكوارث المهلكة نسأل الله السلامة. إن أبرز المآسي والكوارث التي تحدث بسبب الكهرباء وتودي بالأرواح والممتلكات هما الصعق الكهربائي والحرائق. فالشخص قد يتعرض للصعق الكهربائي إذا لامس سلكاً مكهرباً، ما يجعل التيار الكهربائي يسري في جسمه فيخترق العضلات والأجهزة الحساسة والمتحركة كالقلب والرئتين، ما يشل ويعطل وظائفهما، كما يكون له تأثير كيميائي في تحليل بعض السوائل المهمة في الجسم كالدم والبلازما والمخ والمواد النخاعية، وآخر حراري كأن يترك آثار حروق وكدمات في الجلد، وقد تصل هذه الآثار إلى درجة الوفاة (لا سمح الله) إذا لم يبادر في قطع التيار الكهربائي ويتم إسعاف المصاب في الحال. أما الأثر الثاني الذي يحدث بسبب الكهرباء فهو الحرائق، ومن المعروف أن أسباب نشوب الحرائق تعزى بنسبة كبيرة إلى التماس الكهربائي وسوء التركيبات الكهربائية والتحميل الزائد على الأسلاك والموصلات الكهربائية والمقابس (الأفياش)، ما ينجم عنه كوارث جمة تذهب بسببها الأرواح والأموال. ولقد بينت إحصاءات الدفاع المدني لدينا أن هناك نسبة كبيرة من حوادث الوفيات والإصابات والحرائق تأتي بسبب الجهل والإهمال وسوء استخدام الكهرباء والتعامل الخاطئ مع الأجهزة والمعدات المستخدمة، كذلك التسليكات والتركيبات الرديئة وعدم مراعاة أصول وقواعد السلامة في تمديداتها. وهناك الكثير من الإرشادات والتعليمات صدرت في كتيبات ومطبوعات ومواصفات من قبل الدفاع المدني وشركة الكهرباء والجهات المختصة للتوعية العامة بأصول السلامة الكهربائية والإرشاد إلى الطرق الصحيحة التي يجب اتباعها والاسترشاد بها في كيفية التعامل مع الأجهزة والمعدات الكهربائية التي تزخر بها بيوتنا بشكل آمن وسليم امتثالًا لقول الله عز وجل: وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ «إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً» النساء: 29. * أستاذ الهندسة الكهربائية – جامعة الملك سعود مستشار لدى الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة
مشاركة :