الغش في معارض عقارية - مقالات

  • 4/4/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

شاءت الصدف أن أستمع لمتحدثة في الإذاعة، تعبر عن غضبها بعد ما وقعت فريسة لإحدى الشركات المشاركة في المعارض بشرائها عقاراً في الخارج، فخسرت أموالها بسبب النصب الذي لحق بها من دون أن تعرف كيف تسترد حقوقها رغم محاولاتها المتواضعة. ولقد حفزني الموضوع، أن أتذكر حوادث أخرى مماثلة حدثت في عمليات شراء عقارات في أرض المعارض، حيث وقع العشرات من المواطنين والوافدين، ضحايا شركات عقارية مرخصة من الدولة لكي تشارك في المعارض العقارية كل سنة بموافقة وترخيص من وزارة التجارة والصناعة.إن شكاوى الناس من التلاعب والفوضى في بعض المعارض العقارية، لا أظن أنها خافية على الحكومة، ولا تستطيع وزارة التجارة والصناعة نفي أساليب التحايل التي زادت في السنوات الأخيرة بشكل لافت، خصوصاً وان عدد المعارض العقارية زاد في السنة الواحدة، بحيث لا يفوت شهر إلا وهناك معرض أو أكثر، مما يسمح باستمرار الغش التجاري في مشاريع عقارية معروضة، واستغلال الثغرات في القوانين من دون رقابة صارمة على هذه الشركات...أما أنواع الغش والتلاعب فهي كثيرة، بعضها يصعب على المشتري مهما بلغ من فطنة وإلمام بقوانين البيع العقاري في الداخل والخارج، أن يتفاداها، فما بالك بالمشتري العادي غير المدرك لمختلف المصوغات القانونية لشراء العقارات من شركات مرخص لها من الوزارة أن تبيع ما لديها في المعارض العقارية.ومن أنواع التحايل أن بعض الشركات العقارية هي شركات تسويقية، أي أنها ليست مالكة للعقارات المعروضة للبيع، وبالتالي تدرك أن مسؤولياتها القانونية محدودة، ولن يقاضيها أحد في حال بيعها لعقارات عليها مشاكل بين المالكين أو الورثة أو لا يمكن تسجيلها، وخصوصاً عندما تكون عقارات في الخارج تختلف انظمة التسجيل العقاري وقانونية الملكية بين دولة وأخرى.يخبرني أحد الزملاء، بأنه تفاجأ بشراء عقار من المعارض العقارية في البلاد ودفع الثمن على أن تقوم الشركة بتسجيل العقار في الخارج، وبعد مماطلة وانتظار مدة طويلة، وجد أن العقار يقع في منطقة نائية بعيدة عن المدن، وليس هناك طرقات، بل ان البناء ممنوع في العقار نتيجة عدم إقرار مخطط من الدولة في الخارج يسمح للبناء في المنطقة.ولقد وجد أن بعض الشركات ترخص اعلانات باسم شركة لكنها توقع عقود الشراء باسم طرف آخر ليس له سجل تجاري. أما الادعاء بأن هناك أراضي زراعية في الخارج رخيصة الثمن قريبة من الأنهار والبحيرات وتتمتع بمناظر جميلة، وأنها يمكن تحويلها إلى أراضٍ سكنية رغم استحالة ذلك، هي ادعاءات باطلة وكاذبة يصدقها المشتري من دون أن يدري أنها عملية غش. ناهيك عن الوعود والعقود الوهمية التي لا تحمي حق المشتري، ولا يستطيع استرداد أمواله مهما حاول وسعى لدى الجهات المختصة.هذه المخالفات وغيرها لا تسيء فقط إلى المواطنين والوافدين، الذين يدفعون من مدخراتهم لشراء العقارات، وإنما كذلك للدولة التي تحتضن على ارضها مختلف الشركات المحلية والخارجية، وتوافق على مشاركتها والترخيص لها بتداول بيع العقارات في إطار القانون، لكن لا تدرك أن بعضها محتالة، ويجب إقصاؤها من العمل والتجارة في العقار، وخصوصاً تداول بيع وشراء العقارات في الخارج.إن وزارة التجارة والصناعة المشرفة والمسؤولة عن تراخيص المشاركة للشركات في المعارض العقارية، تقع عليها مسؤوليات ضعف رقابتها والخلل في تنظيم المعارض، وعدم وضع القيود الكافية التي تمنع التلاعب من الشركات. وما لم يتم تنظيم عمل المعارض العقارية، واقصاء الشركات المخالفة، وتوفير كل ما يلزم لحماية الناس من الاستغلال والغش العقاري الذي يسهل مزاولته في غياب الضوابط والرقابة والقانون، فإن الحالة الراهنة ستتفاقم في شكل أكبر يترتب عليهااتساع دائرة الإساءة، ليس للناس فقط وإنما كذلك للدولة المسؤولة عن إقامة المعارض العقارية على أراضيها...yaqub44@hotmail.com

مشاركة :